القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الخميس 28 تشرين الثاني 2024

الضفة الغربية: توتر عابر أم تمهيد للإطاحة بعباس؟

الضفة الغربية: توتر عابر أم تمهيد للإطاحة بعباس؟

بقلم: عدنان أبو عامر

تشهد الضفة الغربية مؤخراً توتراً أمنياً غير مسبوق، حيث تشن السلطة الفلسطينية اعتقالات لنشطاء حماس، وأتباع القيادي الفتحاوي محمد دحلان، وتحصل اشتباكات مسلحة بين الشبان والأجهزة الأمنية.

"المونيتور" حصل على بيان "الحراك التنظيمي في فتح"، أحد التشكيلات التنظيمية داخل فتح، وهي مقربة من دحلان، يوم 20/2 ذكر أن "السلطة اعتقلت أكثر من 20 من تيار دحلان، واعتدت على مكاتب نواب المجلس التشريعي من غزة المقيمين في الضفة".

اتفاق الأعداء

فيما دعا حسام بدران، المتحدث باسم حماس في حديث "للمونيتور" "لوضع حد لانتهاكات السلطة، وإنهاء الاعتقالات السياسية، التي تركز على حماس، لكنها لا تقتصر عليها، فالسلطة تحارب كل وطني، وتلاحق كل من يقاوم الاحتلال".

لكن اللواء عدنان الضميري الناطق باسم الأجهزة الأمنية اتهم يوم 16/2 إسرائيل وحماس ودحلان بالاتفاق على إثارة الفوضى في الضفة، عبر مجموعات ميدانية لإنهاء وجود السلطة، والتخلص من الرئيس أبو مازن، لكن ما وصفه "انقلاب غزة" لن يتكرر، قاصداً بذلك سيطرة حماس على غزة أواسط 2007.

من الواضح أن التطورات الأمنية في الضفة تتجاوز اعتقالاً وملاحقة، فالسلطة تعيش هاجساً مخيفاً مرتبط بسيناريو محلي إقليمي دولي يقضي بطي صفحة عباس، نظراً لخلافاته المتعددة مع الجميع، حماس ودحلان وإسرائيل، وتقدير السلطة بأن هؤلاء الخصوم اجتمعت مصلحتهم مؤقتاً بالتخلص من عباس، على حد زعم أسامة القواسمي أحد المتحدثين باسم فتح يوم 22/1.

أبو مازن يبدو في وضع لا يحسد عليه، فقد وجد نفسه يحارب على أكثر من جبهة، داخلية مع حماس ودحلان، وخارجية مع إسرائيل، وربما لو لجأ لأسلوب تفكيك الأزمات، وليس تفجيرها، مثل وقف رواتب موظفي حكومة حماس السابقة في غزة، ملاحقة أنصار دحلان في الضفة، وتجميد مستحقاتهم المالية في غزة، لما وجد نفسه محاطاً بهذه التهديدات، كما يسميها أتباعه.

علاء ياغي، عضو المجلس التشريعي عن فتح، المقرب من دحلان، حذر يوم 27/2 من انفجار الوضع الأمني في الضفة إذا استمرت الحملة الأمنية، لأنها ستتدحرج كما شهدت غزة أحداث الانقسام في 2007، معتبراً أن سبب الحملات الأمنية في الضفة مبنى على نظرية المؤامرة، وإشاعة أنباء بوجود من يدير شبكة كبيرة بهدف الانقلاب على السلطة.

في ذات السياق، مسئول أمني رفيع المستوى، رفض ذكر اسمه، ويتردد بصورة دائمة على مقر رئاسة السلطة في المقاطعة، أبلغ "المونيتور" عن "مشاورات تحصل على نار هادئة بين كبار الضباط الفلسطينيين على خلفية التوتر المتزايد في الضفة، وهناك قلق عميق لدى قيادات كبيرة من السلطة من سلوك بعض كبار الضباط في الآونة الأخيرة تجاه الرئيس عباس".

وأضاف في حديث هاتفي من رام الله قائلاً: "توفرت معلومات لدى الرئيس عباس بأن بعض القيادات الأمنية الكبيرة، تنقل للأمريكان والإسرائيليين تفاصيل الخطوات السياسية التي ينوي القيام بها، وسرعان ما تقوم واشنطن وتل أبيب بتحذيره من خطورة الإقدام عليها".

لكن إسماعيل الأشقر، القيادي في حماس، ورئيس اللجنة الأمنية في المجلس التشريعي، أكد في حديث "للمونيتور" أن "عباس يتحمل مسئولية الفلتان الأمني المستفحل في الضفة، لأنها تعيش حالة ضياع وانهيار، وقد يكون ما يحدث فلتان ممنهج تقوم به السلطة حتى لا يقوم الفلسطينيون بالدفاع عن أنفسهم ضد جنود الاحتلال".

