اللاجئون من فلسطينيي سورية: وضعنا مأساوي. فرص
العمل مفقودة. نُصرّ على العودة السريعة
بقلم: كريم عبد الله
خاص/ لاجئ نت
أهل اليرموك جاءتهم
هذه النكبة مفاجئة، تهجروا أكثر من مرة، بيوم واحد تهجّر عشرات الآلاف.. السيد (م.أ)،
اللاجئ الفلسطيني من سورية، وهو من الطبقة الميسورة في مخيم اليرموك، خرج من هناك
يوم قصف الطيران الحربي السوري «الميج» للحي الذي يقطنه، فتوجّه إلى لبنان، حيث
اصطدم بالواقع المرير الذي شكل أزمة نفسية لديه على نطاق الأسرة والعائلة التي كانت
تنعم بكل وسائل الراحة والرفاهية ليجد نفسه على أبواب الجمعيات الخيرية.
يتحدث عن هذه
المحنة فيقول: «حاولنا التأقلم مع الحالة اليومية التي بات يشهدها المخيم من قصف
بالهاون واشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة لمدة زادت عن خمسة أشهر، بالرغم مما
بدأنا نلمسه من أعراض غير عادية على أطفالنا كالخوف والذعر والإهلاسات الليلية، إلا
أنه عندما تم قصف المخيم بطيران «الميج» الحربي أحسسنا أننا لم نعد ننعم بأي قدرٍ
من الأمان، فخرجت مع أسرتي مع من خرج من سكان المخيم ولم أقرر وقتها إلى أين أذهب
وعند من سأبيت، إلا أن الطلب الملح للأمان جعلنا نغادر».
ويضيف «غادرت سورية
إلى لبنان في اليوم التالي من القصف، ووصلت مساءً، فما كان لي إلا النزول في أحد
الفنادق لمدة ثلاثة أيام، لأجد تكاليف الفندق قد تجاوزت 500$، مما جعلني أفكر
بالذهاب إلى احد أقاربي في لبنان، لأفاجأ بالمعاناة التي يعانيها اللاجئون
الفلسطينيون في لبنان من ضيق العيش، إلا أن هذا لم يمنعهم من استقبالنا والتعاطف
معنا، بالإضافة إلى ما قدمته الجمعيات والمؤسسات الخيرية والأونروا من مساعدات».
في معرض السؤال عن
المساعدات التي تلقاها من الأونروا قال «هناك عتب على الأونروا، باعتبارها مسؤولة
عن اللاجئين الفلسطينيين، فهي إلى الآن لم تقدم ما يُمَكّن اللاجئ من استئجار منزل
يأويه هو وأطفاله»، وعن مدى رضاه من الأداء الرسمي الفلسطيني قال «لقد تبين لي بعد
هذه التجربة المريرة بأن اللاجئين الفلسطينيين لم يكونوا يوماً مُنصَفين ولم نكن
يوماً في حسابات من يدعون تمثيل الشعب الفلسطيني، وذكرني بحديث الرسول صلى الله
عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) بالسؤال عن هذا الراعي وأين هو من الرعية».
وفي لقاء مع زوجة
(م. أ) أفادت أن «التفاوت الكلي في الأسعار والغلاء الذي يشهده لبنان جعلنا نشعر
بفرق كبير في المعيشة، فنحن خرجنا من سورية بثيابنا لا غير، وفوجئنا عندما نزلنا
لشراء بعض الملابس للأولاد بأننا غير قادرين على ذلك، رغم يسر حالنا بالمقارنة مع غيرنا
من اللاجئين».
أمي ألحت علي للخروج والسفر!
الشاب (ن. ش) الابن
الأوسط لعائلة فلسطينية تسكن في مخيم اليرموك، لا معيل لها بعد الله سوى الراتب
التقاعدي لوالده المتوفّى منذ أكثر من خمس سنوات، وفي سياق سؤاله عن أسباب وجوده
في لبنان قال:
في ظل الركود
الاقتصادي وانتشار البطالة التي تفشت بين صفوف الطبقة العاملة في سورية نتيجة الأزمة،
قررت الذهاب إلى لبنان، ومن هناك محاولة السفر إلى مصر ومن ثم إلى ليبيا لعلّي أجد
فرصة عمل تقيني وأسرتي من الحاجة والفقر، كما أن الظروف الأمنية الأخيرة التي تحيط
بالمخيم والحواجز المتعددة التي أصبحت تشكل خطراً على الشباب الداخل والخارج من
المخيم جعلت أمي تلحّ علي بالطلب للخروج والسفر! وعندما وصلت إلى لبنان وتقدمت
بطلب فيزا إلى مصر اصطدمت بالشروط التي وضعتها السفارة لمنح الفيزا لنا، وكذلك من
موقف الحكومة الليبية من استقبال اللاجئين الفلسطينيين من سورية ومنع العائلات
الفلسطينية من الدخول إليها، فقررت البحث عن عمل هنا، إلا إن حرمان اللاجئ
الفلسطيني في لبنان من العمل أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب الفلسطيني،
مما صعّبَ علي فرص الحصول على عمل.
وخلال مدة وجودي،
قمت بالتسجيل في أكثر من جمعية ومؤسسة أهلية، إلا أنني حصلت على حرام واحد فقط، أي
بدون فرشة أو حتى حصيرة أنام عليها بالإضافة إلى سلة غذائية.
الأونروا قدمت لي
مساعدة بقيمة 40 دولاراً مع إيصال بقيمة 25 دولاراً، بالإضافة إلى نحو 150 دولاراً
مؤخراً، أما اللجنة الشعبية فلم تقدم لي معونة 50 دولاراً بحجة وجود خربطة في الأسماء.
سألنا اللاجئين عن
الرغبة في العودة إلى مخيم اليرموك، فأجمعوا على العودة السريعة فور توفّر الهدوء
والأمن إليه، وأكدوا أن المخيم هو رمز قضية اللاجئين والشاهد على مأساتهم والمنطلق
الذي خرجت منه طلائع قيادتهم وشهدائهم.