المُعالجة القانونية لعمل اللاجئين الفلسطينيين... هل تُعتَمد الهوية
كإقامة بديلة لإجازة العمل؟!
هيثم زعيتر
حرصٌ
لبناني وفلسطيني على المُعالجة الهادئة لملف عمل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بعدما تكشّف يوماً بعد آخر أنّ هناك
مَنْ يسعى إلى استغلال الأزمة والاصطياد بالمياه العكرة، ما يزيد الشرخ اتساعاً، ليس
فقط بالعلاقات اللبنانية - الفلسطينية، بل اللبنانية - اللبنانية، في صورة تعود بالذاكرة
إلى ما جرى قبل الأحداث العبثية التي شهدها لبنان في العام 1975.
وفي
ظروف مُشابهة، بل تكاد تكون مُتطابقة، والهدف منها تسديد حسابات أميركية - إسرائيلية
ضد لبنان وفلسطين، خاصة في هذه المرحلة التي عادت فيها العلاقات إلى أوجها، بطَيْ صفحة
الماضي، والتأكيد على مُواجهة "صفقة القرن"، التي كان لرفض الرئيس الفلسطيني
محمود عباس السبق في ذلك، ما أراح الكثيرين وأحرج آخرين.
يُدرك
الحريصون من المسؤولين اللبنانيين، كما الفلسطينيين، أنّ إدارة الرئيس الأميركي دونالد
ترامب والكيان الإسرائيلي لن يمرّرا إفشال "ورشة السلام من أجل الازدهار"
في المنامة مرور الكرام، لا على فلسطين ولا لبنان.
وإنْ
كان البعض يعتبر أنّ ملف عمل اللاجئين الفلسطينيين هو أمر عادي، والوقت كفيل بمُعالجته،
قد يكون مُحقاً، لكن المطلع على المعلومات التي توافرت لعدد من المسؤولين السياسيين،
وبينهم على مستوى رفيع في لبنان، وأيضاً أمنيين وعسكريين، يُدرك أنّ "سيناريو"
التوتير مُعد وتتغيّر العناوين لاستغلاله!
وبعدما
أُفشِلَ زجُّ الفلسطيني في أتون الخلافات الداخلية اللبنانية، مذهبيةً ومناطقيةً، ووقوفه
إلى جانب لبنان بتصديه للإرهاب، فإنّ ملف عمل اللاجئين الفلسطينيين بالغ الدقة والتعقيد،
باعتبار هذا العامل بالكاد يجد عملاً، وإنْ وجد فإنّ ما يتقاضاه لا يكفي لسد رمق عائلته
وقوت عياله، وتعطيله عن العمل يدفع إلى مُحاولات بعض الجهات المُتربّصة، والتي تتماهى
مع أفكار إرهابية، أو تعمل لصالح سفارات مُتعدّدة، لاستغلال ذلك بالتحريض، وهو المُكبّل
اليدين أمام صرخات أطفاله، وحاجتهم إلى الدواء في أماكن سكنٍ غير لائقةٍ، تزيد فيها
نسبة الأمراض المُستعصية، قبل أنْ يُؤمّن طعاماً للأمعاء الخاوية.
مخاطر الاستغلال!
هذا
يستدعي التنبّه إلى أنّ القضية التي يُخطّط لها أبعد من ملف تتم مُعالجته من قِبل الحريصين
بطرق هادئة، ووفق القوانين المُطبّقة على الأراضي اللبنانية، بما فيها روح هذه القوانين
التي يلتزم بها اللاجئ الفلسطيني.
يُدرك
المُطّلع على معلومات توافرت للأجهزة الأمنية اللبنانية، أنَّ هناك مَنْ هو في جهوزية
لتغذية النعرات، ولدى أكثر من طرف ومُحاولة البعض لاستغلال وِجهة الحراك الشعبي المطلبي
السلمي، إلى تنفيذ أعمال إرهابية، تستهدف الجيش اللبناني، خاصة المُنتشر في محيط مخيّم
عين الحلوة - وهو ما تمَّ إحباطه حتى الآن - لأنّ الوعي هو بعدم تكرار تجربة مخيّم
نهر البارد، يوم اختطفت مجموعة إرهابية المخيّم من أهله، واعتدت على الجيش، الذي دفع
ضريبة من الشهداء والجرحى، ودفع أبناء المُخيّم الضريبة بتدميره وتهجيرهم منه.
