الفلسطينيون والنكبات والكرت الرابح للعرب
بقلم: عبير نوف
بعد نكبة عام 1948 حين طرد الصهاينة الفلسطينيين من أرضهم عنوة على أمل ألرّجوع وفق فترة زمنيّة وجيزة حددها ألعرب , بات الرجوع حلما يسكن وجدان كل فلسطيني فقد كرامته مع فقدان أرضه, فتشرّد في البقاع العربية كالكويت ,والعراق, وسوريا, والأردن, وليبيا, ولبنان, وذاق مرارة ألذل والهوان.
لن تتوقف النكبات, فكان الفلسطينيون شاهد حي على كل حرب اصابت ايّ دولة عربية ,فخسر من شعبه ما خسر وما زال حتى يومنا هذا يخسر من الأرواح والمال, وفقا للمجازر التي تحدث في سوريا ,لا تفرّق بين فلسطيني وسوري رغم وجودهم داخل المخيّمات.
حرب الكويت
كان يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في الكويت عام 1991 حوالي 400,000 فلسطيني الاّ أنّه اليوم لم بتجاوز 60.000 فلسطيني بعد حرب الخليج الثانية في العراق, بذريعة أنّ قيادة منظمة التحرير الفلسطينية دعمت العراق في غزوها للكويت عام 1990. فأسفر هذا التدخّل نتائج وخيمة تكبّدتها المنظمة كخسارتها لدعم الّلوجستي والمادي من الخليج وقاعدة جماهريّة كبيرة كانت لهم مأوى لعيشة كريمة. فغادر عشرات الآلآف من مناطق مختلفة بالخليج الى دول عربية وأجنبية مختلفة.
بدء عدد الفلسطينييون يتتاقص الى أن بلغ عددهم 26000 بعد اجبارهم مغادرة البلاد نتيجة للحملة الإرهابية التي استهدفتهم وقد بدأت بوادر الحملة الإرهابية ضد الفلسطينيين في الكويت, في الربع الأخير من عام 1990.حيث ادّت الى قتل46 وجرح 99 شخصا في المناطق السكنية ذات الغالبية الفلسطينية,في العدساني والحساوي وخيطان وكذلك المنطقة التجارية المعروفة بشارع عَمَّان.
حرب العراق:
لجأ 400,000 فلسطيني الى العراق بعد حرب الخليج , حيث منحهم الرئيس الراحل صدّام حسين كافة الحقوق المدنيّة والأنسانيّة مع العلم انّ العراق ليست من الدول الموقّعة على اتفاقية 1951 وقانون اللاجئين, فلم تعتبرهم العراق كلاجئيين لذلك وقف الفلسطينيون جنبا الى جنب في الحروب وفي الأزمة المعيشيّة التي واجهتها بعد الحصار الذي فرض عليها قبل حرب 2003، حالة الفلسطينيون تدهورت في العراق بعد سقوط الرئيس الراحل صدام حسين حيث تعرّضوا الى التنكيل والقنل والخطف وابعادهم عن العمل على يد بعض الجماعات المسلّحة, وذلك تعبيرا عن استيائهم لمنح الفلسطينيين الأمتيازات، فقتل ما لا يقل عن 150 فلسطينيا, ورحل ما يقارب 1000فلسطيني حيث علقوا على الحدود ومنعوا من دخول الأردن مما ادى الى اقامة مخيّمات في الصحراء كمخيم الرويشد, الى أن وافقت الأردن إدخال حوالي 386 شخصا, عاد البعض الى بغداد وبقي في المخيم حوالي 148فلسطينيا.
وفقا لمفوضية شؤون اللاجئين فقد غادر حوالي 21,000 فلسطينيا العراق منذ عام 2003 ولم يتبقّ سوى 13,000.
حرب ليبيا
يبلغ عدد الفلسطينييون في ليبيا بعد سقوط الرئيس اللّيبي معمّر القذّافي إثر ثورة 2011 ما يقدر بين 45,000 إلى 70,000 فلسطيني لكن العدد غير دقيق نسبيا ,وذلك لأن العديد منهم فروا من البلاد، وهناك الكثير من المشردين داخلياً يقيمون يطرق غير شرعية.
وبالرغم من أن ليبيا من الدول الموقعة على بروتوكول الدار البيضاء في عام 1965، وهو الذي يحمي الحقوق الفلسطينية في الدول العربية ورغم دعم النظام لهم. إلا أنهم عانوا أيضا من وطأة تخبطه السياسي الذي تجسد في سلسلة من عمليات الطرد الجماعي. فكما ورد في احدى المواقع الأخبارية أنّ
حملة القذافي الإعلامية في 1995-1996 الهادفة لإثبات صورية اتفاقات أوسلو بآثار كارثية، فقد أدت لطرد الآلاف من الفلسطينيين، وتقطعت السبل بآلاف آخرين في خيام على الحدود مع مصر.
