القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

القدس للأنباء: أوسلو وثماره الخبيثة!!

القدس للأنباء: أوسلو وثماره الخبيثة!!

قبل عقدين من الزمن وقّعت السلطة الفلسطينية اتفاق "أوسلو" مع الكيان الغاصب برعاية أمريكية، بعد جولات وصولات من المباحاثات السرية قبل أن تنضج مبادؤه بشكل رسمي في تاريخ 13-9-1993. إتفاق شكل إنعطافةً كبيرة على مسار حركة التحرر الفلسطينية، ودخل مرحلة مفصلية في تاريخ القضية حيث شكل نقطة تحول بارزة للنهج الثوري والكفاح المسلح وبات واضحاً وبشكل علني من صرخ بصوت عالٍ في السابق أنه لا تفاوض مع المحتل ولا تنازل ولا اعتراف ترصده عدسات الكاميرا وهو يتنكب لمبادئه أمام الجميع معلناً السير في نهج المفاوضات المشؤومة ومتذرعاً بالمرحلية والتدرج لتحقيق مبتغاه.

بموجب اتفاق "أوسلو" وجدت سلطة الحكم الإداري الذاتي المحدود، وتذرعت السلطة أن هذا النهج البديل سيجلب لها الدولة والقدس واللاجئين، وسرعان ما تحولت تلك السطة لوكيل أمني للاحتلال، فاختلط الحابل بالنابل والتبست المفاهيم والمصطلحات وأصبح الفلسطينيون رهائن لاتفاق تمخض عنه اعتراف بشرعية المغتصب، ومفاوضات مستمرة حتى الآن والدولة الفلسطينية لم تبصر النور والاحتلال يواصل الاستيطان ومساحة الدولة المحتملة والموهومة تتقلص عبر السنين، والقدس إلى مزيد من التهويد، واللاجئون لا عودة لهم، والأسرى تضاعف عددهم عشرات المرات إبان توقيع الإتفاق، فشكل الإتفاق وبالاً على الفلسطينيين وخيبة أمل لروادها وأثبت فشل مقولة "المرحلية" وعقمها، ولم يجنوا من ثماره الخبيثة إلا المرارة ومزيداً من المعاناة والأسى، فقد حوّل القضية الفلسطينية من قضية تحرر إلى مسألة استقلال مزيف، ومن قضية عودة إلى مسألة دولة موجودة في الفضاء أو لا تتجاوز الشعارات الواهية وخطابات المشاعر فارغة المضمون، والأهم من ذلك، حولها من قضية وطن مسلوبٍ ومغتصب إلى قضية سيادة وسلطة تحت رحاب الإحتلال.

لم تعدم الخيارات أمام أبناء شعبنا المضحي والمقدام، فقد روى عشرات الآلاف من أبنائه الصادقين والمخلصين بدمائهم أرض الوطن لمقارعة الإحتلال إبان الإنتفاضتين المباركتين، لعل الخلاص اليوم بات واضحاً جلياً بعد ما سطرته المقاومة من إنتصارات مدوية في وجه الكيان الغاصب في كافة ميادين المعركة على التراب الفلسطيني التي أخرجته من غزة مذموماً مدحوراً، وفي سجونه الجائرة إنتصرت الإرادة والعزيمة والأمعاء الخاوية على الجلاد. الأمر الذي يتطلب وعياً جماعياً لحساسية المرحلة في ظل هذه التضحيات الجسام وفي ظل المراوغة والمخادعات الأميركية التي تنزل على ساحاتنا تترى، فالمبادرة الأميركية الأخيرة سارت هذه المرة حاملة في جنباتها طابعاً إقتصادياً لتضرب على الوتر الحساس لجهة معاناة المواطن وحياته التقشفية. المطلوب اليوم ومن كافة شرائح الشعب الفلسطيني ليس رفض هكذا بضائع فحسب وإنما الخروج من عباءة أوسلو، والدعوة إلى إعادة بناء منظمة التحرير وإعادة تعريف المشروع الوطني. فأوسلو ومثيلاتها قسمت الأرض والشعب وعادت بالويلات على القضية المركزية، وثمارها مرة، وعلى الشعب الفلسطيني قلعها من جذورها، وتجديد الولاء لمشروع المقاومة والبراء مما سواه لتعود للأرض سيرتها الأولى وزرعها الطيب وثمارها الحلوة.

بعد كل هذا ألا يحق لنا أن نردد ما علمنا أياه أجدادنا منذ نعومة أظافرنا المثل الشائع: "من جرب المجرب كان عقله مخرب".