قضيّة
عمل اللاجئين الفلسطينيين تُعالَج بالأُطُر المُفترضة، مع وَعي وتفهّم للهواجس، خاصة
أنّ مَنْ يُساهم بتغذية إثارة النعرات، سواء أكان يدري أبعاد ذلك أم لا!، فهو يُنفّذ
خيوط المُؤامرة، التي بدأت شرارتها الأولى مع إقفال "مؤسّسة عارف للسيراميك"
لصاحبها زياد عارف، في منطقة ضهر العين، التابعة عقارياً لبلدة رأسمسقا - قضاء الكورة،
من قِبل مفتّشي وزارة العمل يوم الخميس في 11 تموز 2019، قبل أنْ يُصدِر وزير العمل
أبو سليمان قراراً بفض الأختام عن المؤسّسة، بعد استيفائها الأوراق المطلوبة، صباح
يوم الخميس (18 منه)، فأُعيد فتح أبوابها بناءً لإشارة النائب العام الاستئنافي في
الشمال القاضي نبيل وهبي.
تلك
البلدية، أصدر رئيسها سيمون نخول قراراً يوم الإثنين (22 الجاري)، قضى بمنع سكن وتأجير
المنازل والمحلات والمصانع وورش البناء للسوريين، ضمن نطاق البلدة، في مهلة أقصاها
يوم الخميس 15 آب 2019!!!
تأجيل اجتماع السراي
وفي
إطار المعالجات، علمت "اللـواء" بأنّه تمَّ تأجيل عقد اللقاء الذي كان مُقرّراً
قبل ظهر اليوم (الإثنين) في السراي الكبير، بين الوزير أبو سليمان ووفد من وزارة العمل
و"مجموعة العمل الفلسطينية" مع أخصائيين قانونيين، بدعوة من رئيس "لجنة
الحوار اللبناني - الفلسطيني" الوزير السابق الدكتور حسن منيمنة، إلى موعد يُحدّد
لاحقاً بانتظار نضوج المساعي المبذولة على أكثر صعيد.
ويقود
هذه المساعي رئيس المجلس النيابي نبيه بري، رئيس الحكومة سعد الحريري، رئيسة
"كتلة المستقبل النيابية" النائب بهية الحريري، مدير عام الأمن العام اللواء
عباس إبراهيم، الوزير السابق منيمنة مع وزير العمل الدكتور أبو سليمان والسفير الفلسطيني
في لبنان أشرف دبور.
ومن
المُتوقّع أنْ تتبلور صيغة الحل في ضوء عقد جلسة لمجلس الوزراء، بناءً لدعوة الرئيس
الحريري بانتظار نجاح مساعي اللواء إبراهيم في مُعالجة تداعيات حادثة الجبل في قبر
شمون، ليُبنى على الشيء مُقتضاه، ويُحدّد مجلس الوزراء مصير إجازة العمل، التي يُعلن
الوزير أبو سليمان الاستعداد لتقديم تسهيلات بشأن الحصول عليها، وهو ما يلتقي مع ما
رفعته "مجموعة العمل اللبنانية" المُشكّلة من الأحزاب المُمثّلة في مجلسي
الوزراء والنوّاب، ضمن "الرؤية اللبنانية المُوحّدة للتعامل مع اللاجئين الفلسطينيين".
فيما
يشدّد الجانب الفلسطيني، مدعوماً من أفرقاء لبنانيين عدّة، على عدم الحاجة إلى إجازة
العمل، باعتبار أنّ بطاقة الهوية الخاصة باللاجئين الفلسطينيين الصادرة عن وزارة الداخلية
- دائرة الشؤون السياسية، تُعتبر إقامة شرعية في لبنان، لأنّ الوجود الفلسطيني هو قسري،
ولا تنطبق عليه صفة الأجنبي، وفق ما هو مُتعارف عليه الذي يعود إلى وطنه متى يشاء،
وهو ما يُناضِل الفلسطيني من أجل تحقيقه، وأيضاً له دورٌ فعّالٌ في الدورة الاقتصادية
اللبنانية، تختلف عن حاملي الجنسيات الأخرى، خاصّة أنّ الخشية من تأثّر الكثير ليس
فقط من المُواطنين من آثار ذلك، بل التجّار، وفي الطليعة أصحاب الحسب والضمّانة، وتحديداً
في صيدا وصور وطرابلس والبقاع.
وفي
ضوء حل هذا التباين تتّضح الصيغة التي سيتم اعتمادها.
