المصالحة الفلسطينية: هل تدعم
المقاومة أم تُكبّلها؟
بقلم: محمد فراونة
أعاد اقتراب الإعلان عن حكومة الوحدة
الفلسطينية، الحديث عن موقع المقاومة الفلسطينية وسلاحها في قطاع غزة، بعد ممارسة
هذه الحكومة لعملها على الأرض.
وبينما تؤكد حركة حماس، التي تُعد من
أبرز فصائل المقاومة الفلسطينية، أن خيارها بالذهاب نحو المصالحة هو من أجل
«استنهاض المشروع التحرري الوطني»، يرى آخرون أنّ خروجها من حُكم غزة بعد أيام
قليلة، سيجعلها في حالة من الحرج، وأمام خيارات صعبة، فهي ذهبت إلى مربع السلطة
الفلسطينية وبرنامج الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي يعترف بـ«إسرائيل»
وبالاتفاقيات الدولية الموقعة، ما يعني أنّ ذلك سينعكس على خياراتها في المقاومة
التي ستصبح أمام تحديات سياسية كبيرة.
وفي هذا السياق، قال القيادي البارز
في حركة حماس يحيى موسى، إنّ ذهاب الحركة نحو المصالحة الفلسطينية، هو لأجل
«استنهاض المشروع التحرري الوطني»، ومرجعيات الحركة الوطنية الفلسطينية، بما يشمل
المقاومة الذي هو خيار الجميع.
وفي حديث إلى «السفير»، أضاف موسى أن
«المصالحة بوابة لذلك، ولكن هناك عملاً كبيراً لتحقيق شراكة وطنية حقيقة، طالما
الاحتلال الإسرائيلي موجود على حساب حقوقنا الوطنية، وهذا يستدعي المقاومة التي هي
خيارنا الإستراتيجي».
لكنّ موسى، وهو نائب عن كتلة
«التغيير والإصلاح» البرلمانية، لفت إلى أنّ «ما يهمنا الآن هو كيف ستمارس
المقاومة على الأرض، وهذا يحتاج إلى توافق بين الجميع، كي تصبح السلطة الفلسطينية
حاضنة للمقاومة لا معوقة لها»، مشيراً إلى أن «هناك مشروعاً يمكن أن يمثل أرضية في
هذا الاتجاه، ضمن ما وقع من اتفاقيات، لكن لا يعني ذلك أننا قد اتفقنا على برنامج
سياسي واحد، فهناك تباين في البرامج السياسية، لكن وسائل العمل المشترك وتحقيق
شراكة حقيقة، من خلالها يمكن أن نتجاوز هذا التباين».
وفي موازاة ذلك، قال أستاذ العلوم
السياسية هاني البسوس لـ«الســفير»، إنّ حركـتي حمـاس والجهـاد وفصـائل المقـاومة
الأخـرى، ستبقى فاعلة في الضفة الغربية المحتلة، وقطاع غزة التي لها مساحة أكبر
فيها، بعد الحكومة الفلسطينية الجديدة، أو إجراء انتخابات.
وأوضح البسوس أنّ أي نظام سياسي جديد
لا يعني بالمطلق، تقليص عمل المقاومة الفلسطينية أو تراجعها، خاصة في ظل استمرار
الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين.
وشدّد البسوس، على أنّ امكانيات
المقاومة الفلسطينية تعاظمت على أرض الواقع في الفترة الأخيرة، وأنّ «أي حكومة أو
نظام جديد لن يؤثر على عمل المقاومة، وقد يكون هناك استيعاب لعمل المقاومة ضمن
الحكومة أو برنامج سياسي جديد، لكن هناك اختلافاً وتبايناً في البرامج بين
الفصائل».
أما بالنسبة إلى الكاتب والمحلل
السياسي أكرم عطالله، فبرأيه أنّ حركة حماس التي تعتبر من أبرز فصائل المقاومة
الفلسطينية، والتي ستخرج من حُكم غزّة بعد أيام قليلة، أصبحت في حالة من الحرج،
وهي أمام خيارين صعبين، إذ أنها كانت في السلطة وأدركت حجم المسؤولية وثمن
المقاومة، والآن حين تخرج من السلطة، لن تستطيع استئناف المقاومة، كي لا يقال إنها
«عندما كانت في السلطة أوقفت المقاومة، والآن تناكف غيرها»، فعلى حد قوله: «حماس
لا تستطيع أن تكون مقاومة أو غير مقاومة» في هذه المرحلة.
ورأى عطالله، في حديثه إلى «السفير»،
أنّ الوضع بالنسبة إلى حماس سيكون صعباً، لأن الأمور أصبحت مختلفة بعدما أصبحت
الحركة تشارك في السلطة الفلسطينية، وهي مسؤولة أمامها الآن، إذ أن أي فعل يمكن أن
يتهمها بتخريب المشروع القائم.
وشدد المحلل السياسي على أن خيارات
الحركة التي ظلت تحكُم قطاع غزة لثماني سنوات، مرتبكة، فهي ذهبت باتجاه السلطة
الفلسطينية، وصادقت على حكومة تعترف بالاتفاقيات الدولية، وذهبت أيضاً باتجاه
إيران لتقول إنها ليس لها علاقة بالمحاور.
وأضاف عطالله أن «ارتباك خيارات حماس
سينعكس على ارتباك خياراتها في المقاومة، فهي ذهبت إلى مربع السلطة، وصمتها على
قول عباس إنّ هذه حكومتي وستعترف بإسرائيل والاتفاقيات الموقعة، يؤكد أنها انتقلت
إلى هذا المربع، نتيجة تطورات الإقليم وأزمتها المالية»، مشدّداً على أنّ التهدئة
في غزّة ستستمر وحماس ستحميها، وذلك سيكون في صالح الرئيس الفلسطيني، الذي سيستخدم
الحركة للذهاب نحو مفاوضات جديدة». ووفقاً لعطالله، فإن حركة حماس الآن أصبحت
جزءاً من برنامج الرئيس الفلسطيني.
المصدر: السفير