الفلسطينيون في لبنان يدفعون ثمن اللجوء
بقلم: المخرجة بهية نمور
النظرة الأمنية البحتة بقيت تسيطر على العلاقة
مع الوجود الفلسطيني بلبنان، حيث لا تزال غالبية المخيمات الفلسطينية ذات مدخل واحد
محاطة بالأسلاك ونقاط التفتيش المقيدة للحركة.
يمنع اللاجئ الفلسطيني من إدخال مواد البناء
أو الترميم إلى مخيمات الجنوب الخمسة، الرشيدية والبص والبرج الشمالي والمية ومية وعين
الحلوة. ويعد إدخال تلك المواد إلى المخيمات الفلسطينية جريمة يعاقب عليها القانون.
فضبط اللاجئ وهو يحاول إدخال كيس من الإسمنت
إلى المخيم يجر عليه مصادرة الكيس أولا ثم اعتقاله ثانيا في إحدى ثكنات الجيش حيث يتعرض
للتحقيق ويسجل بحقه محضر يواجه على أثره عقوبة تصدرها وزارة العدل في الجمهورية اللبنانية
بادعاء "الحق العام" وبتهمة "التهريب". والعقوبة دفع غرامة مالية
تقدر بمئة ألف ليرة لبنانية أي ما يعادل 66 دولارا أميركيا.
يلجأ الفلسطيني إلى طرق غير مشروعة لإدخال
مواد البناء ويدفع مقابلها أضعاف التكلفة المالية. هذا بفرض وجود مساحات إضافية للسكن
بعد الاكتظاظ السكاني الخطير الذي يعيشه اللاجئون في المخيمات، حيث لا تزال المساحات
على حالها منذ أكثر من 67 سنة، هي عمر نكبة فلسطين، رغم تضاعف أعداد اللاجئين أربعة
أضعاف أو أكثر.
لعب الأطفال في المخيمات مختلف، فالركض
يكون في دهاليزٍ لا تنتهي، والاختباء بين المنازل المتراصّة والأزقة المتقاطعة التي
تزداد حُلكة بفعل البناء العمودي. والنتيجة أن 35% من الأطفال، المسجلين في مدارس وكالة
غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، يعانون من أعراض قصور النظر.
هذا حاضر أطفال، في عمر الزهور، فأي مستقبل
يترقبون وعيونهم شاخصة إلى أفق مغلق تراصت فيه الأبنية فمنعت عنهم النور ومعه إشراقة
الحياة؟ لهذا السبب قررت وفريق العمل إنجاز حلقة "فلسطين تحت المجهر" تحت
عنوان "الحقوق المهدورة" للإضاءة على واقع فلسطينيي لبنان.
لا يزال الفلسطينيون في لبنان يدفعون ثمن
اللجوء، حتى اللحظة، من حقوقهم وحرياتهم المهدورة وبإجراءات قانونية تمنع عنهم ممارسة
أكثر من 73 مهنة. كما أنهم ممنوعون من التملك خارج المخيمات، رغم ما يكفله الإعلان
العالمي لحقوق الإنسان الذي صادقت عليه الدولة اللبنانية وأقرته.
وبهذا الشكل يضطر اللاجئ الفلسطيني، في
كثير من الأحوال، إلى تسجيل بيته أو شركته باسم صديق أو قريب لبناني، والقصص متعددة
حول حالات نصب فردية وضياع حقوق لم تذر شيئا لأصحاب الملك.
حجم التضييقات وإهدار الحقوق التي يعانيها
اللاجئون الفلسطينيون في لبنان لم تترك أمام الأجيال الشابة غير التفكير في طريق الهجرة
سبيلا رغم كل ما يلفه من مخاطر وأهوال تبدو لهم أهون من العيش في المخيمات. وفي الانتظار
آباء أنهكهم الزمن، يتمسكون بالأمل في تحقيق حلم
ضم الأبناء والأحفاد في وطن سرق منهم.
المصدر: الجزيرة نت