القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
السبت 23 تشرين الثاني 2024

الفلسطيني في قلبنا أو على قلبنا؟

الفلسطيني في قلبنا أو على قلبنا؟


نانسي رزوق

حسناً فعلها "الأستاذ". كما عادته يدرك جيداً خبايا السياسة اللبنانية وألاعيبها وكيف تُدار الصراعات وتمتص الصدمات. هكذا أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس أن القرار الذي اتخذته وزارة العمل بشخص وزيرها كميل أبو سليمان، بشأن العمالة الفلسطينية، انتهى.

بري أكد أن الوضع بالنسبة للاجئين الفلسطينيين سيعود كما في السابق، وذلك بعد نحو ثلاثة أيام من احتجاجات الفلسطينيين في المخيمات واقتراب الوضع من الانفجار، إثر مباشرة وزارة العمل بما أسمته "مكافحة العمالة الأجنبية غير الشرعية".

لا تُلام أي وزارة في لبنان على تطبيق القانون، حماية للبنانيين من تغوّل بعضهم على بعض، وكذلك الامر بالنسبة لأي مواطن غير لبناني مقيم على أراضيه. هذا مطلوب، وهو ما ننشده جميعاً ونريده بكل قوة. أي أن الغاية على ما يبدو كانت تسجيل نقاط في سياق لعبة سياسية لن تسفر في النهاية إلا عن إستنفار عصبيات آن لها أن تخمد، لا أن تنفخ فيها الروح، ولنا في الحرب الأهلية خير مثال حيث لم تبق لنا ولم تذر.

إذا استثنينا ما نراه يومياً على مواقع التواصل من لغة غير سوية (فلسطينيين ولبنانيين)، تجاه القضية المطروحة اليوم، وقبلها أزمة اللاجئين السوريين، فإن السلطة يجب أن تتعامل مع ملف اللاجئين الفلسطينيين وفق رؤية تتسم بالعقلانية للوصول إلى خاتمة ناجحة سياسياً واقتصادياً.

فالفلسطينيون منذ ثمانينيات القرن الماضي ممنوعون من ممارسة 72 مهنة، ومن تمكن منهم من الهجرة فعلها من دون تردد، لكن في الوقت نفسه حُكم على من سُدَّت أبواب الرحيل في وجوههم، إلى العيش في بيئة من التمييز والظلم والحرمان من الحقوق الأساسية. ذلك أن خيار الهجرة ليس متوفراً لكل الفلسطينيين، وبلدهم محتل، وتالياً، إلى أن يجد الصراع مع إسرائيل حلاً سلمياً عادلاً، فإننا نحكم عليهم بحياة لا تتوفر فيها الشروط الاساسية للعيش.

وعليه، فإن وضع اللاجىء السوري والفلسطيني في بوتقة واحدة اليوم، لا يمت للواقعية بصلة. فبينما يمكن للسوريين غير الراغبين بالبقاء في لبنان بالعودة الطوعية الى بلادهم، لا يتوفر هذا الشرط لأي لاجىء فلسطيني، وهذا يتطلب تعاملاً يتعالى عن حسابات الطوائف وهواجس العدد والغلبة التي تتوسل لغة عنصرية تغيّب العقل.

إن ضبط وقوننة العمالة الفلسطينية، يعبّد الطريق لحماية سوق العمل اللبناني الذي يحمل عوامل تأزمه بنفسه بغض النظر عن أي عمالة أجنبية، (المضاربات، العرض والطلب، الفساد الإداري والمالي، التفاوت بين القطاعات وغيرها). أما التهويل الدائم بتصوير اللاجئين الفلسطينيين الذين يسكن أغلبهم المخيمات بأنهم وحوش ومستودع بشري للتيارات الارهابية، فهذا يعزز من الكراهية والخوف ويدفع البعض باتجاهات معالجة سياسية غير متوازنة.

ويخشى انتقال حالة الغليان وفوضى الشارع إلى مخيمات النازحين السوريين، بعكس المخيمات الفلسطينية التي تضبطها الفصائل السياسية المسيطرة وأولها فتح وحماس.

المصدر: لبنان 24