الصحافيون الفلسطينيون ينتظرون قانوناً يحميهم
بقلم: محمد كمال
عكست الاعتداءات الأخيرة على مجموعة من الصحافيين الفلسطينيين، من قبل رجال أمن، الدرك الذي بلغته الحريات الإعلامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وتوضح التقارير الصادرة عن مؤسسات حقوقية عدة، تصاعد حدة الاعتداءات على الصحافيين في الأراضي المحتلّة، بأشكال مختلفة، من الاعتقال، إلى الاعتداء الجسدي، ومصادرة الكاميرات وغيرها... كأنّ الاعتداءات اليومية لسلطات الاحتلال الإسرائيلي، لم تعد كافية لقمع الصحافيين الفلسطينيين، وإسكات أصواتهم. فها هو الأمن الفلسطيني يساهم بدوره في إذلالهم أثناء تأديتهم لواجبهم المهني.
أحد الذين تعرّضوا للاعتداء من قبل الأجهزة الأمنيّة الفلسطينيّة، أثناء تغطيتهم التظاهرات الاحتجاجية على زيارة شاؤول موفاز للضفّة، هو الزميل الصحافي محمد جرادات. وما زال الأخير يخضع للعلاج من الجروح والكدمات التي سببها له الاعتداء، في «مركز فلسطين الطبي» في مدينة رام الله. وكان أربعة من رجال الأمن الفلسطيني بلباس مدني، قد اعتدوا على جرادات رغم إبرازه بطاقته الصحافية، وسحبوا منه الكاميرا، واقتادوه إلى مركز شرطة المدينة. ويروي جرادات في حديثه مع «السفير» تفاصيل الحادثة: «اقتادوني إلى مركز الشرطة واستمروا بضربي بالعصا، إلى أن أصبت بنزف في أنفي، ومن ثم احتجزوني مع ستة آخرين». وقال جرادات إنّ ما تعرض له يرقى لدرجة التعذيب، فـ «من واجبات رجل الأمن حماية المواطن وليس تعذيبه، وإهانة كرامته». ويرى جرادات أنّ هناك فئة من رجال الأمن الفلسطيني يكرّسون «الانفلات الأمني» داخل المؤسسة الأمنية ذاتها، وتجب محاسبتهم ووضع معايير واضحة لتعاملهم مع المواطنين.
من جهته، قال الناطق باسم الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية اللواء عدنان الضميري، في حديث لـ «السفير»: «نحن منفتحون على كافة المؤسسات الحقوقية في البلاد وخارجها، وليس لدينا ما نخفيه ونخافه». وأشار إلى أنّ الرئيس الفلسطيني محمود عباس كلّف بتشكيل لجنة تحقيق في الحادث، تضمّ منظمات المجتمع المدني. وعبّر الضميري عن استعداد الأجهزة الأمنية للتحقيق ومحاسبة من اعتدى على جرادات ورفاقه، بغضّ النظر عن رتبته العسكرية أو مكانته، لأنه «لا مكانة لأحد أمام القانون»، على حد تعبيره.
وفي السياق نفسه، دان «المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان» الاعتداءات التي تعرّض لها الصحافيون، مشيراً إلى أنّها تتناقض مع التصريحات التي أطلقتها وزارة الداخلية حول احترامها الحريات الصحافية وحقّ التجمع السلمي. من جانبه قال النائب الثاني في «نقابة الصحافيين الفلسطينيين» ناصر أبو بكر، إنّ حرية المواطن الفلسطيني والإعلام والتعددية الإعلامية «مقدّسة». وأكد أبو بكر في حديثه مع «السفير»: «لن يهدأ لنا بال إلا بإصدار قوانين فلسطينية عصرية للإعلام الفلسطيني أساسها حرية كاملة من دون انتقاص للصحافي الفلسطيني في أداء مهماته وعمله وتحريم اعتقاله والاعتداء عليه نهائياً من قبل رجال الأمن». وشدَّد أبو بكر على ضرورة إزالة هذه «الثقافة» في طريقة التعاطي مع الصحافيين، مشيراً إلى أنّ هناك وعوداً من قبل السلطة الفلسطينية بقانون يرعى حريّة الإعلام. وقال انّ نقابة الصحافيين لن تقبل بسياسة كم الأفواه، وستقف ضدّها من أي «جهة كـانت ومهما كان مستواها السياسي».
المصدر: السفير