لكن
يبقى التساؤل، لماذا إصرار البعض على التصعيد، والتمسّك بما يُناسبه من مواد قانونية،
ولا يلتزم بأخرى، تنص على مُعاملة الإنسان كإنسان، كما عليه الإلتزام بواجبات له حقوق،
وصولاً إلى أنّ هناك مَنْ يهدف من اتساع قِطر قضية عمل اللاجئين، إلى قطع الطريق على
طرح ملف الحقوق الإنسانية والاجتماعية وتملّك شقة، والتي كانت الاتصالات بشأنها قد
قطعت شوطاً مُتقدّماً، ويُمكن إذا ما طُرِحَ قانون بشأنها نال الأغلبية تحت قبّة المجلس
النيابي، خاصة أنّ كُثُراً ممَّنْ تتمُّ اللقاءات بهم يُؤكدون ضرورة إقرار هذه الحقوق،
بما يُغاير التصاريح والمواقف التي يدلون بها أمام المُناصرين!
فتح مدخلين في عين الحلوة
في غضون
ذلك، شهد مخيّم عين الحلوة يوم أمس الأول (السبت)، إعادة فتح المدخلين الرئيسيين الشمالي
لجهة "مستشفى صيدا الحكومي"، والجنوبي لجهة درب السيم أمام حركة السيّارات
والمشاة معاً.
وجرى
إدخال المواد الغذائية والتموينية والاحتياجات الأساسية، تنفيذاً لما تمَّ الاتفاق
عليه بين القوى السياسية والحراك الشعبي والشبابي والمدني.
وأُبقِيَ
على إقفال مدخلَي المخيّم الغربي لجهة حسبة صيدا، والشمالي التحتاتي لجهة التعمير أمام
حركة السيارات باستثناء المشاة.
واستمرَّ
أمس فتح الطريقين، فيما تُبذَل الجهود من أجل العمل على فتح باقي الطرقات، في ظل وعود
لبنانية لمُعالجة جدية في أوّل جلسة يعقدها مجلس الوزراء.
الوزير أبو سليمان
من جهته،
أوضح الوزير أبو سليمان أنّ "رئيس الحكومة سعد الحريري يبحث عن الحلول لتخفيف
التوتّر الفلسطيني، ولم يطلب منّي تأجيل تطبيق الخطة"، مشيراً إلى أنّ "التفتيش
مُستمر، وليس هدفنا اليد العاملة الفلسطينية، وإنّما المشكلة الكبرى هي بحجم اليد العاملة
السورية غير الشرعية".
وقال
في حديث إذاعي: "أقوم بعملي كوزير بتقنية لا بطريقة سياسية، ويجب عدم التفكير
دائماً بطريقة للتسوية، فهناك قانون يجب أنْ يُطبّق، والهدف منه تنظيم اليد العاملة،
وتفعيل اليد العاملة اللبنانية، وخطة وزارة العمل مُستمرة، وهي بدأت تأتي بثمارها".
وأضاف:
"لا أتعاطى السياسة في وزارة العمل، ولا في مقاربة ملفاتها، بل في مجلس الوزراء،
و"القوّات اللبنانية" لا علاقة لها بالشق التقني في وزارة العمل، وإنّما
طبعا لها علاقة بالسياسة".
وأشار
إلى أنّه "بدأ بتطبيق التعديلات على قانون العمل المُتعلّقة باللاجئين الفلسطينيين
عام 2010، وتمَّ تفعيله اليوم ضمن خطة متكاملة. وهناك 3 نقاط يدور حولها اللغط بشأن
اللاجئين الفلسطينيين، منها الحد الأدنى لرأس المال لأصحاب العمل، فقمنا بإلغاء المئة
مليون، وسنبحث الإثنين في موضوع عقد العمل، لكن بالنسبة إلى طلب تأجيل الإجراءات للفلسطينيين،
لا يُمكن تجزئة القانون ومستمرون بتطبيقه".
وأبدى
وزير العمل استغرابه للضجة الفلسطينية التي "لم نرها حين قرّرت أميركا اعتبار
القدس عاصمة لـ"إسرائيل".
واعتبر
الوزير أبو سليمان أنّ "القانون الحالي هو نقطة انطلاق، لكن البعض يضيع في زواريب
السياسة، وعلينا الانطلاق من قانون العمل لا من خلال الفلسفة، فالقانون يقول: مَنْ
ليس لبنانياً عليه الحصول على إجازة عمل ولا يجوز إعطاء استثناءات".