القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

الفلسطيني المنبوذ… وبثينة شعبان… وصراخ ممثل منظمة التحرير في مطعم بدمشق

الفلسطيني المنبوذ… وبثينة شعبان… وصراخ ممثل منظمة التحرير في مطعم بدمشق

كمال خلف

لا تزال قصة الشاب محمد صالح داوود الذي فقد عمله في مطعم أحد الفنادق في بيروت بسبب لهجته الفلسطينية التي أثارت الاستياء لدى رواد المطعم، علما أن الشاب البالغ من العمر 30 عاما كان يجيد عمله، بشهادة المديرة المسؤولة عنه. لاتزال هذه القصة تطرق تفكيري كلما مشيت في شوراع بيروت مرت هذه القصة دون اي ضجيج سوى تعاطف بعض الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي ثم طويت لكن ما حدث للشاب محمد ليست حالة فردية انها واحدة من الاحداث التي بدأت تشكل السمة العامة للتعامل مع الفلسطينيين ليس في لبنان فقط بل في كل البلدان العربية في لبنان لا تكفي السطور على صفحة في جريدة لشرح معناة المخيمات في كانتونات التمييز العنصري بدا اللبنانيون على شاشتهم بالقول ان السيارات المفخخة تخرج من المخيمات وزاد التحريض جنسية بعض الانتحاريين الذين نفذوا تفجيرات في مناطق لبنانية وكبير المخططين لهذه الاعمال القذرة نعيم عباس المعتقل الان لدى السلطات اللبنانية والذي يحمل الجنسية الفلسطينية انتحاريون اخرون من جنسيات مختلفة نفذوا اعمال ارهابية لكن لم يسلط احد الضوء على جنسيتهم لم تشكل لهجتهم استياء اصحاب ورواد المطاعم او يقظة وتحسب رجال الامن على الحواجز المنتشرة في بيروت ومحيطها لكن تحضر الجنسية ويكثر الحديث عن المخيمات عندما يحمل الارهابي الجنسية الفلسطينية وفي هذه القضية نورد ثلاث نقاط اساسية في هذا السياق

الاولى الارهاب لا جنسية له ولا دين والتكفيريون لا مشكلة لديهم في تفجير أنفسهم بين مدنيين من اي جنسية كانت

الثانية الفلسطينيون أكثر جنسية عربية ودولية تعرضت للإرهاب والمجازر في تاريخ هذه المنطقة أكثر من ستين عاما من الارهاب والتشريد والقتل الاسرائيلي

الثالثة إذا كانت المخيمات تشكل منطلقا كما يحلو للبعض القول في لبنان فان هذه مسؤولية الدولة اللبنانية واحزابها وتياراتها كافة التي حاصرت هذه المخيمات وعزلتها عن محيطها ومنعت عنها الكرامة الانسانية وحق البشر في العمل والتعلم والتنقل وهذا رآكم احقاد وسيراكمها ما يحول المخيمات الفلسطينية في لبنان الى قنابل موقوتة ستنفجر في لحظة تاريخية وسياسية

على الحدود اللبنانية حيث يدخل السوريون والفلسطينيون المقيمون في سوريا لاجئين وباحثين عن اقارب يؤوون إليهم منع رجال الامن على الحدود مؤخرا الفلسطيني من الدخول الى الاراضي اللبنانية اسوة بالسوريين رغم ان لبنان لا تعطي اي فلسطيني قادم من سوريا حق الاقامة على اراضيها أكثر من اسبوع واحد بفيزا مدفوعة الثمن وعندما تسال عن القرار تجد ان لا قرار رسميا صادرا عن السلطات اللبنانية بهذا الخصوص يقولون لك انها تعليمات شفهية.

عندما زرت دمشق قبل ايام صادفت في احد المطاعم في العاصمة ممثل منظمة التحرير الفلسطينية انور عبد الهادي وقبل ان نتصافح صرخ بصوت عال امام الناس (يا اخي مش معقول ماذا يحدث في الاعلام اللبناني ما هذا مصطلح الارهابي الفلسطيني يلي طالعين فيه ما هذا التحريض على الفلسطيني يجب ان يتوقف هذا وهذه مسؤوليتكم ..والله عيب ) اكملت الحوار مع السيد انور بعد ان حاولت خفض صوته قليلا .

