الدولة الفلسطينية وأسئلة اللاجئين!
بقلم: ياسـر عـزام*
تسعى قيادة منظمة التحرير الفلسطينية للوصول إلى الأمم المتحدة من أجل الحصول على اعترافها بالدولة الفلسطينية المقترحة، وعلى مقعد مراقب تحتله بدلاً من مقعد المنظمة!
وإزاء الجهد الكبير الذي يقوم به رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن وفريقه، يقف المرء حائراً متسائلاً: هل هو فعلاً أمام جبهة حقيقية في الصراع؟ وهل وصل الأمر بنا إلى أن نخوض حرباً مريرة وصعبة على أمور كانت في السابق دون البديهيات؟ بل كانت مرفوضة من قِبل إجماع الشعب الفلسطيني؟ وبماذا تختلف هذه الدولة عن اتفاق أوسلو؟ وماذا ستحقق من مكاسب للشعب الفلسطيني؟
هذا في البعد السياسي، أما في البعد الشعبي فأسئلة اللاجئين البديهية التي يرددونها، تتركز على حق العودة من جهة، والحقوق المدنية والاجتماعية للشعب الفلسطيني في لبنان من جهة أخرى.. خاصة بعد زيارة أبو مازن لبيروت.
يسأل اللاجئون: هل صورة الدولة الفلسطينية القادمة واضحة في أذهان طارحيها؟ الحدود.. اللاجئون.. الحقوق.. العاصمة.. الصفة الدولية.. مقعد منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني؛ بلاجئيه ومقيميه.. وغير هذه القضايا.. أم أن الغموض ما زال هو التكتيك الوحيد في العمل السياسي للقيادة الفلسطينية؟
من سيُحدد من سيكون فلسطينياً؟ هل هم فلسطينيو الضفة الغربية وقطاع غزة فقط؟ هل سيتمكن أهل المخيمات من الدخول إلى «دولتهم» ساعة يشاؤون؟ هل ستبقى صفة «لاجئ» ملتصقة بهم؟ أم سيصبحون مواطنين لهذه الدولة؟
وضع اللاجئين في لبنان هو الأكثر تعقيداً، فإذا افترضنا أنهم سيحصلون على الجنسية الفلسطينية، فإنهم سيفقدون صفة «لاجئ»، وبالتالي سيفقدون حقهم بالعودة إلى ديارهم، باعتبار أن «فلسطين» التي تريدون العودة إليها موجودة في حدود جديدة.. وبذلك، إما أن يرضخوا للحلّ السياسي وينخرطوا في تفاهمات أوسلو بطريق التفافية، وإما أن يُحدث الأمر ردّة الفعل نفسها التي حدثت بعد اتفاق أوسلو، وهو النضال الفردي والأهلي للحفاظ على حق العودة إلى «الديار» وليس إلى «فلسطين».. فهل سيصل الأمر باللاجئين أن يرفعوا شعار لا لحق العودة إلى «فلسطين»؟!
في المقابل، وعلى المستوى اللبناني، ماذا عن الحقوق المدنية؟ تسرّبت أخبار عن قلق في الأوساط المسيحية اللبنانية من تجنيس أو توطين مبطّن للاجئين، يقابله خوف من استعادتهم حق التملك في لبنان كرمز لحقوقهم المدنية التي حُرموا منها بسبب كونهم لاجئين وعدم انتسابهم إلى دولة معترف بها من الدولة اللبنانية، وتلتزم مبدأ المعاملة بالمثل.
المصيبة، أن أياً من هذين الأمرين لن يتحقق، فلا اللاجئون سيصبحون فلسطينيين يحملون جواز سفر «الدولة المرتقبة»، وبالتالي لن «يعودوا» إلى «فلسطين»، وسيخسرون حق العودة إلى «ديارهم» إذا وافقوا على المشروع القادم. ولا هم سيحصلون على حقوقهم المدنية كلاجئين وعلى رأسها حق التملك!
باختصار، يبدو أن الدولة المرتقبة ستكون فخاً جديداً للاجئين، وذريعةً أخرى للعدو والمجتمع الدولي للوقوف بوجه العودة الحقيقية إلى فلسطين الكاملة والمعروفة بالنسبة إلى اللاجئين، وسوف تؤكد حرمانهم من حقوقهم المدنية والاجتماعية في لبنان..
العودة الكاملة هي الحل..
* مسؤول مكتب شؤون اللاجئين في حركة حماس – لبنان
المصدر: نشرة البراق