العودة
لاستهداف الكتلة الإسلامية
لمى خاطر
جزّ العشب؛ مسمّى أطلقه الاحتلال الإسرائيلي على
حملته المفتوحة ضد طلبة الكتلة الإسلامية في جامعات الضفة الغربية، ومدلول الكلمة
يبدو واضحاً بما فيه الكفاية حين نتابع الضربات المركزة لقوام الكتلة الإسلامية،
عقب كل نشاط نقابي أو وطني لها، أو قبله أو خلاله. المهم إبقاء عشبها قصيراً في
أرضها وحرمانه من النماء، لأن هذا النماء (وفق الفهم الصهيوني) سيتبعه ثمار في
مجال آخر يتهيّب الاحتلال منه وهو المسار المقاوم!
والأمر الطبيعي أن يكون لهذه الحملة معادل ومكمّل
عبر إجراءات الأجهزة الأمنية لحركة فتح في الضفة الغربية، مع إجراء بعض التعديلات
والتطويرات على الحملة، وجعلها أكثر مرونة، بحيث يستوعب إطارها أيضاً استهداف
الكتلة الإسلامية تخوّفاً من نجاحها في استمالة الطلبة إلى صفها مثلا، أو لمجرد
الغيرة منها وحسدها على أفكار وأنشطة لا تتمكن حركة الشبيبة (الذراع الطلابي لفتح)
من مجاراتها فيها، كونها تطلب جهداً وتفانياً ومثابرةً وإبداعا. وهنا لن يكون
مرغوباً أن يصل الطالب لمستوى المقارنة بين حال الكتلتين، أو ملاحظة التفوّق
الحاصل على صعيد النشاط النقابي داخل الجامعات عندما يتاح للكتلة الإسلامية أن
تعمل وتنجز وتتواصل مباشرة مع جمهور الطلبة.
في هذه الحالة لا بد من استدعاء المستوى الأمني في
حركة فتح للتدخل وإفساد الأجواء وإرباك الكتلة الإسلامية وتشتيت جهودها وإخافة
الطلبة المنضوين تحت لوائها وتذكيرهم بأن عليهم أن يدفعوا ثمناً كبيراً لقاء
نشاطهم داخل إطار الكتلة. ومن يتابع في موسم الانتخابات الطلابية حالة الاستنفار
في صفوف الأجهزة الأمنية في الضفة، وكيف أنها تتجنّد بالكامل لإنجاح الشبيبة
بمختلف الآليات، ثم تحتفل داخل المقرّات بالفوز، لن يتفاجأ من متابعة هذه الأجهزة
كلّ كبيرة وصغيرة داخل الجامعة، وبقائها على أهبة الاستعداد للتدخل ضد الكتلة
الإسلامية باعتقال نشطائها البارزين وتلفيق اتهامات عديدة لهم لتسويغ محاكمتهم
وتمديد احتجازهم وتعمّد جعل فترات احتجازهم تؤثر على دراستهم الأكاديمية.
وهنا، تختفي المهنية وحقوق الطالب ويتم الدوس
بالبسطار على كل مفهوم للحريّات، ذلك أن هذه المفاهيم مكانها ورشات الدجل المتخصصة
في التأصيل لحقوق الإنسان، واللقاءات الإعلامية لقادة السلطة والناطقين باسم
الأجهزة الأمنية، لأنها من عوامل تشكيل ابتساماتهم الصفراء أمام الكاميرات. أما ما
يحدث في الزنازين وفي المحاكم الهزيلة فهو أمر مختلف تماما.
أما حركة الشبيبة الطلابية، فلم تكن في أي وقت
محتاجة لأن تنافس داخل القطاع الطلابي بشرف ومهنية، فما دامت تستند إلى مؤسسة
أمنية فاسدة تساعدها في التخلص من خصومها وقت الحاجة، وما دام بإمكان طلابها أن
يعتمدوا على الزعرنة والتشبيح في أوقات أخرى، أو أن يتحولوا إلى كتبة تقارير ضد
زملائهم المختلفين معهم سياسيا، فما الداعي أصلاً لبذل جهد في تعلّم أصول العمل
النقابي داخل الجامعات؟ يكفي فقط التدرّب على مهارات التنظير الأجوف من خلال الميكرفونات،
ثم تفريغ تلك المهارات في أي مؤتمر خطابي أو في موسم الدعاية الانتخابية!
بقي التذكير
بأن الكتلة الإسلامية اليوم مطالبة بمزيد من الصمود لتحدي هذا الصلف والعدوان
المقنّع، الذي يشكّل المستوى الثاني من حملة (جزّ العشب) الإسرائيلية. والحراك
الطلابي للقوى الوطنية يملك وحده أن يقرر إن كان سيستمر بالسماح لليد الأمنية بأن
تستمر في إفساد أجواء الجامعات، أو سيكون قادراً على صدّها وردّ بغيها.