القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

الضفة على حافة الانفجار

الضفة على حافة الانفجار

بقلم: علي قباجه

إن أحداث مخيم جنين مؤخراً لم تكن المؤشر على خروج الضفة الغربية من سكونها وهدوئها القياسي الذي استمر لسنوات بسبب القبضة الأمنية للاحتلال «الإسرائيلي»، وأيضاً تنسيق السلطة الفلسطينية أمنياً معه لأنها ترى في العمل المقاوم عبثاً ولعباً بالنار في ظل الفارق بموازين القوى. لكن الانفجار لا يمكن التحكم به، فالضفة اليوم على أبواب مرحلة جديدة قد تشهد تصعيداً يعيد الأوضاع إلى ما قبل 15 سنة مضت، بانتفاضة جديدة تكسر القيود المفروضة عليها.

لم تخطئ توقعات بعض قادة الاحتلال الأمنيين، عندما قالوا قبل أشهر عدة إن الضفة تشهد غلياناً وقد تنفجر في أية لحظة، وبالفعل صدقت توقعاتهم المبنية أصلاً على نظريات أمنية علمية مدروسة تقيس المشاعر المتأججة لدى الفلسطينيين من جراء الضغط الميداني والسياسي والاقتصادي عليهم، وما عمليات إطلاق النار والطعن اليومي لجنود الاحتلال والمستوطنين في أنحاء فلسطين إلا مقدمة لانفجار قد يحدث ولن تستطيع قوة منعه، وربما ستكون انتفاضة ثالثة بشدة سابقتها أو أشد.

فالمعطيات الموجودة تشير إلى ذلك بقوة، فالضفة في تاريخها تتمرد على حسابات السياسيين، وفي الأغلب تسقط كل التوقعات الأمنية التي تدور حولها، فهي شرارة الانتفاضات ووقودها. ففي عام 2000 عندما دنّس شارون الحرم القدسي، لم يتوقع أحد أن تؤدي التطورات إلى هبّة جماهيرية يخرج بها السلاح ليجابه الكيان على أفعاله، فقد كانت الضفة آنذاك موعودة بإنماءات اقتصادية ضخمة، وفعلاً عاش الفلسطينيون نهضة اقتصادية وشهدوا بعض الرخاء، إلا أن الوطن كان أغلى، والرفاهية لا يمكن أن تكون على حساب المقدسات.

لكن اليوم مختلف عن الأمس، وحجم الضغوط التي يواجهها الفلسطينيون لم يسبق لها مثيل على الصعد كافة، فالشعب الفلسطيني يعيش أسوأ حالاته، حيث لم يترك الاحتلال له من متنفس من خلال الاعتقالات اليومية، وهدم ومصادرة البيوت، وقضم الأراضي، وصولاً إلى إعلان المرابطين في المسجد الأقصى بأنهم إرهابيون، كما قسم المسجد زمانياً ومكانياً، فضلاً عن قيود التنقل والحركة، والوضع الاقتصادي المزري. يضاف إلى ذلك عجز القيادة الفلسطينية عن إدارة الصراع، واكتفاؤها بالمناكفات والمكايدات السياسية، التي أوصلت القضية الفلسطينية إلى حافة الضياع.

لا يوجد شيء يخسره الفلسطيني، فمؤامرة القضاء على أحلامه تحاك من كل حدب وصوب، وما العمليات الفردية ضد الاحتلال إلا بداية، فإن لم تتخذ السلطة خطوات رادعة للكيان فستشهد فلسطين أياماً قاتمة تسيل فيها الكثير من الدماء، ولن يقتصر الأمر على الأراضي الفلسطينية بل من الممكن أن تتطور لتشمل المنطقة العربية كلها.

في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الصراع الفلسطيني على السلطة توسيع خياراتها وعدم الاكتفاء بالتلويح بالمنظمات الدولية، ويتوجب عليها أن تضع خطط طوارئ، تستطيع من خلالها مواجهة أي فعل شنيع قد يصدر عن الاحتلال، كما لا بد أن تكون الدرع الحامية للفلسطينيين، في حين يتعين على الفصائل التوحد خلف قيادة فلسطينية موحدة تدير المرحلة المقبلة بعيداً عن التفرد بالقرار السياسي، ففلسطين لا تحتمل مزيداً من التشظي والتشتت.

المصدر: الخليج