اللاجئون طليعة القتال
د. عصام عدوان
عندما اندلع القتال في معركة بدر الكبرى بين المسلمين والمشركين، دعا
المشركون للمبارزة، وانبرى ثلاثة من كبرائهم: عتبة بن ربيعة، وأخوه شيبة بن ربيعة،
وابنه الوليد بن عتبة، فهمَّ ثلاثة من الأنصار للخروج لمبارزتهم، غير أن الرسول
صلى الله عليه وسلم أرجعهم لأنه أحبَّ أن يبارزهم المهاجرون من بعض أهله وذوي
قرباه، فانتدب عمه حمزة، وابني عمه علي بن أبي طالب، وعبيدة بن الحارث بن عبد
المطلب، وكانت لهم الغلبة.
ليس بعيداً عن حديثنا السابق عن قصر المقاتلين في كل السرايا والغزوات
التي سبقت غزوة بدر الكبرى على المهاجرين وحدهم، فها هو رسول الله صلى الله عليه
وسلم يُصرُّ على تبيان أولويات القتال، حيث هي للمهاجرين أولاً ثم لعموم المسلمين.
الأمر الذي يُرتِّب على المقاومة الفلسطينية المسئوليات التالية:
1. فلسطين أرض مقدسة تعني المسلمين في العالم
جميعهم، فضلاً عن العرب، وعن الفلسطينيين، ومع ذلك ليس صواباً أن يتقدم أعاجم
المسلمين على العرب، ولا العرب على الفلسطينيين، ولا غير اللاجئين على اللاجئين في
معركة تحرير فلسطين، وتقف الأمة بأكملها سنداً وظهيراً لهؤلاء المقاتلين. وقد
أشارت واقعة بدر المذكورة إلى أن ثلاثة من الأنصار هموا بمبارزة المشركين، ذلك
لإدراكهم أن المعركة لا تخص المهاجرين بقدر ما تخص الإسلام والمسلمين. وهذا تصرف
إيجابي يُحمدون عليه، إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى الأفضل، فقدَّم
ثلاثة من كبراء المهاجرين، وهكذا يجب أن يكون.
2. لا يجب أن تترك فصائل المقاومة ملايين
اللاجئين الفلسطينيين في خارج فلسطين دون تأطير وتنظيم وتدريب، ودون أن توظفهم في
خدمة قضيتهم وخصوصاً في معركة تحرير فلسطين القادمة. وهذا يوجب أهمية إيلاء أبناء
اللاجئين - ولاسيما في خارج فلسطين وفي الضفة الغربية وداخل الأرض المحتلة عام
1948م - أهمية خاصة عند الإعداد لمقاتلة اليهود المحتلين.
3. ضرورة أن يتصدر اللاجئون كتائب تحرير فلسطين
في معركة التحرير الفاصلة.
4. في معركة بدر قاتل المسلمون؛ مهاجرون وأنصار
معاً، ولم يمنع ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم من أن يُقدِّم المهاجرين في
المبارزة، فهناك دوافع يمتلكها اللاجئون ولا يدركها غيرهم، وهم يتفوقون بها عمن
سواهم من المسلمين، ينزوي معها الحرج في شبهة التمييز بين اللاجئين وغير اللاجئين.
5. إن الوقوف على هذه المعاني إنما هو من باب
التأكيد على قواعد العمل، وإن كانت بمنزلة المسلَّمات لدى الشعب الفلسطيني. فقد
ركّزت فصائل العمل الفدائي منذ النكبة على اللاجئين من الفلسطينيين، وإلى جوار ذلك
لم تغفل ضرورة انخراط فئات الشعب الفلسطيني، بل والعربي كافة، فالعمل لفلسطين يطلب
الجميع.
المصدر: وكالة الرأي الفلسطينية للإعلام