القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

الفلسطيني التائه

الفلسطيني التائه

بقلم: زهير هواري*

لا شبيه ولا مثيل لفلسطين بين الدول العربية. صحيح القول إن الدول العربية تتأثر بأوضاع بعضها بعضاً سلباً وإيجاباً. ولكن فلسطين تتأثر بأوضاع الدول العربية مجتمعة، وبأوضاعها الخاصة تحديداً، فضلاً عن المناخات والظروف الدولية.

ذكرنا سابقاً أن عدد الفلسطينيين هو 11 مليوناً. المشكلة هي في مكان آخر. الفلسطينيون في الداخل يعانون من السياسة الإسرائيلية، وينطبق الأمر على فلسطينيي قطاع غزة أيضاً. أما اللاجئون الذين غادروا أرض فلسطين في أعقاب قيام دولة إسرائيل فقد باتوا في حدود 5.5 ملايين نسمة من دون أن نستثني منهم سكان مخيمات الضفة الغربية والقطاع. من رحلوا توجهوا نحو الأردن وسورية ولبنان ومصر، ثم جاءت حرب العام 1967، فسيطرت إسرائيل على أراضي فلسطين التاريخية وأضيفت أعداد جديدة إلى لاجئي الداخل والخارج.

وحدها "الأونروا" تقدر أعداد اللاجئين في الدول المضيفة، الذين تخدمهم، بقرابة 5.5 ملايين. التقارير التي تنشرها الوكالة عن أوضاعهم جد معبرة، ففي لبنان مثلاً هناك ما نسبته حوالى 66 في المائة تحت خط الفقر – من المتوقع ارتفاع النسبة - والأوضاع السكنية والخدماتية وفرص الترقي الاجتماعي معدومة. تستوي في ذلك المخيمات الـ12 والتجمعات الـ120. وتقدر نسبة البطالة وسطياً بين اللاجئين في شتى منازلهم بما يتراوح بين 26 و40 في المائة، وهو رقم مرشح للارتفاع جراء الضغوط التي تتعرض لها اقتصادات المنطقة والقيود القانونية والفعلية على عملهم في بعض الدول، وكثافة اللجوء السوري. والحصيلة أن هؤلاء اللاجئين تتضاعف حاجاتهم الأولية على صعيد التعليم والصحة والعمل في الوقت الذي تتقلص فيه موازنة "الأونروا" وتضيق سوق العمل المتاحة أمامهم.

إذا انتقلنا من لبنان إلى سورية، تبدو الكارثة أشد وقعاً في ضوء ما تعرض له مخيم اليرموك وسواه وأماكن إقامة اللاجئين في ضواحي دمشق والمدن الرئيسية وغيرها. وعليه فإن معظم الفلسطينين الذين يقارب عددهم الـ600 ألف معرضون للجوء ثانية.

تقدر وكالة "الأونروا" الفلسطينيين الذين هم بحاجة الى مساعدة إنسانية عاجلة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 2016 بـ2.3 مليون نسمة، ويعود ارتفاع العدد إلى تباطؤ النمو بنسبة 5 في المائة سنوياً ورفض إسرائيل تحويل إيرادات التخليص الجمركي للسلطة الفلسطينية. وفعل الحصار الاقتصادي فعله مسبوقاً بالعدوان عام 2014 وقبله وقبله في قطاع غزة. وعليه ليس غريباً أن يستصرخ اللاجئون فيه العالم للحصول على خدمات أولية من نوع توفير الماء والكهرباء والطبابة، علماً بأن نسبة المدارس التي تعمل بنظام الدوامين تصل إلى 86 في المائة. وفي مثل هذه الأوضاع يستحيل الحديث عن تنمية اجتماعية أو اقتصادية أو عمرانية، طالما أن إسرائيل تمارس احتلالها وسياساتها الاستيطانية وخنقها في الضفة، وتمسك بقبضتها إمدادات مواد البناء وغيرها في القطاع.

*أستاذ جامعي

المصدر: العربي الجديد