وكان القذافي قد قال في حينه، أنه بما أن القادة الفلسطينيين يزعمون أنهم قد حصلوا الآن على وطن وجواز سفر.. فليدعوا ال 30,000 فلسطيني في ليبيا للعودة إلى وطنهم.. ودعونا نرى ما اذا كان الاسرائيليون سيسمحون لهم بالعودة فعلاً.. بهذه الطريقة سيعرف العالم أن السلام الذي يتبناه ليس سوى غدر وتآمر وهكذا خسر الفلسطينييون سلامتهم النسبية وحقهم في العمل وازدادت مآسيهم وتشردهم.
وتقول الدكتورة إيلنا فيدان قاسمية، الباحثة في مركز دراسات اللاجئين في جامعة أكسفورد، أنه عندما بدأت الثورة في عام 2011، كان ذلك وقتاً مخيفاً للفلسطينيين، الذين كانوا بمثابة المراقب لما يحدث.
وتشرح، "الأفراد الذين تحدثت إليهم قالوا أنهم تعرضوا لهجوم من قبل القوات الموالية للنظام لعدم إنخراطهم في الاعمال المسلحة، أو أنهم تعرضوا لهجوم من الحركة المناهضة للنظام بسبب وجود ارتباط موالة مفترضة مع النظام السابق”.
وهكذا وما ينتظرالفلسطينيون أعظم فنصفهم يمتلكون وثائق منتهية الصلاحية ويخشون تجديدها خوفا من طردهم
وبدوره، يقول الدكتور المتوكل طه، السفير الفلسطيني الجديد لدى ليببا، منبها إلي أن الحكومة الليبية سوف تطلب قريباً من الفلسطينيين الحصول على تصاريح الإقامة وبالقوانين الجديدة سوف تتغير الأمور.. إجتماعيا واقتصاديا وقانونيا. عدا عن ذلك فقد فرّ العديد من العائلات وسكنوا الحدود التونسيّة اللّيبيّة في خيم كما نكبة 1948.
حرب سوريا
في ظل الصراع القائم لأزالة النظام ,تعكس أحداث سوريا المستمرة حتى الحين نكبة على شعبها وعلى الشعب الفلسطيني الّذي اراد أن يكون محايدا فما نال الاّ القتل والتشريد.
مخيّم اليرموك هو أكبر المخيّمات الفلسطينية في سوريا حيث كان يقطنه 150,000فلسطيني, تشرّد معظمهم نحو لبنان والأردن وقتل اكثر من 700 فلسطيني في قصف استهدف المخيّم, فلم يقلّ حظا عن مجزرة مخيّم تل الزعتر في لبنان عام 1976 الذي قتل فيه 3000 فلسطيني, بالأضافة الى مخيم نهر البارد الذي دمّر بشكل كامل وهجّر سكانه.
الفلسطينيون بعد نزوحهم الى لبنان يعيشون مأساة عظيمة, فقد افادت المديرية العامة بأنّ بلغ عدد النازحين الفلسطينيين من سوريا الى لبنان 14127معظمهم أطفال ونساء وعجّز تصدمهم الحاجة, ويقرصهم البرد القارس, فلا مأوى ملائما يأويهم, ولا فرص عمل تسد رمق عيشهم , مقارنين معاملة الشعب في سوريا للنازحين من لبنان خلال حرب 2006 اثناء الأعتداء الصهيوني على لبنان , وكل هذا بسبب التقسيم السياسي القائم داخل لبنان.
والسؤال كيف على الفلسطينيين أن يتصرفون في بلاد اللّجوء , هل يكونوا محايدون في قراراتهم وافعالهم فيوصفون بالمتقلّبين والنأي بالنفس؟ أم يقفون الى جانب الأنظمة ضد الشعوب الّذين عاشوا في معظم الدول ظروفهم وبالتالي يوصفون بالمرتزقة الخائنة فيحاسبون على فعلهم؟ أم يقفون بجانب الشعوب ضد الأنظمة التي استضافتهم في ارضها بعد نكبة 1948؟
كيفما اختار الفلسطينيون وطرحوا موقفهم فهم الورقة الخاسرة على الدوام , فتخبّطوا وهجّروا في بقاع الأرض يعانون ما يعانون من غياب الرحمة والحقوق الأنسانية, فالفلسطينيون الكرت الرابح للحكومات العربية , بعد أن باع الزعماء فلسطين, باعوا وقبضوا ثمنها لترقى بلادهم, فكفى زج الفلسطينيين في أتون الظلام وضعوا مصالحكم الخاصة بعيدا عن المنكوبين, لأن هذا الشعب كفاه من اليأس والأحباط, هذا الشعب لا يرضى بوطن بديل, لا يرضى الاّ بفلسطين التي ابعدتها مؤامرات من لهم مصالح , فكفوا يدكم عنها وأرحموا تشرّد شعب بلا مأوى.
المصدر: قلم