الفلسطينيون في لبنان وعامل الحياد الإيجابي
بقلم: هيثم أبو الغزلان
مرّت تجارب كثيرة على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان
كانوا فيها وقوداً لحروب وصراعات ليس لهم فيها "لا ناقة ولا جمل"؛ هُدمت
فيها مخيمات، وتهجّر الآلاف، وكانت النتيجة لغير صالح الفلسطيني.
وبعد التغيرات التي حصلت على الصعيد الإقليمي والفلسطيني
بدءا من توقيع أوسلو، وترك اللاجئين يواجهون مصيرهم لوحدهم. وما حصل من صمود رائع ومذهل
لأهلنا في قطاع غزة ضد العدوان الصهيوني في 2008- 2009 و 2012.. وما بينهما، أثبت الفلسطينيون
في لبنان ـ رغم حالة الانقسام الحاد بين حركتي فتح وحماس ـ، أنهم وبمعزل عن كل الظروف
السيئة والقاسية أنهم بمنأى عن أي تجاذبات سياسية داخلية لبنانية يُريد البعض زجّهم
فيها ليصبحوا وقوداً لمعارك لا تفيد أحدا، ولا تخدم القضية الفلسطينية.
ورغم أن أحداثاً دموية جرت في منطقة صيدا مؤخراً
(جنوب لبنان) بين الجيش اللبناني وأحمد الأسير وأنصاره، وقبلها في طرابلس (شمال)، وفي
العاصمة بيروت إلا أن الفلسطينيين حافظوا على الحياد، ولم يكونوا طرفاً، بل أصبحوا
يلعبون دوراً ايجابياً مساعداً في تحقيق الأمن والإستقرار، وعلى الرغم من ذلك ما زال
المواطنون الفلسطينيون يدفعون ثمناً لمواقفهم الايجابية، رغم إشادات كثيرة ومتنوعة
من كبار قيادات الدولة اللبنانية تعترف وتشيد بالدور الفلسطيني الحيادي والإيجابي.
ولعبت القوى الإسلامية في مخيم عين الحلوة، بمختلف
تسمياتها دوراً ايجابياً وفاعلاً في ضبط الوضع الأمني ومنع انزلاق المخيم إلى أتون
الصراع الذي حصل في منطقة عبرا بصيدا. بل وأكثر من ذلك وبجهد كبير من القوى الفلسطينية
الإسلامية تحديدا، فقد تم العمل على منع انتقال وانتشار المعارك عبر مبادرة ساهمت في
معالجة ما حصل من اشتباكات في تعمير مخيم عين الحلوة ومنع امتدادها بما يورط العامل
الفلسطيني في الأزمة الداخلية اللبنانية.. وهذا خدمة لقضية اللاجئين، وصيانة لحق العودة،
وحماية لأمن المخيمات والجوار.
وأكد ممثل حركة الجهاد الإسلامي في لبنان أبو عماد
الرفاعي في مقابلة مع فضائية المنار، (29-6-2013)، على العديد من المواقف السياسية
التي يحرص عليها الشعب الفلسطيني في لبنان، فقال إن "الشعب الفلسطيني، وكافة الفصائل
الوطنية والإسلامية ملتزمة بموقف الحياد الإيجابي مما يجري في المنطقة، خدمة لقضية
فلسطين، وعدم السماح بإقحام الفلسطينيين في أتون الصراعات الداخلية، والوقوف في وجه
المخططات التي تريد ضرب المخيمات، بصفتها الشاهد على جرائم الاحتلال الصهيوني بطرد
الشعب الفلسطيني من أرضه، لفرض التوطين والقضاء على حق العودة".
ولعبت حركة الجهاد الإسلامي عبر مسؤول العلاقات
السياسية، شكيب العينا، دوراً في معالجة بعض ذيول الأزمة في صيدا، من خلال متابعة أوضاع
بعض الفلسطينيين الذين تم توقيفهم خلال أحداث عبرا، وأثمرت الإفراج عن من لم يثبت تورطه
في عمل أمني.
في العموم، إن المخيمات الفلسطينية هي شاهد واضح
على نكبة الشعب الفلسطيني المستمرة منذ العام 1948 على يد الاحتلال الصهيوني، وهي صورة
لحق العودة الذي يتمسك به الفلسطيني في العودة إلى أرضه ودياره التي اقتلع منها.. وإلى
حين العودة سيبقى الفلسطيني اللاجئ متمسكاً بحقه في الجهاد والمقاومة ضد الاحتلال الصهيوني
وحده، وسيكون عقبة ضد كل أولئك الذين يسعون إلى توريطه في أتون صراعات داخلية تحرف
البوصلة عن فلسطين.. وهذا ما يراهن عليه الجميع رغم صعوبة الخيار، إلا أن صوابية الخيار
تبقى الأفضل.
المصدر: الاستقلال الفلسطينية