إقالات أمنية

التوتر الأمني المتزايد في الضفة، يشكل مصدر إزعاج للرئيس عباس، وهو يواجه تهديدات إسرائيلية بعدم التعامل معه، ووقف تحويل الأموال لخزينة السلطة، كما تحدث "المونيتور" عن ذلك في مقال سابق.

وهذا يجعل عباس يخشى من تكرار سيناريو الرئيس عرفات حين تم التخلص منه بقرار إسرائيلي وأدوات فلسطينية.

ولذلك قد يقوم عباس بإحداث تغييرات ملحوظة في بعض المواقع الأمنية، خاصة المحيطة به، إلى حين التدقيق بصحة التقارير التي وصلته مؤخراً عن قيام ضباط مرموقين بلعب أدوار خطيرة تتعلق بالإطاحة به.

من هنا جاءت تحذيرات أمنية صادرة عن السلطة عقب اجتماع المجلس المركزي الأخير لمنظمة التحرير يومي 4-5/3 في رام الله من لعبة قذرة تسعى لإرباك الساحة الفلسطينية داخلياً لإضعاف عباس، ومحاولات إفقاده مصداقيته في المؤسسات الدولية التي يتوجه لها.

"المونيتور" حصل على تقرير أمني فلسطيني رفع لعباس أواخر فبراير الماضي جاء فيه: "المال السياسي يتدفق على الضفة، لإحداث تحولات تتناسب مع مصالح البعض، وتخدم أجندات خارجية مشبوهة، لزعزعة الأمن والاستقرار في الضفة بالتعاون مع إسرائيل وجهات عربية وأوروبية، بمباركة من الولايات المتحدة".

وأضاف التقرير الأمني: "شهدت عواصم عربية لقاءات في دواوين حكومية، ومقار مخابراتية، طرحت خلالها بنود المخطط، وتزكية رئيس انتقالي للسلطة الفلسطينية، ونائبه، وتبدأ الخطوة الاولى في المخطط بالمس باستقرار الضفة، لتنشأ فوضى عارمة، وتشكيل المجموعات المسلحة في مخيمات الضفة".

ورغم تأكيد رئيس الوزراء رامي الحمد الله يوم 6/2 عدم السماح لأية جهة بزعزعة الاستقرار، أو إحداث أي فوضى، أو المس بأمن المواطن في الضفة.

لكن عدداً من مخيمات اللاجئين في الضفة، خاصة مخيم بلاطة في نابلس، ما زالت تشهد منذ أسابيع حتى ليلة 8/3، اشتباكات مسلحة عنيفة بين شبان فتح والأجهزة الأمنية حاولت اقتحام المخيم، لاعتقالهم، وأحرق ملثمون الإطارات على مداخل المخيم لمنع تقدم الأجهزة، التي استخدمت الأسلحة في أكثر من نقطة.

"المونيتور" علم من مصدر أمني فلسطيني رفض كشف هويته، أن "الحديث يدور في بلاطة عن 50 مسلحاً، تتراوح أعمارهم بين 18-22 عاماً، لديهم اتصالات مع قيادات فتحاوية داخل الضفة، وفي الخارج مع دحلان الذي يمولهم".

يحصل كل ذلك في وقت تشهد فيه الضفة في الأسابيع الأخيرة نشاطاً مكثفاً لدبلوماسيين عرباً وأجانب من دول عديدة، يلتقون بشخصيات فلسطينية رسمية وغير حكومية، يحصل بعضها في أماكن عامة كالفنادق والمؤسسات، وأخرى في منازل تلك الشخصيات، لتدارس تطورات الموقف الفلسطيني، والتنبؤ بمآلاته القادمة، وفقاً لما علم "المونيتور" من شخصيات أجرت هذه اللقاءات، وتحفظت على ذكر أسمائها لأسباب أمنية.

أخيراً...يشبه التوتر الأمني في الضفة ما كان عليه الوضع عشية حصار الرئيس عرفات في المقاطعة في 2003، من اقتحامات إسرائيلية متكررة لمدنها، وظهور خلافات داخلية في فتح تزعمها دحلان، وعدم توافق مع حماس قبل حصول الانقسام، وانشغال الدول العربية عن الفلسطينيين بحروبها الجارية في بلدانها.

ولذلك ستبقي السلطة الفلسطينية قبضتها الحديدية على الوضع الأمني في الضفة خشية انفلاته إلى خط اللا-رجعة، دون توفر بوليصة تأمين تمنع حدوث تغيرات جوهرية في قيادة السلطة بتوافق داخلي وخارجي، يطيح بعباس عبر انقلاب هادئ دون سفك دماء بين الفلسطينيين.

المصدر: المونيتور