القضية الفلسطينية والبعد الأممي
بقلم: ماجد الزير
قام المشروع الصهيوني على أرض فلسطين، واستمر طوال العقود الستة الماضية نتيجة تضافر عدة عوامل وظروف ساهمت في أن يصل إلى ما وصل إليه. ومن ذلك، الدعم الأممي من أفراد وهيئات ودول وبأشكاله السياسية والقانونية والعسكرية والاقتصادية والبشرية وغيرها، والذي ما زال قائماً حتى هذه الأيام، وأبرز ما تمثل به هذا الدعم، هو في قرار تقسيم فلسطين الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1947، الذي نعيش في هذه الأيام أجواء ذكرى صدوره. فهو الذي أعطى الشرعية لقيام الدولة العبرية، ونعتقد جازمين بأن هذا المشروع سينتهي في لحظة رفع الغطاء الدولي عنه، ولو بشكل جزئي.
ولا يمكن للشعب الفلسطيني أن يشقّ طريقه في استعادة حقوقه إلا باستحضاره الدائم لكل نقاط القوة عنده بكل أبعادها، وفي مقدمتها الجانب الدولي للقضية، والبحث من زاويته عن نقاط قوة عالمية داعمة للقضية في مقابل الحشد الداعم للجهة المقابلة. ونؤمن بأن الساسة الفلسطينيين الذين ذهبوا إلى مفاوضات ثنائية مع العدوّ الصهيوني منذ اتفاق أوسلو 1993 قد قزّموا القضية من هذه الزاوية، ووضعوا أنفسهم وشعبهم في قفص الاستفراد الصهيوني. ففي الوقت الذي ينعم الإسرائيليون بكل أشكال الدعم العالمي، افتقدنا لبعض ما يمكن أن يُعتبر بعضَ مظاهر القوة لدينا.
لقد استدعى هذه الفكرة تدافُع أربع مناسبات متقاربة هذه الأيام، وهي متشابهة وتدخل في دائرة القوة للقضية الفلسطينية في البعد العالمي. ولها ولمثلها ما قصدناه من الاستثمار الفلسطيني في الدعم العالمي لمكافحة المدّ الصهيوني، فاليوم العالمي لدعم الشعب الفلسطيني الذي يصادف التاسع والعشرين من تشرين ثاني (نوفمبر) من كل سنة منذ العام 1977 يوم إطلاقه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ثم ذكرى صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وقرار رقم 194 القاضي بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم، في العاشر والحادي عشر من شهر كانون الأول (ديسمبر) من العام 1948 على التوالي، وصدور قرار تأسيس الأونروا في الثامن من الشهر نفسه في السنة التالية (1949). كلها داعمة لحقوق الشعب الفلسطيني بالعموم وخصوصاً جموع اللاجئين منه.
لكل مناسبة خصوصيتها التي يمكن الاستفادة منها وتوظيفها وعقد أنشطة وفعاليات حيث وُجد الشعب الفلسطيني وبمستويات عدة. وهذا أول ما يخدم الحفاظ على هذه المكتسبات، فهي مستهدفة من قبل العدو الصهيوني الذي يسعى لإلغاء بعضها كالأونروا وقرار رقم 194، أو محاربة كل من يستنهض فيه الجانب الإنساني لدعم حقوق الشعب الفلسطيني من قوى دعم الحق والعدل في العالم، أو يسعى أيضاً إلى أن يعتبر الصهاينة أنفسهم ضحية للتعسف الفلسطيني ضمن إعلان حقوق الإنسان العالمي.
يؤسفنا أن نقول أنه برغم ما بدا من استعادةٍ للبعد الأممي للقضية في ذهاب الرئيس عباس للاعتراف بدولة فلسطين في أروقة الأمم المتحدة، مع تحفظنا على بعض نتائجه لو حصل. يستمر طاقمه في حكاية المفاوضات الثنائية نفسها مع الإسرائيليين. فقد انعقدت في أواخر شهر تشرين الثاني من العام الجاري 2011 جولة جديدة من الحوارات في مدينة جنيف بين ياسر عبد ربه ويوسي بيلين تحت رعاية الرئاسة السويسرية. ونحن نعرف ما تعنيه « وثيقة جنيف » التي رأى فيها الفلسطينييون بالعموم تخلياً عن حقوق الشعب الفلسطيني، ومنها حقوق اللاجئين منهم والدالة الأممية في القضية.
التفاؤل يحدونا في أن المصالحة الفلسطينية ستُفضي إلى انتخابات تفرز ممثلين حقيقيين للشعب الفلسطيني يتجاوزون المرحلة السابقة بسلبياتها، ويستحضرون ما فيها من إيجابيات، وينطلقون إلى المستقبل ببرنامج وطني يوظف كل نقاط القوة في القضية بعمقها الوطني والقومي والإسلامي، وبابعادها المحلية والإقليمية والدولية.
المصدر: مجلة العودة العدد 51