الحفاظ على حق العودة
رشيد حسن
من جملة الحقائق التي أكدتها الثورات العربية حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم وتذكير العالم كله بهذه الحقيقية، وخاصة العدو الصهيوني من خلال النفير إلى فلسطين في ظل النكبة والنكسة وسقوط عدد من الشهداء والجرحى برصاص العدو وهم يحاولون اقتحام هذه الحدود والعودة إلى وطنهم الذي طردوا منه بقوة السلاح وبفعل جرائم عصابات الاحتلال.
ومن هنا فباعتقادنا أن الحفاظ على حق العودة، ماثلا في ضمائر الجميع، يستدعي التمسك بالقرار 194، الذي ينص على حق العودة والتعويض معا.
وفي هذا الصدد فلا بد من التذكير بأن الامم المتحدة قد أكدت هذا الحق أكثر من مئة مرة كما يقول المؤرخ الفلسطيني د. سلمان أبو سته، ما يعني أن المجتمع الدولي يصر على تنفيذ هذا القرار وتخليص الشعب الفلسطيني من الكارثة التي حاقت به ولا مثيل لها بالعالم.
إن الحفاظ على حق العودة يتطلب من السلطة الفلسطينية والدول العربية الشقيقة التمسك بهذا الحق وعدم التفريط به أو إخضاعه إلى المساومة كونه حقا مقدسا لا يسقط بالتقادم، ويتطلب أيضا تجميد المبادرة العربية التي ساومت على هذا الحق وأخضعت العودة إلى موافقة العدو في ضوء رفض عصابات الاحتلال لهذ المبادرة، ورفضها لكافة قرارات الشرعيه الدولية وإصرارها على تهويد الأرض والقدس، ونفي الشعب الفلسطيني، ولعل ما تتعرض له القدس من تهويد صاخب وتغيير معالمها العربية الإسلامية، حتى وصل الأمر بالعدو إلى عبرنة أسماء الشوارع والمعالم الجغرافية، يستدعي كل ذلك التمسك بحق العودة، وبكل الثوابت الفلسطينية كرد وحيد على المشروع الصهيوني الإستئصالي، الذي لم يعد يشكل خطرا على فلسطين وحدها، بل على الأمة كلها في ظل الدعم الأميركي اللا محدود ليبقى الكيان الصهيوني أكبر قوة عسكرية إقليمية في المنطقة.
التمسك بحق العودة، يجب ألا يبقى حبرا على ورق، بل يجب أن يترجم الى فعاليات ومسيرات على طول العام، في كافة العواصم والمدن العربية، واماكن تواجد اللاجئين في اربع ارجاء المعمورة، وعلى الحدود مع الوطن المغتصب، لتذكير العالم بالجريمة الصهيونية التي اقترفها العدو منذ أكثر من "63" عاما، وتذكير واشنطن وحلفائها بان اي حل للقضية الفلسطينية، لا يتضمن عودة اللاجئين الى مدنهم وقراهم التي طردوا منها بقوة السلاح، هو التفاف على القضية الفلسطينية، وتفريغها من محتواها ومضمونها الحقيقي، وهو عودة اللاجئين. باختصار... ان عودة اللاجئين الى واجهة الاحداث، بفعل الثورات الشعبية العربية، هو تأكيد بأن الأمة لا تفرط باوطانها، ولا تنسى مقدساتها، وان الشرط الوحيد لتحقيق الكرامة والحرية لشعوب الامة، علاوة على رحيل الحكام الطغاة، هو عودة اللاجئين الفلسطينين، وتحرير القدس، من الصهاينة المجرمين، تأكيدا للحقيقة الازلية بان "الصراع مع العدو الصهيوني هو صراع وجودة لا صراع حدود" التي حاول المطبعون الانتهازيون طعنها في لحظة أفول شمس الامة.
"ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين" صدق الله العظيم.
المصدر:الدستور