القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

المشروع العالمي لاستهداف الأقصى يتطلب مشروعًا عالميًّا للدفاع عنه

المشروع العالمي لاستهداف الأقصى يتطلب مشروعًا عالميًّا للدفاع عنه

بقلم: خالد زبارقة

لم تكن صورة استهداف المسجد الأقصى واضحة كما هي هذه الأيام. ففي السابق سُوِّقَت لنا الحرب على المسجد الأقصى كحرب مجموعات صهيونية صغيرة متطرفة، غير مؤثرة في المجتمع الإسرائيلي، ومرت السنين وإذ بنا أمام مؤسسات ذات إمكانيات كبيره جداً ، وفجأة وإذ بهذه المؤسسات تتحول إلى مجموعات ذات قوة سياسية فاعلة، وأصبح رجالات هذه المؤسسات يتقلدون أرفع المناصب في أجهزة دولة الاحتلال، بدءاً من الأجهزة العسكرية، القضائية، المخابراتية والشرطية، وانتهاءً بالأجهزة المدنية من بلديات وشركات.

ثم بدأنا نلمس الارتباطات العالمية لهذه المجموعات بدءاً من الدعم والنفوذ العالمي، والتأثير في المحافل الدولية، ثم التمويل العالمي غير المحدود والذي يُسَير أموال هذه المجموعات عبر البنوك العالمية دون أي رقابة أو قيود. ثم بدأنا نلمس أيدي عالمية في السياسات المفروضة على المسجد الأقصى، عبر التقييد العالمي على التمويل الإسلامي للقدس والمسجد الأقصى والملاحقة العالمية المحلية، الإقليمية والدولية لكل العاملين لقضية القدس والمسجد الأقصى.

وبدأت لهجة الخطاب الديني العالمي للقدس والأقصى بتبني الرواية الصهيونية، حتى أصبح المسمى العالمي للمسجد الأقصى (temple mount) أي "جبل الهيكل". وكل هذه الإجراءات حصلت وما تزال تحركها المنطلقات العقائدية الدينية المزيفة التي يحملها هذا المشروع العالمي - مشروع استهداف المسجد الأقصى المبارك - وأصبحت هذه القوة العالمية تولد قوة دافعة نحو استهداف المسجد الأقصى المبارك على المستوى المحلي وعلى المستوى الإقليمي وأيضاً على المستوى العالمي.

ثم بدأنا نلمس أن هذه القوة العالمية بدأت تمارس عملية غسل دماغ للبشرية عبر سلوكيات ممنهجة تتسم بتقاسم الأدوار فيما بينها، وتوظف في سبيل ذلك أدوات وإمكانيات كبيرة جداً، من كتابات ومؤلفات عالمية، حتى أنها أخذت تُسَيِّر قوافل السياحة الدينية إلى المسجد الأقصى من كل أصقاع الأرض، وفرضت على هؤلاء السياح الرواية الصهيونية على المسجد الأقصى، والتي تتجاهل أو تقزم الحق الإسلامي العقائدي في مسجد الأقصى والقدس الشريف، والتقت أدوات تنفيذ هذا المشروع العالمي مع قوات الاحتلال الصهيوني في القدس، حتى أن دعوات ضبط النفس ومنع التحريض التي أطلقتها شخصيات عالمية بدءاً من الخارجية الأمريكية حتى وزراء الاتحاد الأوروبي ومن دار في فلكهم ، تهدف إلى منع اندلاع انتفاضة ثالثة تنصر المسجد الأقصى. والغريب في الأمر أن هذه الدعوات تتجاهل جرائم الاحتلال بحق القدس والأقصى.

ولذا فإن عمل السلطة الفلسطينية الحثيث لمنع اندلاع انتفاضة ثالثة ، في حين لا تحرك ساكنا في الدفاع عن المسجد الأقصى، يتساوق مع سياسات المشروع الصهيوني العالمي.

لا نجانب الحقيقة إذا قلنا إن صناع القرار في الإدارات الأمريكية المتعاقبة والداعمة للاحتلال الصهيوني على القدس والمسجد الأقصى، وبالرغم من كونها مناطق تقع تحت الاحتلال وفق القانون الدولي، هي الأساس في قيادة هذا المشروع العالمي - مشروع استهداف المسجد الأقصى، وكل سياساتها في المنطقة العربية تدور حول تمكين الاحتلال من المسجد الأقصى والقدس الشريف خدمةً لأجنحتها الدينية الخفية.

ولذا يحق لنا أن نقول إنها تراهن بمصير الشعب الأمريكي في دعمها اللا محدود للاحتلال الصهيوني، ولأن هذا المشروع مصيره الفشل الحتمي فهي تقود الشعب الأمريكي إلى الفشل الحتمي، لأن سنن الله تعالى هي النافذة.

هذا المشروع العالمي الذي يشن حربا بلا هوادة على المسجد الأقصى، من منطلقات عقائدية باطلة، يتطلب مشروع إسلامي عالمي للتصدي له، ويضع العقيدة الإسلامية في صلب مشروعه المدافع عن الأقصى ويوظف فيه قوى الأمة الحية والفاعلة.

صحيح أننا فرحنا للتحركات العربية والإسلامية الرسمية التي كانت في الأسبوع الأخير ، من خطبة الجمعة في الحرم المكي الشريف، أو تصريحات ملوك ورؤساء وآخرها تصريح الملك عبد الله الثاني والتي صرح فيها بأن الأردن لن يقبل التقسيم أو الشراكة في المسجد الأقصى، ولكن يحق لنا أن نسأل: هل أوقفت هذه التحركات أو التصريحات استهداف المسجد الأقصى؟ هل رفعت عنه الخطر؟ إذاً ماذا بعد؟!!

لا نقلل من أهمية هذه التحركات والتصريحات فهي جيدة ولكنها ليست على مستوى الجريمة التي تحاك الآن لاستهداف المسجد الأقصى وما لم توظف قدرات الأمة نحو فعل حقيقي لن يتوقف المشروع الصهيوني العالمي، وإن الضغوطات الصهيونية التي تمارس على الأنظمة كبيرة جداً ونخشى ما نخشاه أن لا تتعدى ردة فعل الأنظمة هذه التصريحات.

الأمة قادرة على حماية الأقصى المبارك، وفي اللحظة التي تتحول فيها قضية المسجد الأقصى إلى قضية الأمة - أي إلى مشروع إسلامي عالمي- ستتغير السياسات العالمية وستتراجع المخططات الصهيونية العالمية حتى لو بشكل مؤقت.

المصدر: فلسطين أون لاين