الحساب
المفتوح
بقلم:
إياد القرا
"عِد
جنودك" هي الكلمات الأكثر سحرًا التي صدرت عن حركة حماس منذ الحرب على غزة، وتركت
تأثيرًا قويًّا على المستويات القيادية العسكرية والسياسية لدى الاحتلال الذي ينشغل
في حلّ اللغز وفكّ طلاسم الصندوق الأسود الذي تمتلكه كتائب القسام.
بعض الرموز
متوافرة لدى الاحتلال، ويعرف جزءًا منها لكن لا تكتمل إلا بالصندوق الأسود, "وهو
ما لن يتمكن من الحصول عليه إلا بدفع الثمن".
ذهب الاحتلال
لحرب 2014 دون حسم أوراقه ولم يكن مهيّأً لها، ودفعت به قيادته السياسية لدفع ثمن كبير
من خلال الخسائر التي تكبدها عسكريًّا واقتصاديًّا، وفي أكثرها صعوبة ما يدفعه بعد
ذلك ضمن الحساب والملفات المفتوحة التي تحدث عنها أبو عبيدة الناطق العسكري باسم كتائب
القسام قبل أيام.
من خسائر
الاحتلال في الحرب الأخيرة، تمكُّن المقاومة من وضع قواعد جديدة للمواجهة والاشتباك،
وفي أي حرب قادمة يكون للمقاومة دور مهم في إدارة دفة المواجهة، وما تم من بعض الخطوات
على حدود غزة ما هو إلا جزء من ذلك، وأيضًا كسر هيبة جنود الاحتلال أمام المقاتلين
في الميدان، وهناك روايات نشرت حول ذلك وأخرى تحتفظ المقاومة بها نقلها مقاومون عادوا
من القتال.
الخسائر
الاقتصادية الهائلة التي تعرض لها القطاع الاقتصادي والزراعي بدون تعويضات، وكذلك قطاع
السياحة والمواصلات وغيرها، من المجالات التي لم تكن ضمن القطاعات التي تتأثر في الحروب
السابقة، إلى جانب فقدان الأمن الشخصي لسكان الكيان نتيجة الخطر الدائم على مدار
51 يومًا وهي المدة الأطول في حروب الاحتلال، وهو ما لم يعتَدْ عليه المستوطنون، وتهجير
ما يزيد على مليون مستوطن من مناطق الجنوب نتيجة عمليات القصف، وغياب السند الاجتماعي
لهم، وعدم قدرة الأجهزة الرسمية الإسرائيلية على التعامل مع مثل هذه الحالات.
ما سبق
يبدو قليلًا أمام الكابوس الدائم وهو مصير الجنود المفقودين في غزة، وعددهم، وظروفهم
الصحية، وما هو الثمن الذي سيدفع مقابل معرفة مصيرهم؟، وهو ما فضح طريقة تعاطي قيادة
الجيش مع الوقائع من خلال بث معلومات كاذبة وخداع عائلات الجنود وخاصة من تعرضوا لعمليات
فتك كبيرة في الميدان، ما يدعو غالبيتهم للريبة والشك في مصير أبنائهم.
الحساب
المفتوح بين الاحتلال والمقاومة ليس بالمواجهة القادمة التي يكاد الجميع يجزم أنها
قادمة، والتي ستكون لها اعتباراتها وظروفها الخاصة، لكن الحساب المفتوح مرتبط بملفين
مهمين: الأول ملف المفقودين الإسرائيليين في غزة، وهو ملف مغلق لدى حركة حماس وترغب
بأن يبقى كذلك لحين دفع الاحتلال الثمن.
الملف
الثاني؛ هو خفايا سير العمليات العسكرية بين الاحتلال والمقاومة خلال الحرب، والتي
يتضح أن المقاومة لديها من الأسرار الكثيرة تحتفظ بها وأعلنت عن القليل منها، ترتبط
بالإمكانيات العسكرية مثل طائرة أبابيل التي لا يعرف إلى أين وصلت عمليات تطويرها!،
وكذلك خفايا العمل خلف صفوف العدو ما بعد الحرب وقبلها، وما أعلن عن وصول المقاومة
إلى موقع "زيكيم العسكري" ورصده مسبقًا.
كل ذلك
يثبت أن المقاومة لم تتوقف عن تطوير خططها وبرامجها لمواجهة الاحتلال، وأن هواجس الاحتلال
بما يحدث بالقرب من الحدود وغيرها من السيناريوهات المرعبة غير مستبعدة، وقد يكشف قادم
الأيام خفايا الملفين السابقين, وأن الحساب مفتوح على كل الاحتمالات.
المصدر:
فلسطين أون لاين