القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

الفلسطينيّون في العراق: الجريمة المنسيّة

الفلسطينيّون في العراق: الجريمة المنسيّة

بقلم: عبد الكريم بن حميدة

انخفض عدد الفلسطينيّين في العراق من 34 ألفا إلى 6 آلاف لاجئ فقط في غضون سنوات الاحتلال الأمريكيّ التسع. بعضهم حطّت به رحلة اللجوء في البرازيل، وبعضهم الآخر في الأرجنتين.. وكثير منهم ما زال قابعا في أحد المخيّمات على الحدود مع سوريا أو الأردن..

ضاقت بهم أرض العراق بعد أن كانت لهم ظهيرا وملاذا.. وغدر بهم الشقيق قبل الصديق..

وعجز شرفاء العراق عن حمايتهم، فحملوا حقائب الرحيل.. وشرعوا في سفرة تيه جديدة.

من شتات إلى شتات.. ومن لجوء إلى آخر..

ذلك شأن الفلسطينيّين منذ نكبوا.. وذلك شأنهم منذ انتكسوا..

في العراق المحتلّ يتعرض الفلسطينيّون لسلسلة من الانتهاكات التي تطال حقوقهم المدنيّة والقانونيّة، مثلما يتعرّضون للتضييقات والملاحقات التي تصل حدّ استهداف ممتلكاتهم وأرواحهم.

عماد عبد الرحمن حمّاد آخر الضحايا الفلسطينيّين في العراق.. اعتقلوه.. وعذّبوه.. ثمّ قتلوه.

تهمته الكبرى أنّه.. فلسطينيّ!!!! وعليه أن يدفع ثمن فلسطينيّته على أيدي مغاوير الداخليّة "الأشاوس".

لن يكون عماد الضحيّة الأخيرة لهوس السلطات العراقيّة بالدم العربيّ. وبالتأكيد لن يكون الحلّ في تعهّدات يقطعها الطالباني أو المالكي للسلطة الفلسطينيّة أو المنظّمات الدوليّة.. فلطالما تعهّد هؤلاء وغيرهم بتوفير الحماية للفلسطينيّين.. لكنّهم لم يفعلوا.. ولن يفعلوا.

المشكل بالنسبة إلى الذين هُجّروا من العراق إلى داخل الأراضي السوريّة والأردنيّة أنّهم لا يتمتّعون في مخيّماتهم الجديدة بصفة "لاجئ". وهذا يعني أنّهم ليسوا مسجّلين أو مدرجين على قائمات اللاجئين، فلا الجهات الفلسطينيّة الرسميّة تتحمّل مسؤوليّتهم، ولا المنظّمات الإنسانيّة الدوليّة تعترف بوجودهم القانونيّ وتضمن لهم حقوق اللاجئ مثلما تنصّ عليه المواثيق الدوليّة.

كأنّه عزّ على هذه الجهات أن تمنحهم "شرف" اللجوء!!!

هم "بدون" فلسطين.. لا يطالبون بحقّهم في المواطنة، فذلك أمر بعيد..

إنّهم يطالبون بحقّهم في اللجوء، أي الاعتراف بهم لاجئين مع ما يترتّب عن هذا الاعتراف من بعض حقوق.. تكفل لهم بعض حياة...

السلطة الفلسطينيّة في رام الله، والحكومة الفلسطينيّة في غزّة كلتاهما تتعاملان مع موضوع اللاجئين الفلسطينيّين في العراق وكأنّه شأن يخصّ أصحابه دون سواهم.. فهم المسؤولون عن شتاتهم.. وعن تشرّدهم.

هؤلاء الفلسطينيّون يطالبون فقط بالاعتراف بهم "لاجئين". وهذا يقتضي من سلطتي غزّة ورام الله تمكينهم من الإقامة القانونيّة ومن الوثائق الإداريّة التي تقنّن وجودهم وتمنحه شرعيّة تنأى بهم عن كلّ أشكال الضغط والابتزاز والملاحقة التي تنتهك كرامة المرء وتصادر حرّيّته. ذلك أنّ حماية هؤلاء اللاجئين تُعتبر مسؤوليّة أخلاقيّة إضافة إلى كونها مسؤوليّة سياسيّة وقانونيّة تقع بالأساس على عاتق ممثّلي الفلسطينيّين قبل أيّ طرف آخر.

على أنّ هذا الجهد الوطنيّ الضروريّ لا بدّ أن يرافقه جهد إقليميّ دوليّ يخصّ منظّمة التعاون الإسلاميّ والمفوّضية السامية لشؤون اللاجئين (الأنروا)، ذلك أنّه لا يبدو أفق إنسانيّ واضح للمأساة التي يعاني منها فلسطينيّو العراق. بل نعتقد أنّ الرهان على الأمل في عودة الرشد إلى الحكومة العراقيّة أشبه ما يكون بمطاردة وهْم لأنّ ما يتعرّض له أشقّاؤنا هناك إنّما هو جزء من حملة ممنهجة لتهجير من تبقّى منهم تحت ذرائع شتّى وبأساليب تتفنّن القوّات الأمنيّة الحكوميّة في تطويرها وابتداع الجديد منها كلّ يوم.

على أنّ كلّ هذا لا يجب أن يُغفل دور منظّمات المجتمع المدنيّ ووسائل الإعلام في إثارة هذه القضيّة ومنع اتّساع رقعة معاناة فلسطينيّي العراق، وتسليط الضوء على هذه المأساة حتّى لا ننتقل بعد فوات الأوان من الصمت والغفلة إلى الرثاء والعويل.

المصدر: رابطة فلسطينيي العراق