محمد أبو ليلى*
في الثالث من أيلول 2020، عقد إجتماع للأمناء العامين
لكل الفصائل الفلسطينية عبر "الفيديو كونفرس" بين رام الله وبيروت، ورغم
الملاحظات الكثيرة على البيان الختامي الذي صدر، إلا أننا تفاءلنا خيرًا، حيث أن الوحدة
الفلسطينية خيار لا بد منه، وذلك بهدف مواجهة التحديات التي تعصف تجاه القضية الفلسطينية.
التفاؤل هذا والموسّم بالخير، لم يثنينا عن التحليل،
إذ أن هذا التقارب ربما بالنسبة لرموز السلطةيأتي في سياقه التكتيكي، في انتظار نتائج الإنتخابات الأمريكية في الثالث من
تشرين الثاني 2020.
وفعلاً، لم يخيب ظننا، ولم يخطئ تحليلنا، إذ أنه وبعد فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات
الأمريكية، وتحديدًا في 19 تشرين الثاني 2020، غرّد حسين الشيخ رئيس هيئة الشؤون المدنية
عن عودة التنسيق الأمني والمدني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال "الإسرائيلي"،
في صفعة واضحة على وجه كل الفصائل الفلسطينية وانقلاب على كل جهود المصالحة الفلسطينية.
ومع ذلك، ولأن هناك قرار استراتيجي لدى حركة حماس،
باعتبار المصالحة والوحدة الفلسطينية، مسار اساسي لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي،
من أجل التفرغ لمواجهة الاحتلال "الإسرائيلي" ومشاريع تصفية القضية الفلسطينية،
كانت الحسابات تشير إلى تجاوز ما تم فعله والاستمرار بمساعي تحقيق المصالحة، وترتيب
البيت الفلسطيني الداخلي.
ومن خلال المتابعة والقراءة المضنية، ظهر وبشكل
واضح، أن حركة حماس، تتعامل مع ملف المصالحة بمرونة عالية، لدرجة أنها وافقت على إجراء
الانتخابات الثلاثة (التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني) على التوالي، بعدما كانت
تشدد على ضرورة أن تتم كلها بالتزامن وفي وقت واحد.
وبحسب مصادر صحافية نشرتها الجزيرة، فإن حركة حماس
بررت موقفها الجديد، استجابة لتدخلات 4 دول (مصر وقطر وتركيا وروسيا)، إذ تلقت ضمانات
من هذه البلدان بإجراء الانتخابات الثلاث بالتتابع في غضون ستة أشهر والإشراف عليها
لضمان نزاهتها.
أمام السياق اعلاه، ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا
يُلدَغُ المؤمنُ من جُحْرٍ واحد مرتين" نقول أنه:
1-حق لنا أن نقلق،
ونحن نعي أن عقلية رموز السلطة الفلسطينية ذات عقلية تفردية، لا تقبل المنافسة، فاشلة في تنفيذ مهامها تجاه شعبها وقضيتها،
وهي الشرعية الوحيدة، والممثلة الوحيدة، وما دونها سراب لا قيمة له.
2-حق لنا
أن نقلق، حيث أن الانتخابات الفلسطينية لن
تكون الحل في إعادة صياغة المشروع الوطني الفلسطيني، وتجربة ال 2006 ما زالت ماثلة
أمامنا، إذ أن العقلية الانتهازية المتفردة داخل مجموعة محاكمة بمصير الشعب الفلسطيني
لم تقبل بنتائج الانتخابات وبات شغلها الشاغل الانقلاب على تلك النتائج وضرب الصف الفلسطيني
الداخلي.
3-حق لنا أن نقلق ونتساءل
فيما لو لم تنجح قوى المقاومة في فلسطين بالانتخابات التشريعية، عن مصيرها ومكانتها
ورصيدها، في ظل مجموعة رضخت لمسار التسوية ونسقت مع الاحتلال "الإسرائيلي"
وعملت على استهداف رموز المقاومة وملاحقتهم وسجنهم أو تسليمهم أو تقديم معلومات مجانية
عنهم.
4-حق لنا
أن نقلق، والبيئة الاقليمية والدولية غير مؤاتية لصالح المقاومة. اليوم هناك تطبيع
وانفتاح علني مع الاحتلال "الاسرائيلي" من بعض الدول العربية، هناك خريطة
سياسية تشكل في المنطقة، هناك صراع جيو – سياسي في أكثر من ساحة، سلم الاولويات لشعوب
المنطقة تغيرت ولم تعد القضية الفلسطينية على رأسها، ولذلك فإن خيار ودعنا نسميه
"التمهل الاستراتيجي" خيار لا بد منه، حتى تنجلي ظروف المنطقة، وتظهر نتائج
الاصطففات والتحولات.
أما عن الحلول، فقد لفتني مقال بعنوان "فزاعة
الانقسام الفلسطيني"، نشر في موقع العربي الجديد بتاريخ 1 كانون الثاني 2021،
للكاتب الدكتور محسن صالح يشير فيها أن مسارات ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي تكون
من خلال التوافق على الثوابت الفلسطينية والتحلل من اتفاقات أوسلو وإعادة تفعيل الميثاق
الوطني الفلسطيني، والاتفاق على برنامج وطني
يحدد الأولويات والاتفاق على شراكة فاعلة للقوى الفلسطينية وفق أوزانها في المؤسسات
وصناعة القرار، ويكون كل ذلك إلى جانب انتخابات حرة نزيهة شفافة، أي أن الانتخابات
لن تكون الوصفة السحرية للحل وحدها، وانما يجب العمل بالتوازي على ترتيب البيت الفلسطيني
وبما يتوافق مع مصلحة الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية ومشروع التحرير.
* باحث في الشأن السياسي الفلسطيني