القبور أيضاً تطالب بالعودة
بقلم: فاطمة الحداد
خاص/ لاجئ نت
في القبور بتنا، وعلى شواهدها كتبنا ما لم تمحه السنوات التسعة وستون من التغريبة الفلسطينية، ولدت هناك في ربوع فلسطين في مدنها وقراها، ومت هنا في مخيم اللجوء، ولكني حملت اسم موطني ونقشته على شاهدة قبري. ليبقى شاهدا على جذوري في بلادي المغتصبة، والتي لم تحتضن حتى الآن من حملها في قلبه زهرة ومن بكاها بعينه طفلة.
كل قبر هنا في مقبرة الشهداء في مخيم البرج الشمالي لا يخلو من اسم البلدة أو المدينة التي هجر منها هؤلاء الموتى، والتي لم ينسوا أن يورثوها إلى أبنائهم فوق الأرض وهم في قبورهم أيضاً، صغارنا وكبارنا واروا أجسادهم الثرى، لكن حيفا، ويافا، وصفد، وحطين، وديشوم، والزوق، ولوبية، والكساير وغيرها الكثير من الأسماء بقيت حية تأبى الموت لتؤكد أن العودة حق وأن من خرج من بلاده قصراً، لم يمت ولم يترك الأرض دون أن يعلم الكون أن القضية ورّثت لمن حملها حلماً حقيقةً وقضية.
عذراً أيها الموتى هنا في مقبرة الشهداء في مخيم البرج الشمالي إن كنا قد خرقنا عزلتكم، لكن وفاء القبور من وفاء أصحابها الذين ماتوا وفي قلوبهم غصة... فالأجساد التي لم تعرف فلسطين في حياتها لم يقدر لها أن تُحتضن في تربة البلاد المغتصبة. لكن الإصرار والتمسك بالعودة جعل اللاجئ الفلسطيني يصنع من قبره شاهداً على نكبة عام 48 والتي خطت بالدم ما لا تمحه العقول من مجازر ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني على أيدي العصابات الصهيونية.
ألا أيها العالم فاسمع كل من تحدث عن مشاريع السلام والتسويات مع الإحتلال لم يدرك الحقيقة وكل من دخل في مزايدات على حساب دماء الشعب الفلسطيني والعودة خاسر لا محالة فما من حل لقضية العودة إلا المقاومة فالمقاومة فالمقاومة، لأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة. ولا بديل للعودة إلا العودة التي يعيش الشعب على أملها في غربته، لأنها وعد سماوي لا يخلف أبدا.
ختاماً، إلى كل من تشبث بالسلام ونهجه تعال إلى مخيم البرج الشمالي... زُر مقبرتنا قد تكون عبرة... ومن لم يعتبر من الموت فلن يعتبر من...