لم تتمكن منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية من رفع الحيف الذي يشوب تعامل النظام الرسمي العربي مع الشعب الفلسطيني في الشتات ولهذا اسباب قال مسؤولون فلسطينيون التقيتهم انه يعود للأولويات فالسلطة تسعى لتامين حياة ومرتبات الموظفين لديها وإنعاش الاقتصاد المتعب في المناطق الفلسطينية من اموال المنح المربوطة بالموقف السياسي بالإضافة الى الاهتمام بمسار التفاوض والاستيطان والاحتلال وتهويد القدس والقائمة طويلة.

فهل بقي الفلسطينيون في الدول العربية بلا مرجعية هائمين على وجههم تتحكم بهم هواجس السياسيات الامنية والعنصرية للأنظمة العربية؟؟؟ سؤال المصير اليوم هو الخبز اليومي للفلسطينيين وابنائهم.

ليست لبنان استثناء في هذا الزمن الاغبر على هذا الشعب. في دول الخليج العربية التي تدعم (التحولات الديمقراطية) في البلدان العربية بالمال والسلاح والمقاتلين الاجانب من اصقاع الارض يمنع الفلسطينيون من الدخول والاقامة. ويسعى بعض الفلسطينيين للحصول على جواز سفر من اثيوبيا او السنغال او زمبابوي للحصول على اذن دخول هذه الدول العربية التي أصبح غالبية سكانها من الهنود والباكستانيين والفلبينيين والاثيوبيين.

في مصر بلد القومية العربية والمد الثوري والجيش المصري الذي قدم الاف الشهداء من اجل فلسطين (رحم الله تلك الايام) يصور الاعلام المصري الفلسطيني بالمجرم والقاتل المأجور والمتآمر على عروبة مصر وامنها القومي يغلق معبر رفح الشريان الحياتي لقطاع غزة ويحاكم القضاء المصري هناك الرئيس المعزول بتهمة التخابر مع حركة حماس

هل اصبح الفلسطينيون كاليهود في اوربا قبل الحرب العالمية هل سياتي يوم يمنع الفلسطينيون من دخول بعض الاماكن والمطاعم في الدول العربية .. اين هي الشعارات التي تزين بيانات القمم العربية عن دعم الشعب الفلسطيني لتقرير مصيره بينما على ارض الواقع يسال الفلسطيني عن مصيره ومصير اولاده في دول الابارتهيد

قبل اسبوع ذهبت لاجراء حوار تلفزيوني مع مستشارة الرئيس السوري د بثينة شعبان رتبت لنا د بثينة موعدا في القصر الجمهوري بدا التعارف بيننا بالسؤول من اين انت؟ قلت فلسطيني أشرق وجه د بثينة وكالت كل انواع المديح للشعب الفلسطيني مكررة عبارة لا فرق بيننا لسنا اولاد سايكس بيكو انت فلسطيني يعني انت أقرب الى النفس أنتم شعب عظيم وفلسطين في وجدان كل عربي… لم يكن كلام د شعبان صادما او مفاجئا فالنظام السوري الذي عاب عليه كثيرون اسلوب حكمه وسياساته الداخلية وانعدام الحريات والديمقراطية في مجتمعه لم يكن يوما متحيزا ضد البيئة الفلسطينية على ارضه. القوانيين السورية تسمح للفلسطيني بالتملك والعمل والاقامة والتعليم وللإنصاف في سوريا يتعدى التعامل مع الفلسطيني حدود القوانين التي تعطي الكرامة للفلسطيني الى ثقافة الشعب السوري وعروبته.

هناك في سوريا مئات الاف الفلسطينيين استبدلوا حلم العودة الى فلسطين بالعودة الى مخيمهم اولا. تحتل جبهة النصرة واخواتها المخيم وترفض الخروج منه وتحاول الفصائل الفلسطينية مجتمعه اخراج المقاتلين الاجانب دون قتال لم ينجح اتفاق بهذا الخصوص عقدته الفصائل مع المسلحين فبعد نشر قوة فلسطينية رمزية داخل المخيم لإعادة الامور الى ما كانت عليه انقضت جبهة النصرة وداعش معا على المخيم فجرا من جديد لاغية الاتفاق. عقدت الفصائل هناك اجتماعا لتدارس الموقف واقرت بالإجماع ان قرار اقليما من احدى الدول الداعمة لهذه المجموعات صدر لإلغاء الاتفاق والبقاء في المخيم ومنع عودة اهله اليه ..

رحم الله شاعرنا الفلسطيني محمود درويش عندما كتب قصيدة انا يوسف يا ابي اخوتي لا يحبونني ولا يريدونني بينهم يريدونني ان اموت لكي يمدحوني ..

ااااه ما اقصى ظلم ذوي القربى. لنا الله ليخرجنا من هذا التيه.

رأي اليوم، لندن، 14/3/2014