القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 22 تشرين الثاني 2024

اللاجئ الفلسطيني يبحث عن رغيف خبز

صمود غزال

دخلت "إسرائيل" على خط الحرب في أوكرانيا، ليس من باب السياسة والدبلوماسية فقط، بل من خلال شبكة الدِّين والمهاجرين أيضاً. كان وقع استقبال دولة الاحتلال لأوكرانيين في الأراضي المحتلة وتوطينهم في مستعمرات الضفة الغربية، شديداً في نفوس الفلسطينيين.

في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت، يتابع مَن ينتظرون تنفيذ القرار الدولي 194 القاضي بعودتهم، ما يجري في أوكرانيا. لكن الحسرة في عيونهم، لما يشاهدونه من استقبال كبير لأوكرانيين في بلادهم.


هنا، وباعتباري لاجئة، لا أكنّ الضغينة لضحايا الحروب، بينما يتزايد حقدي تجاه احتلال يريد زيادة عدد سكانه اليهود، ويصرّ على تهجير السكان الأصليين وبقائهم في المنافي والمخيمات. تابعت منذ اللحظة الأولى لتصدُّر خبر تأهب "إسرائيل" لاستقبال ما يقارب من مائة ألف لاجئ أوكراني يهودي حصراً، أدق التفاصيل، وأعتقد أن أغلب اللاجئين الفلسطينيين، تابعوه أيضاً.

رصدت مشاهد تنقل بعضهم، إذ نجحت إحدى العائلات الأوكرانية، بحسب ربورتاج أعدته وكالة "فرانس برس"، بالهروب إلى مولدافيا (شرقيّ أوروبا). توجهت هذه العائلة المنكوبة إلى كنيس العاصمة كيشيناو المركزي الذي تحوّل إلى مركز لاستقبال اللاجئين الأوكرانيين اليهود، ثم نُقلت على متن حافلات إلى مطار ياش في رومانيا، ومن ثم أُجليت عبر جسر جوي إلى مطار بن غوريون في تل أبيب.

رحلة رافقها القادة الإسرائيليون بحفاوة وحديث عن "قلوب مفتوحة" لهؤلاء اللاجئين. لا أخفي أني شعرت بـ"قرف" لا يوصف لحد "التقيؤ"، لا لشيء، فقط للعقلية الإسرائيلية التي تستغل أزمات دولية للظهور بمظهر إنساني، وهي في الحقيقة تمارس "أبارتايد" جديداً عبر اختيارها الأوكران اليهود فقط دون سواهم لتوطينهم.للحظة، أمعنت في التفكير بوضعنا نحن اللاجئين في لبنان، نحن الجيل الرابع بعد نكبة عام 1948، الذي لا يزال متعطشاً للعودة إلى دياره، نحن الذين نعيش في ظروف "لاإنسانية" داخل المخيمات، اختُزلت أحلامنا في تأمين رغيف خبز.

واليوم، أكثر من أي وقت مضى، تئنّ المخيمات من الفقر والبطالة، ووجوه الناس تبحث عن رغيف خبز أو وجبة غذائية، ولا سيما مع اقتراب شهر رمضان. وفيما هبّ العالم كله لتقديم جميع المعونات العسكرية والطبية والغذائية والإعلامية فوراً إلى شعب أوكرانيا المظلوم - وهذا أقلّ ما يمكنه فعله - يبقى اللاجئ الفلسطيني من دون أيّ دعم في أحلك ظروف تمرّ عليه، جراء الأزمات المتلاحقة في لبنان، والخاسر الأكبر هو الفقير أصلاً.

ووسط حديث اللاجئين عن ازدواجية المعايير في الغرب تجاه التوجه السياسي للضحايا، يراقب الفلسطيني الغزو الروسي لأوكرانيا، لا لمتابعة تفاصيله ومصيره فحسب، بل لمعرفة ارتباط ذلك كله بارتفاع أسعار المواد التموينية، ولا سيما الخبز. إذ يبدو أنه الصنف الأهم للأمن الغذائي للاجئين، والعنصر الأساسي في وجباتهم اليومية. وعليه، يقول أحد اللاجئين: إذا أردت معرفة سعر رغيف الخبز، فعليك معرفة كم صاروخاً سقط على كييف!