القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الخميس 28 تشرين الثاني 2024

الطريق المسدود إلى (م ت ف)

الطريق المسدود إلى (م ت ف)

بقلم: د.عصام عدوان

ثورة أي شعب على نظامه الحاكم لا تبالي بما ستؤول إليه العلاقات مع المجتمع الدولي. ولا يتساءل الناس عما إذا ستستمر الدول في استقبال سفراء الثورة والاعتراف بكيانهم الجديد.

تعاني الفصائل الفلسطينية من هاجس الخوف من القفز عن منظمة التحرير. يظن أكثرهم أن المجتمع الدولي سيتنكر لأي ممثل جديد للشعب الفلسطيني، وهو أمر وارد. ولكن هل يجب أن يقف هذا الهاجس حائلاً دون تحقيق الشعب أهدافه وطموحاته، والحفاظ على ثوابته؟

مؤشرات عديدة تشير إلى استعصاء منظمة التحرير على الإصلاح، وامتناعها أمام الفصائل التي خارجها:

- فحركة فتح التي تمسك بزمام منظمة التحرير وتتغلغل في كل مفاصلها منذ عام 1969م وحتى اللحظة لن تسمح بإزاحتها عن قيادة المنظمة، وهي متخوفة كثيراً بعدما رأت فوز حركة حماس بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي وتخشى تكرار ذلك في انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني.

- النظام العربي بشكل عام غير مرحِّب بتفعيل منظمة التحرير، وهو لم يتلق ضوءاً أخضر بعد من الولايات المتحدة – ولن يتلقى ذلك وفق تحليلنا – لجهة تفعيل المنظمة. ودول الربيع العربي لم تستقر أوضاعها، وهي بحاجة إلى بعض الوقت حتى تستعيد عافيتها ويصبح لها موقف مؤثر بشأن تفعيل منظمة التحرير. وإلى ذلك الحين لن يحدث أي تغيير على وضع منظمة التحرير.

- من غير الممكن أن تسمح الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي بعودة فاعلية منظمة التحرير، خصوصاً بعد الاعتراف الدولي بدولة فلسطين عضواً مراقباً في الأمم المتحدة، حيث تعهدت الدولة بالعيش بسلام إلى جانب (إسرائيل) وليس طردها وتحرير فلسطين وفق ما يشير إليه اسم المنظمة. إن التحرير الذي تتبناه المنظمة في اسمها وموضوعها، إنما هو "إرهاب" في عرف المجتمع الدولي التابع للولايات المتحدة، ولن تسمح هذه الدول بعودة منظمة التحرير لمباشرة وظيفتها الطبيعية في تحرير فلسطين، وهي لن تسمح بالتالي لحركة حماس تحديداً لأن تتصدر المنظمة التي غدت عضواً في المنظمات الدولية والإقليمية.

- تمتنع الدول العربية التي تضم أكبر كثافة من الفلسطينيين عن إجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني. الأمر الذي سيعطل المنظمة ولن يُسهم في إعادة تشكيل المنظمة على أسس سليمة. وفيما لو استمرت الفصائل الفلسطينية في الذهاب إلى تفعيل المنظمة دون انتخابات شاملة، سيعني إعادة اجترار الوضع المأساوي للمنظمة القائم على قاعدة المحاصصة والاستئثار والابتعاد عن التمثيل الحقيقي للشعب الفلسطيني. كما يعني أيضاً عدم إقرار هذه الدول تحديداً بتمثيلية المنظمة، خصوصاً إذا ما أصبح لحركة حماس وقوى المقاومة وجود قوي في إدارة شئون المنظمة.

- وضع منظمة التحرير الفلسطينية انتهى في منظومة الأمم المتحدة منذ صدور القرار رقم 177 في 15/12/1988م وذلك لصالح "فلسطين" التي غدت دولة في 29/11/2012م. هذا هو الموقف الدولي. فهل يحدد لنا الموقف الدولي خياراتنا الوطنية ويختار لنا مَن يمثلنا؟! إن قيادة منظمة التحرير الحالية غير معنية ولا مهتمة بتفعيل منظمة التحرير، وإنما هي مهتمة ومعنية بتفعيل وضع فلسطين كدولة، وتطوير حالة السلطة الفلسطينية إلى دولة. وبالتالي فإن سعي حركة حماس والجهاد الإسلامي وغيرها من فصائل خارج إطار منظمة التحرير لدخول وتفعيل المنظمة إنما هو جري وراء سراب.

تقودنا هذه المؤشرات إلى التفكير الجدي في بحث سبل تفعيل المنظمة إن كنا مصرين على الحديث عن المنظمة دون أي شيء آخر. وتبرز في هذا الصدد أهمية قيام الفصائل الفلسطينية والهيئات الشعبية والقوى المؤثرة بالعمل على إقامة كيان موازٍ لمنظمة التحرير، يجبر المنظمة على الخضوع لعملية الإصلاح، ويجبر الأنظمة العربية والمجتمع الدولي على تفضيل تفعيل المنظمة عن قيام كيان جديد خارج السيطرة بالكامل.

وفي حال فشل الكيان الجديد في إجبار المنظمة على الخضوع للإصلاح، يكون قد كسب الوقت والجهد فيمضي في مشروعه حتى يطوي منظمة ماتت بالفعل منذ توقيع اتفاق أوسلو البغيض.