القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأحد 24 تشرين الثاني 2024

الخيار الفلسطيني والمناورات الإسرائيلية

الخيار الفلسطيني والمناورات الإسرائيلية

عبدالزهرة الركابي

لم يكن الخبر الذي نقلته الإذاعة العامة الإسرائيلية عن مصادر في ديوان رئيس الوزراء والذي مفاده، أن الصيغة التي وافق عليها نتنياهو تقضي بأن تكون حدود العام 1967 أساسا" للمفاوضات مع الاتفاق على تبادل الأراضي بين الجانبين، مثيراً للمراقبين بعد التشدد الذي أبداه نتنياهو في رفض هذا الأساس الذي ورد في خطة للرئيس الأمريكي أوباما بشأن إستئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، كما ان الإستدراك الذي تخلل هذا الخبر لم يكن مستغربا"، عندما نسبت الإذاعة إلى مصدر مسؤول قوله، برغم هذه الموافقة، فإن إسرائيل تحتفظ بحقها في التحفظ على بعض الطروحات الدولية.

وإستكمالا" لدائرة عدم الإستغراب هذه، نقلت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي عن مصدر حكومي قوله، إن نتنياهو يقبل عملياً بإطار يسمح بـ (التنازل) للفلسطينيين عن بعض الأراضي الواقعة على حدود الضفة الغربية، لكنه شدد على ان إسرائيل لن تنسحب من كل أراضي الضفة.

والواضح ان مناورة مكشوفة كهذه من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، لم تأت لسواد عيون السلام، بل هي يُراد من ورائها عرقلة ذهاب الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة، و الطلب بإعتراف دولي رسمي بالدولة الفلسطينية المستقلة، خصوصا" وان الموافقة المذكورة في نفس الوقت قد تم إفراغها من مضمونها، عبر الإستدراك الآنف، حتى ان الدوائر المقربة من نتنياهو راحت تعطي حدودا" جديدة ومختلفة عن حدود الرابع من حزيران يونيو عام 1967، عندما أخذت تشير إلى التفسير الذي قدمه أوباما لإقتراحه أمام لجنة (إيباك)، كما تنوه هذه الدوائر بضرورة إعتراف الفلسطينيين بِ (الطابع اليهودي) لدولة إسرائيل.

يُذكر في هذا الصدد ، ان اوباما كان قد أعلن عن خطة لإستئناف المفاوضات في أيار الماضي وفق مبدأ، أن الدولة الفلسطينية المنشودة يجب ان تقام على أساس حدود العام 1967، مع تبادلات (للاراضي) يتفق عليها الطرفان، وأمام رفض وتعنت وإنتقادات نتنياهو لهذه الخطة، عاد أوباما مستدركا" وموضحا" في كلمة ألقاها أمام (إيباك) لجنة العلاقات العامة الأميركية الإسرائيلية، ان اقتراحه يقضي بأن يقوم الجانبان بالتفاوض حول حدود مختلفة عن تلك التي كانت قائمة في الرابع من حزيران يونيو عام 1967، بعد ان تؤخذ في الاعتبار الحقائق الديمغرافية الجديدة على الأرض واحتياجات الطرفين.

لا شك ان الهدف المرحلي من وراء هذه (الموافقة)، هو تخلي الفلسطينيين عن خطوة أيلول، بينما يبقى تنفيذ الأهداف الإسرائيلية الثابتة من خلال إستئناف المفاوضات، وقد خبر الفلسطينيون جيدا" أساليب المناورات التي يتبعها الإسرائيليون في جولات المفاوضات السابقة، ومن المؤكد ان مثل هذه الأساليب لن تختلف عن السابق إذا ما إستؤنفت المفاوضات، الأمر الذي جعل كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات يشترط أن يعلن نتنياهو بنفسه موافقته أمام العالم ووسائل الإعلام على ان حدود عام 1967 هي مرجعية المفاوضات، وعلى وقف شامل للاستيطان في جميع الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية، مضيفا" ان ما سُرب يأتي في اطار العلاقات العامة.

وتمهيدا" لتجسيد القرار الإستراتيجي الذي إتخذته السلطة الفلسطينية في التوجه للأمم المتحدة لإعلان الدولة الفلسطينية، فإنها في هذا الوقت تعمل على تنشيط العمل الجماهيري السلمي والذي تصاحبه حملة إعلامية وأنشطة شعبية تواكب وتعزز التوجه الفلسطيني نحو المنظمة الدولية، كتمهيد و تهيئة للشارع الفلسطيني للإنتقال من أجواء السلطة إلى أجواء الدولة، ومثل هذا التوجه الداخلي والشعبي الذي يُعد مواكباً للتوجه السياسي الخارجي، سيكون له الأثر في التصدي للسياسة الإسرائيلية التي تعتمد على المناورة السياسية على صعيد التعامل مع السلطة الفلسطينية، وفي الوقت نفسه تستمر وتواصل سياسة الإستيطان إلى حد الإمعان، حيث أعلنت الناطقة باسم وزارة الداخلية الإسرائيلية، أن الوزارة أعطت أخيراً موافقتها النهائية على بناء 93. وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة(هار حوما) في جبل أبو غنيم في جنوب القدس الشرقية.

ويؤكد المراقبون ان عملية الإستيطان هذه، تضيف تلالا" جديدة للمستوطنة المذكورة، ويُراد من ورائها منع التواصل بين القدس الشرقية وبيت لحم، وبغرض إعاقة أي إمكانية كي تصبح القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية.

وفي مقابل التحرك الفلسطيني الشعبي والجماهيري الذي من المتوقع أن يبدأ في الأراضي الفلسطينية في المستقبل القريب، أفادت أوساط في الكنيست الإسرائيلي، ان الدولة الصهيونية قد تضطر إلى تعبئة جنود الاحتياط لمواجهة تظاهرات أيلول، مشيرة إلى أن الجيش الإسرائيلي يأخذ في الاعتبار سيناريوهات مختلفة للتظاهرات الفلسطينية ويستعد لهذا الاحتمال.

المصدر: جريدة السفير اللبنانية