اللاجئون ... تجدد الأمل
* رشيد حسن
لأول مرة منذ ستة عقود ونيف، يتجدد الأمل بعودة اللاجئين، ويورق الحلم من بين ثنايا صفيح المخيمات، التي أكلها الصدأ، ولكنه قطعا لم يصل القلوب، ولا الوجدان، الذي بقي حيا يقظا، مؤمنا ايمانا مطلقا، بحق العودة الى وطن آبائه وأجداده الى فلسطين العربية، التي اغتصبها الصهاينة، يتجدد الأمل هذه المرة بفعل الثورات العربية المجيدة، التي دقت جدران الخزان، وأيقظت الذاكرة التي لم تشيخ، ونكأت الجرح من جديد، فكان النفير الى فلسطين في ذكري النكبة، وفي ذكرى النكسة.
في يوم اللاجئين تحرص الأمم المتحدة على التذكير بمآسي كل اللأجئين في العالم، وبحقهم في العودة الى اوطانهم التي هجروا منها بفعل الحروب وجرائم التطهير العرقي، ولكنها مع الاسف، تجبن عن قول الحقيقة حول حق اللاجئين الفلسطينين في العودة الى وطنهم، الى مدنهم وقراهم حيث اجبرتهم العصابات الصهيونية على تركها، بفعل الجرائم والمذابح وحروب الابادة التي شنتها، ولا تزال على الشعب الفلسطيني، فطردت أكثر من 80% من الشعب الفلسطيني، اي حوالي 950 الفا، الى المنافي والشتات، في اربعة ارجاء الارض، ويبلغ عددهم اليوم أكثر من خمسة ملايين لاجئ، وفي هذا الصدد، لا بد من التذكير بحقيقتين هامتين، جعلتا من قضية اللاجئين، قضية حية لا تموت:
الأولى: هي فشل كافة المؤامرات، التي نسجتها القوى الاستعمارية منذ خمسينيات القرن الماضي، بهدف تذويب وصهر اللاجئين في شعوب المنافي والشتات التي لجؤوا اليها، وكانت النتيجة أن بقي اللاجئون، رغم قساوة الحياة، وشظف العيش، وجبروت الموت، الذي رافقهم مذ غادروا الوطن، والى الأن، متمسكين بحق العودة، حريصين على نقل الامانة من الخلف الى السلف، حتى أصبحت توصية جيل النكبة الى الاجيال اللاحقة «اياكم ان تفرطوا بحق العودة.. هي امانتنا في أعناقكم».
الثانية: ولدت من رحم الأولى، ونعني صمود اللاجئين، وتطوير هذا الصمود الى حركة مقاومة، حولت جموع اللاجئين... من مجرد أرقام وأشباح، تقف في طوابيرالاعانة ، للحصول على بطاقات المذلة والهوان .. بطاقة التموين، الى كتائب من المقاتلين، الذين رفعوا اسم فلسطين عاليا، وذكروا العالم كله بالظلم الفادح، الذي وقع ويقع على الشعب الفلسطيني، وحقه في الحياة الحرة الكريمة، وحقه في العودة الى وطنه، واستطاعوا بتضحياتهم الجسام، أن يجعلوا من فلسطين هوية نضالية عابرة للحدود والسدود.
وعودة لما بدأنا به.. فالنفير الى فلسطين، والذي تجسد في محاولة اقتحام اللاجئين المتظاهرين الحدود، والعودة الى الوطن الغالي، فسقط منهم الشهداء والجرحى، هو قطعا بداية لما هو قادم، هو ثمرة طيبة مباركة من ثمار الثورات العربية الميمونة ، والتي ربطت تحقيق أهدافها في الحرية والكرامة، بعودة اللاجئين، وتحرير فلسطين.
المصدر: جريدة الدستور الاردنية 22/6/2011