الدولة الفلسطينية والهجمة الاستيطانية
غالب الفريجات
بادئ ذي بدء أنا مع فلسطين عربية من
البحر إلى النهر، ولكن دعنا نناقش هؤلاء الذين يؤمنون بالدولتين/دولة صهيونية على
(78%) من فلسطين، ودولة فلسطينية على الأراضي الفلسطينية التي احتلتها "
إسرائيل" منذ عام (1967) والتي تم الاستيلاء على أكثر من الأربعين بالمائة من
قبل الاحتلال الصهيوني، لزرع المستوطنات والطرق الالتفافية والجدار إلى غير ذلك من
ممارسات صهيونية على الأرض، ناهيك عن ضم القدس العربية إلى دولة "
إسرائيل" واعتبارها عاصمة الدولة الصهيونية.
مساحة فلسطين هي (26 ألف كم2)،
ومساحة الضفة الغربية لا تتجاوز أل (22 %) من مساحة فلسطين، ومع الهجمة
الاستيطانية لم يبق منها أكثر من محيط المدن الرئيسة، يضاف إليها مساحة قطاع غزة
لا تتجاوز أل (360 كم2)، وهي أكثر مساحة في العالم مكتظة بالسكان، فأي دولة ستكون
على هذه المساحة، اللهم إلا إذا أردنا دولة فاتيكان على الأرض الفلسطينية.
للذين يؤمنون بحل الدولتين واحدة
صهيونية وأخرى عربية عملياً هم قد تنازلوا عن حق العودة وإلغاء القرارات الدولية
التي صدرت عن هيئة الأمم المتحدة، وطالبت بحق العودة مع التعويض، ثم أين هي القدس
في ظل زخم الاستيطان الصهيوني الذي أحاط بها من كل جانب؟، وباتت القدس القديمة لا
تشكل أكثر من حجم حي من أحيائها، ومع كل ذلك فالمفاوض الصهيوني مازال يتعنت في
إعطاء الجانب الفلسطيني أية حقوق، ويريد تكبيله بالعديد من الاتفاقيات التي تضمن
له الهيمنة والسيطرة.
الدولة العربية المزعومة لن تكون في
ظل الهيمنة الصهيونية وترسانة السلاح المدجج بها الكيان الصهيوني دولة ذات سيادة
قائمة على الأرض، بل ستكون في أفضل حالاتها كانتون ملحق بالدولة الصهيونية، خاصة
في ظل سيطرة دولة (إسرائيل) على منطقة الأغوار، بالإضافة إلى أن طرفي الدولة العربية
غزة والضفة الغربية تحت رحمة الكيان الصهيوني، لغياب التواصل البري فيما بينهما،
وأي ممر بري سيتم ربطهما به سيكون بإرادة الطرف الآخر.
الدولة الفلسطينية المزعومة ستكون
وليداً دون حياة من الناحية الجغرافية والأمنية و السياسية و الاقتصادية، فما هي
أفق الحياة في هذه الدولة ليس لمواطنيها فحسب؟، بل ولكل أبناء شعب فلسطين الذين
تشردوا في عموم أصقاع الدنيا، وماذا عن عذابات اللاجئين الذين حرموا من وطنهم،
وذاقوا مرارة العيش لذنب لم يقترفوه؟.
لا خيار أمام العرب وفي المقدمة منهم
أبناء فلسطين من خيار المقاومة، ونزع فلسطين من الهيمنة الصهيونية، من خلال
التأكيد على أن فلسطين عربية، ومسؤولية تحريرها مسؤولية قومية، يتحمل العرب عموماً
تحريرها، على اعتبار أن الصهيونية خطر على الأمة العربية، وعلى وجودها وطموحاتها
في الوحدة والتحرير، وأن المشروع الصهيوني هو مشروع عدواني استيطاني توسعي رأس
حربته في فلسطين، وأن الصراع ما بين الصهيونية والأمة العربية صراع وجود لا صراع
حدود.
الذين يؤمنون بحل الدولتين يخدمون
المشروع الصهيوني على أرض فلسطين، فالكيان الصهيوني بطبيعته العدوانية لن يتوانى
عن التوسع عندما تسمح له الظروف بذلك، وعندما يتمكن من ابتلاع الأرض التي اغتصبها،
وعندها سيكون هذا الكانتون العربي لقمة سائغة للقفز على الأرضي العربية خارج حدود
فلسطين الجغرافية، خاصة وأن الوضع العربي في حالة استمرارية هذا الوهن والضعف عاجز
عن مواجهة تحدياته.
حل الدولتين فاشل وهو تأجيل مرحلي
أمام تحقيق كامل الأهداف الصهيونية على أرض فلسطين، وعلى العرب وفي المقدمة منهم
أبناء فلسطين رفضه، واستبداله بتعظيم دور المقاومة، فلا حل مع العدو الصهيوني إلا
المواجهة، وتدمير كيانه الغاصب للخلاص منه نهائياً، ومن يظن من العرب أنه بمنأى عن
الأهداف الصهيونية واهم، ولا يعيش في هذا العالم الذي يؤكد إن لم تكن ذئباً أكلتك
الذئاب، وهذه الذئاب باتت داخل بيت كل مواطن عربي، فليكن لكل مواطن عربي دوره في
حماية بيته من القوى الامبريالية والصهيونية والإقليمية التي تتربص به، ويسعى كل
منها أن يقيم مشروعه على حساب أمتنا.
نعم المقاومة والاستعداد لها ستأخذ
وقتاً، ولكنه أفضل من الاتفاقيات الاستسلامية مع الصهيونية على أرض فلسطين إن كانت
فلسطينية أو عربية، فهذه الاتفاقيات والحلول المطروحة لا تخدم إلا العدو الجاثم
على الأرض، وفي المقدمة من هذه الحلول حل الدولتين.
المصدر: شبكة البصرة