الحلم الفلسطيني الثابت
أخذتني الحيرة كيف أبدأ مقالتي فقد أنتابني إحساس عجيب يحمل في طياته عدة تساؤلات.. الحُلم الفلسطيني معروف لدى الجميع ويتمنى كل فرد من ابناء فلسطين وهو من الثوابت.. "استرجاع فلسطين والعيش على ترابها المقدس" هنافي هذا الزمن تولد حُلم جديد لدى الفلسطيني.. لا ندري من سمح لهذا الحُلم بالدخول على حُلمنا الثابت.. مخطط خارجي أم صراع من داخل أنفسنا أم القدر صبّه الينا في طريق تحقيق حُلمنا الثابت.. في البداية أحببت ان أبحث عن سر حُلمنا الثابت وما هو سر هذا الصبر الطويل والتحمل الكبير لدى ابناء شعبي.. كثير من الدول عاشت محن وحروب ولكنها تناست لعدة أسباب ربما الملل أو حقناً للدماء أو تقديم تنازلات من أجل تحقيق شيء ما.. لكن شعبي الجبار رغم تراكم السنين الطوال على احتلال فلسطين اكثر من ستون عام.. رغم الحروب المتواصلة والمستمرة ضده.. رغم مساندة دول كبرى للعدو.. رغم تخلي الدول العربية عنه.. رغم الدمار من هدم وقتل واعتقال.. رغم بناء المستوطنات وتشريد ابناء شعبي.. رغم ملاحقتهم حتى في دول أخرى وتهجيرهم الى ابعد المسافات.. رغم تعدد الاجيال.. رغم أن الجيل الذي ولد في فلسطين بدأ يتلاشى.. الان هذا الشعب ما زال يحلم بعودة فلسطين.. حتى الطفل الذي يولد في إحدى الدول البعيدة يذكر فلسطين عند أول يوم يدرك فيه.. لكأن رحم كل أمرأة فلسطينية هو مدينة من فلسطين كان يعيش فيها هذا الجنين.. كل ذلك والعالم بأسره لا يدرك أو لا يريد أن يدرك هذا الاصرار.. لا يدرك أن الله خلق كل فلسطيني يحمل حب وطنه في داخله.. لو قرأنا حقيقة هذا الشعب وما تعرض اليه وما زال.. وما قدم من التضحيات فاقت ما قدمته قارة بأكملها من التضحيات واكثر وما زال مصرا على ما نشأ عليه.. رغم هذا الحُلم الثابت العظيم الا انه هناك حُلم جديد اصبح يشغل الفلسطيني.. هذا الحلم الذي بدا يكبر ويكبر حتى وصل الى ذلك الجنين ليخرجه من ذلك الرحم الفلسطيني لتلك المدينة الفلسطينية... (وحدة الصف) هذا الحُلم الذي كان عليه أن لا يُولد ولا يُسمح لأحد أن يحلم فيه ولكن فرقة الاخوة بدأت من الجهات العليا وللأسف وصلت الى أدنى طفل بين ابناء شعبي.. لمصلحة من هذا الشق.. من المستفيد.. اثنان يخصهم أشياء واحدة : الوطن.. الارض.. اللغة.. الدين.. الجرح.. العدو.. النسب.. القرب.. الهدف الحُلم.. يتخاصمون من ماذا ؟ يتقاتلون !!.. يعتقل الواحد الاخر!!.. والعدو يبتسم فاتحا ثغره المملوء بالسُم.. يقف مع طرف ضد الآخر ليزيد من الفرقة والانشقاق..الدولة العربية المخلصة تتحرك بأسلوب سلس منهم من يقف مع الطرف الاول ومنهم من يقف مع الطرف الثاني.. كأنها مباراة لكرة القدم.. عفوا حلبة مصارعة يتراهنون عليها الاثرياء.. هنا تذكرة.. في مباراة لكرة القدم للفريق العراقي حين استطاع أن يخطف الكأس في بطولة اسيا هذا الفريق البسيط استطاع ان يوحد اطياف الشعب العراقي من الطائفية والانقسام الذي زرعه الاحتلال واسياد الكراسي في الحكومة العراقية.. عندما صفق الاثنان معا على مدرجات الملعب او امام شاشات التلفاز في المقاهي لم نستطع ولا حتى كل أجهزة امريكا ان تحدد من هو سني ومن هو شيعي..هذه التسميات والفصائل لها نضالها وبطولاتها ولا أحد ينكر ذلك.. لماذا نجعل منها حالة انقسام داخل ابناء الشعب ؟! ما دامت جميعها تصب في هدف واحد وتحمل نفس الجرح لماذا لا نعيش تحت عنوان المبدأ الاوربي الذي ينص على قبول الاخر؟!.. وصل الصراع الى المنافسة على الاوهام لكي ابرز على الطرف الاخر فاصبح الجميع يقول أنا.. أنا.. بالرغم من عدم وجوده في نظر الشعب.. ليخترق هذا السُم جسد أبناء شعبنا في الشتات وتنشأ معه المشاكل ومزيد من الانقسام وتعميق الجرح.. حتى بدا هذا الحُلم الدخيل يعلو ويصبح حُلم كل فلسطيني.. ليقف خطيب يوم الجمعة على المنبر ليدعو الله ان يوحد الاخوة بينهم.. يا الهي الكلمة تدل على معناها الكبير (أخوة) هذه بحد ذاتها لا توجب الانقسام.. بعد ان كان يدعو الله تحقيق الحُلم الثابت وهو تحرير فلسطين ودحر العدو.. هنا يجب ان نقف حتى عن الكتابة وعن التصريحات ونباشر الى العمل كي نصل الى محو هذا الحلم الدخيل الذي يحاول ان يطغى على حُلمنا الثابت.. نقف معا نساعد بعضنا في ابسط الامور كي ينمو هذا العمل ويرتقي الى من هم اعلى شأناً في الساحة السياسية.. علينا ان نخلع ثوب الفصائل بيننا ولا نرتديها الا ضد اعدائنا..فشهيد كل فصيل هو شهيدي من أجل فلسطين.. وجرحى كل مدينة هم أهلي.. ومعتقلي السجون هم عيوني..علينا ان نُرجع للعالم المعنى الحقيقي الذي عُرفنا به منذ القدم.. علينا أن نبتسم ونمد العون لكل وجه فلسطيني اينما كان وان اختلفتُ معه بالانتماء.. علينا ان نجمع بنادقنا ونحولها الى فوهة واحدة ضد اعدائنا..علينا ان نوحد نبضات قلوبنا.. ابتساماتنا.. احزاننا.. كراسينا.. علينا الكثير ولنبدأ من الصغير نسقيه حب بعضنا ليعلو هذا الحب الى اعلى الشجرة.. علينا أن.. نصلي في القدس.. ان يكون فطورنا في يافا.. وغداءنا في حيفا.. عشاءنا في عكا.. سهراتنا على شاطئ غزة.. اعيادنا في رام الله ان نقضي الصيف في غابات الجليل.. ان نتجول في كل من فلسطين.. وعند كل مدينة.. ارى فيها..
اخي.. اختي.. امي.. ابي.. جدي وجدتي.. كل انتمائي العرقي.. نعم علينا ان نعود لينهض حُلمنا الثابت.. تحرير فلسطين كل فلسطين
المصدر : رابطة فلسطيني العراق 15 / 3 / 2011