الرنتيسي.. الزعيم الفلسطيني الذي أراد
الموت بالأباتشي فتحققت أمنيته
بقلم: إيمان محمود
"إنه الموت... سواء بالقتل أو بالسرطان
الموت واحد، لن يتغير شيء سواء كان بالأباتشي أو بالسكتة القلبية وأنا أفضل الأباتشي"،
لم يتوقع المجاهد الفلسطيني عبد العزيز الرنتيسي، أن تتحقق مقولته وتطلق طائرات الأباتشي
صاروخين على سيارته في قطاع غزة، ليرتقي شهيدًا في السابع عشر من أبريل عام 2004.
ولد عبد العزيز الرنتيسي في قرية يبنا قضاء
الرملة في 23 أكتوبر من عام 1947. لجأت أسرته بعد نكبة 1948 إلى قطاع غزة كحال معظم
العائلات الفلسطينية آنذاك والتي هُجرت قسراً تحت وقع المجازر الإسرائيلية بحق الشعب
الفلسطيني. استقر بهم المقام في مخيم خان يونس للاجئين وكان عمره وقتها ستة أشهر.
عند بلوغه السادسة، التحق بمدرسة تابعة
لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، واضطر للعمل وهو في هذا العمر ليساهم في إعالة
أسرته الكبيرة التي كانت تمر بظروف صعبة كحال معظم الأسر الفلسطينية آنذاك.
حصل على منحة دراسية في مصر على حساب وكالة
غوث للاجئين "أونروا"، وتخرج في كلية الطب بجامعة الإسكندرية عام 1972، ثم
حصل على درجة الماجستير في طب الأطفال. وقد عمل طبيبًا مقيمًا في مستشفى ناصر
"المركز الطبي الرئيسي في خان يونس" عام 1976، ثم محاضراً في الجامعة الإسلامية
في غزة منذ افتتاحها عام 1978.
شغل الرنتيسي عدة مواقع في العمل العام
منها عضوية الهيئة الإدارية في المجمع الإسلامي والجمعية الطبية العربية بقطاع غزة
والهلال الأحمر الفلسطيني.
وأثناء دراسته للماجستير في مصر، تأثر الرنتيسي
بخطب الشيخين عيد والمحلاوي بالإسكندرية السياسية والحماسية، فضلًا عن دفاعهما عن القضية
الفلسطينية، فلما عاد بدأ طريقه إلى الحركة الإسلامية، حيث ترأس جماعة الإخوان المسلمين
في محافظة خان يونس الفلسطينية.
وكان الرنتيسي أحد قياديي جماعة الإخوان
المسلمين السبعة في قطاع غزة، وهم الشيخ أحمد ياسين وعبد الفتاح دخان ومحمد شمعة وإبراهيم
اليازوري وصلاح شحادة وعيسى النشار، إضافة إلى الرنتيسي نفسه.
وعندما وقعت حادث صدمت فيه مقطورة صهيونية
سيارة لعمال فلسطينيين، فقتلت وأصابت جميع من في السيارة، واعتبرت هذه الحادثة عملًا
متعمدًا بهدف القتل، ما أثار الشارع الفلسطيني، اجتمع قادة الإخوان المسلمين في قطاع
غزة، ومنهم الرنتيسي، على إثر ذلك وتدارسوا الأمر، واتخذوا قرارًا يقضي بإشعال انتفاضة
في قطاع غزة ضد الاحتلال.
القرار الذي اتخذوه في 9 ديسمبر 1987، وتقرر
الإعلان عن حركة المقاومة الإسلامية كعنوان للعمل الانتفاضي، الذي يمثل الحركة الإسلامية
في فلسطين، وصدر البيان الأول موقعًا بـ "ح. م. س." (حماس).
وبعد اشتداد الانتفاضة، قام الاحتلال في
17 ديسمبر 1992، بإبعاد 416 ناشطًا فلسطينيا غالبيتهم من حركتي حماس والجهاد الإسلامي
إلى مرج الزهور بجنوب لبنان، منهم الرنتيسي، والذي برز كناطقٍ رسمي باسم المبعدين الذين
رابطوا في مخيم العودة في منطقة مرج الزهور؛ لإرغام سلطات الاحتلال على إعادتهم، وتعبيرًا
عن رفضهم لقرار الإبعاد الإسرائيلي.
اعتقله الاحتلال فور عودته من مرج الزهور،
وأصدرت محكمة إسرائيلية عسكرية حكماً عليه بالسجن حيث ظل محتجزاً حتى أواسط عام
1997. ثم اعتقل الرنتيسى عدة مرات من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية.
وفى إطار تبني الاحتلال سياسة الاغتيال
ضد رموز العمل الوطني الفلسطيني، تعرض الرنتيسي قبل استشهاده لمحاولة اغتيال في العاشر
من يونيو 2003 استشهد فيها مرافقه مصطفى صالح، إضافة إلى طفلة كانت مارة قرب مكان الاستهداف،
فيما أصيب نجله أحمد بجروح خطيرة، وسبقتها محاولة اغتيال عام 1992 أثناء الإبعاد في
مرج الزهور.
وبعد استشهاد الشيخ أحمد ياسين في غارة
إسرائيلية استهدفته في الثاني والعشرين من مارس 2004، بايعت حركة حماس "الرنتيسي"
قائداً لها في قطاع غزة، حتى اغتالته إسرائيل في السابع عشر من أبريل 2004، بعد أن
استهدافه بصاروخين من طائرات الأباتشي.