اللاجئون الفلسطينييون في سورية...خيام وسط الإعصار!!
بقلم : سمير عطية
يبيع منزله ثم يذهب بزوجته وأولاده عبر المدن باحثاً
عن ملاذ إنساني آمن له ولأسرته، لكن الأسوأ حظاً منه يهربون إلى الحدود الأردنية فيدخلون
بشبه معجزة إلى مخيم الزعتري في ظروف قاسية للغاية بين الخوف وضياع المستقبل والتشرد
الجديد والمعاناة العجيبة في وضع سيء من الحر وقلة الزاد وانتشار الأمراض، عشرات العوائل
تنزح إلى لبنان ليتوزعوا في المخيمات التي تأوي إخوانهم الفلسطينيين!! مئات الحالات
من النزوح عن المخيمات إلى مخيمات أخرى، أو تجمعات قريبة للاجئين الفلسطينيين...
عائلات توزعت على عدة مساكن،وبعضها توزع على عدة مناطق،
وآخرون تشرذموا بين بعض البلدان من لبنان إلى مخيم الأردن إلى بعض البلدان الأخرى!!
ليس ما سبق جزءًا من رواية " البؤساء " لفيكتور
هوجو، أو من مقال تشاؤمي للكاتب "محمد حسنين هيكل".
ليس ما وضعنا شيئاً من حالاته تفاصيل حلقة من حلقات مسلسل
" التغريبة الفلسطينية " لوليد سيف، لكنه جزء حقيقي ومؤلم من مأساة
" التغريبة " على أرض الوجع الفلسطيني في الشتات! تفاعلت بشكل سريع خلال
أشهر، ومرشحة بكل أسف لتكون كمثيلاتها في العراق ومهجريه، ولبنان ولاجئيه!!
ما يقارب من 600 ألف حسب بعض الإحصائيات من لاجئين مسجلين
وغير مسجلين في قوائم الأونروا وسجلاتها، يعيشون في شمال البلاد وجنوبها من درعا إلى
دمشق ومن حمص إلى حماة وحلب واللاذقية، إلى تجمعات في أماكن مختلفة ومساحات متعددة،
تأثروا بما يجري في سورية من أحداث رغم إصرارهم على البقاء في إطار الحياد الإيجابي،
من أجل إبقاء القضية في مربعها الصحيح، ومكانها السليم.
نطلق صرخاتنا الإعلامية، واستغاثات أهلنا عبر سطور صفحاتنا،
ونحن نتوجع مثلهم، فالتشريد من العراق لم يكد ينتهي،وسنوات المعاناة التي تغير شكلها
من مخيمات على الحدود إلى تذويب بين العواصم، لا تزال حية لم تمت إلا في إعلامنا الفلسطيني
والعربي!!
أما مخيمات لبنان وأوضاعها فتزداد صعوبة، والبلد مرشح
أن يكون من أكثر من تصله ترددات الموجات وأعاصير الأحداث التي في الجوار.
في الأردن التي "تصرخ" من دخول عدة حالات إليها،
ومن ثم لا تقدم لهم الحد الأدنى من معايير الحياة المعقولة في مثل هذه الظروف الحرجة،
بل تفرض حصاراً عجيباً على الفلسطينيين في سورية من خلال رفض إعطاء تأشيرات القدوم
للأردن حتى لو كانت لأبناء المواطنة الأردنية الذين يحملون مثل والدهم وثيقة السفر
الفلسطينية السورية، في تصرف لا إنساني وغير مسؤول ويعبر عن حصار غير مقبول على العديد
من الحالات التي قدمت فيهاالمعاملات إلى السفارة السورية في دمشق، او تلك الحالات التي
رفضت وزارة الداخلية في العاصمة عمّان استلام المعاملة ولو من باب إعطاء ومضة أمل في
ذلك..
كل هذا وسط صمت
المؤسسات الدولية المعنية باللاجئين الفلسطينيين وهروبها من تقديم أي استحقاق من استحقاقات
رعاية الفلسطينيين في المخيمات والتجمعات والشتات!! وفي ظل تفكك فلسطيني رسمي وفصائلي
ومؤسساتي عن تقديم موقف يخفف الأخطار المحدقة بهم.
بدأت الفصول الساخنة للاجئين الفلسطينيين في سورية تفتح
أبواب المحن، وسط مخاوف حقيقية من تمدد الأزمة لتدخل المخيمات لا قدر الله، خاصة مع
نذر فوضى السلاح التي أخذت بالتسارع فيها.
صرخاتنا تكررت لكننا لن نيأس من إطلاقها...فلا يعقل أن
يدفع الفلسطيني في كل مكان ضريبة "الحلقة الأضعف"!
المصدر: مجلة العودة ـــ العدد الـ 60