القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الخميس 28 تشرين الثاني 2024

القدس وصولجان القسام

القدس وصولجان القسام


بقلم: غسان الشامي

يحيق يالقدس في هذه الأيام مخاطر كبيرة، وحقد أسود ينصب عليها من كل مكان، فالأحجار والأبنية في المدينة الشامخة تتآكل يومًا بعد يوم، والأرض تسرق يومًا بعد يوم، والآثار والشواهد التاريخية تدمر وتزيف وتكتب عليها أسماء عبرية توراتية.

القدس عنوان رئيس على طاولة رئيس الوزراء الصهيوني "نتنياهو"، الذي يكرر دومًا مقولة أمام المجتمع الصهيوني، وهي: "لا قدس دون (إسرائيل)، ولا (إسرائيل) دون القدس"، ويشدد على أن الحرم القدسي من أقدس الأماكن اليهودية، ودائمًا يرصد الصهاينة أكبر الموازنات المالية من أجل القدس؛ لصرفها في اشتراء منازل الفلسطينيين وممتلكاتهم ومتاجرهم لتنفيذ مشاريع التهويد والبناء الإسرائيلي في المدينة، فالقدس دومًا على رأس الأولويات والبرامج الصهيونية، وهي تمثل لدى الصهاينة شيئًا هامًّا وكبيرًا، وهم ينتظرون اليوم المشهود لهدم المسجد الأقصى المبارك وبناء الهيكل المزعوم.

تنام القدس وتصحو على أعمال الحفريات والهدم والمشاريع الاستيطانية، التي تنهش أرضها وجدارها وتقطع طرقها، وتمزق لحمها عن جسدها، القدس اليوم تحاك عليها مؤامرات كبيرة تستهدف فيها الأخضر واليابس والشجر والحجر والإنسان والهوية الفلسطينية.

القدس اليوم في طريقها إلى التقسيم المكاني والزماني، وهاهم الصهاينة يستعدون لفرض الخطط الجديدة ومواعيد الصلاة الجديدة، ويكثفون وجودهم خلال الأعياد اليهودية، ويوزعون منشورات تطالب الفلسطينيين بإخلاء ساحات المسجد الأقصى في الأعياد اليهودية.

إن الجماعات اليهودية المتطرفة التي تعمل تحت إطار ما يسمى "منظمات الهيكل المزعوم" تواصل عملها ليل نهار؛ من أجل حشد الدعم الصهيوني واليهودي لمشاريع تهويد القدس والمسجد الأقصى، وتكثف هذه الجماعات نشاطاتها خلال الأعياد اليهودية، إذ تنشر دعوات عنصرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي لحث جمهور الصهاينة، والسياح اليهود الأجانب من شتى أنحاء العالم على المشاركة في اقتحامات المسجد الأقصى، وتدنيس باحاته الطاهرة، وأداء الصلوات التلمودية فيه، وتوفر الحكومة الصهيونية الغطاء الرسمي لهذه الاقتحامات، وتوفر الحماية الأمنية الكاملة، ونحن نشاهد السياح الأجانب الصهاينة وهم يدنسون ساحات وباحات المسجد الأقصى المبارك نستذكر قول الشاعر: أحرام على بلابله الدوح ... حلال للمستوطنين من كل جنس؟!

لابد أن تكون القدس على رأس الأولويات والاهتمامات العربية، وكفى تقاعسًا عن خدمة القدس، وكفى كلامًا وخطابات عربية عن القدس، حتى أموال العرب لا تصل إلى القدس، فالقدس بحاجة إلى كثير من الأموال والخدمات، ولننظر إلى واقع الفلسطينيين في القدس والمؤسسات الفلسطينية في القدس التي تعاني من شح المال وقلة الموازنات، ولننظر إلى أحوال المواطنين في القدس الذين يعيشون يوميًّا تحت التهديدات الصهيونية بالتهجير والتشريد من القدس، أما المزارعون والصناع فتلاحقهم الضرائب الباهظة والتضييق المتواصل، حال القدس اليوم أليم، وهي تسأل: أما من مجيب؟!، وهل من نصير؟، ومتى التحرير؟!

وسط ما تحياه القدس من آلام وأحزان وصلت رسائل المقاومة الفلسطينية وكتائب القسام إلى الجيش الصهيوني، عندما أعلنت القسام أن الإعداد لمرحلة تحرير فلسطين قد بدأ، وقد وصلت الرسائل عندما شاهد الجنود الصهيانة قادة حركة حماس على حدود غزة ينظرون إلى المواقع العسكرية الإسرائيلية على بعد أمتار قليلة، لقد كانت رسالة قوية من القسام إلى الصهاينة.

وقد كشفت أخيرًا وزارة الجيش الصهيوني منظومة دفاعية جديدة، أطلقت عليها اسم "صولجان القسام"، أشرفت على إعدادها شركات عسكرية أمريكية، تسعى من وراء استخدامها إلى اعتراض صواريخ المقاومة الفلسطينية القصيرة والمتوسطة المدى، وهذه المنظومة هي قيد التجربة ولم تعتمد، وحال المقاومة الفلسطينية يقول: منظومة القبة الحديدية سقطت وتدهورت أمام إعلان كتائب القسام موعد قصف مدينة تل الربيع المحتلة أيام الحرب الأخيرة الساعة التاسعة مساء، ولم تتمكن هذه القبة البائسة من منع هذه الصواريخ، وإن هذه المنظومة ستسقط وتتدهور ولن تنجح في منع صواريخ القسام من الوصول إلى المدن المحتلة.

أمام الحكومة الصهيونية الجديدة الكثير من العقبات والتحديات، ربما أكثرها ثبات غزة أمام الحصار والإغلاق والجوع، والملف العربي وما يحدث في الوطن العربي من حروب، وما يحدث من تطورات في مصر، أيضًا أمامها الملف النووي الإيراني، وداعش وغيرها، كل هذه الأحداث وغيرها ستجعل من مهمات الحكومة اليهودية صعبة، وستبقى في حذر وترقب من مفآجات غزة العدو الأكبر لها.

المصدر: فلسطين أون لاين