المصالحة تترنح
بعد عملية الخليل وأزمة الرواتب
عدنان أبو عامر
يخشى
الفلسطينيون أن تلقي نتائج عملية الخليل بظلالها على مستقبل المصالحة، بعد الضغوط
الإسرائيلية على السلطة الفلسطينية بنقض الاتفاق مع حماس، لأن العملية جاءت نتيجة
مباشرة لحكومة التوافق التي أعلنت يوم 2/6، مع تحذيرات كل من حماس وفتح باتخاذ
خطوات احادية إلى إلغاء اتفاقية المصالحة.
لكن تغريدة
موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، على صفحته عبر الفيسبوك يوم 29/6
فاجأت الفلسطينيين، وأبرزت توقعات سوداوية لمستقبل المصالحة بإعلانه أن "حماس
قد تعود لحكم غزة حفاظاً على أمن أهلها، لأنها لن تعيش في فراغ، ولم تعد تحت
مسئولية الحكومة السابقة، ولا حكومة الوفاق، والسلطة تحاصرها قبل الآخرين،
متسائلاً: هل مزقوا المصالحة؟"
فيما أعلن
مسئول أمني فلسطيني للحياة اللندنية، "أن ثبوت اتهام حماس بخطف وقتل
المستوطنين، سيترك أثراً كبيراً على المصالحة، فالسلطة لن تمضي بتنفيذها حالياً،
معلناً تجميدها حتى اتضاح الأمور".
حل الحكومة
"المونيتور" حصل حصرياً على محضر
اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير المنعقد برام الله يوم 15/6 برئاسة أبو
مازن، مرفق مع المقال، قال فيه: "إن ثبت أن حماس اختطفت وقتلت المستوطنين،
سيكون لنا موقف من المصالحة".
وقال أحد
الحضور في الاجتماع بحديث هاتفي "للمونيتور" أن "عباس ألمح أن من
خياراته المتوقعة حل حكومة التوافق، بسبب الضغوط الإسرائيلية والأمريكية، لأنه
اعتبر عملية الخليل رصاصة الرحمة على المصالحة، ولذلك يريد إرسال رسائل براءة ذمة،
وإلقاء الكرة بملعب حماس أمام إسرائيل وأمريكا".
ذات المسئول
أكد أن عباس استحضر تصريحات "بنيامين نتنياهو" رئيس الحكومة
الإسرائيلية، "بتحميل السلطة مسئولية الخطف والقتل بتحالفها مع حماس، داعياً
لنقض المصالحة معها، كدليل على إدانته للعملية".
وأضاف:
"بدا في الاجتماع أن عباس خائف على مشروعه السياسي، خشية لجوء إسرائيل لتصعيد
كبير في الضفة، ولا يريد تكرار كابوس محاصرة عرفات في المقاطعة أواخر 2004، ووصلته
تهديدات من إسرائيل بتكرار السيناريو إن لم يعلن قطع المصالحة مع حماس".
ولعل ما زاد من
مخاوف الفلسطينيين من مستقبل المصالحة، ما أعلنه وزير الخارجية رياض المالكي يوم
20/6 بأنه "إذا تبين أن حماس خطفت وقتلت المستوطنين، فإن ذلك سيهدد حكومة
الوفاق، وسيكون اتفاق المصالحة في خطر، وسيتخذ عباس قرارات صارمة".
مما دفع بسامي
أبو زهري الناطق باسم حماس لاستنكار تهديد المالكي ورفضه، "لأنها تعكس مواقفه
المشبوهة"، ودافع أبو زهري عن "سياسة خطف الجنود والمستوطنين وقتلهم
لأنها ليست تهمة، بل مفخرة للفلسطينيين".
فيما هاجم يحيى
العبادسة، رئيس لجنة الرقابة في المجلس التشريعي عن حماس، عباس، لأنه "وضع
نفسه بمواجهة كل الشعب الفلسطيني، وتنكر لدماء الشهداء وعذابات الأسرى"، وقال
العبادسة أن "ما يهم عباس حماية رأسه فقط، لدفاعه عن التنسيق الأمني، الذي
شكل انقلاباً على ميراث الحركة الوطنية الفلسطينية".
"المونيتور" حصل على ورقة تقدير
موقف تتداولها أوساط رفيعة المستوى في حماس جاء فيها "أن الانطباع السائد
لديها بأن عباس يريد من حماس أن تسير في طريق دفع الثمن الكامل للمصالحة، لتبدو
كمن سلَّمت رقبتها له دون ضمانات فعلية، بحيث تتنازل عن شرعية حكومتها في غزة،
وتعود فتح لتتولى السلطة، وتدير المعابر، ويبدأ برنامج "فتحنة" الوزارات
والمؤسسات، وصولاً لعقلية الاستفراد بقيادة الساحة الفلسطينية".
كما التقى
"المونيتور" بعدد من الموظفين الحكوميين الكبار في غزة، وأبلغوه
"بعدم تواصل وزراء حكومة التوافق في رام الله معهم، ولا يردون على اتصالاتهم،
ويتجاوزونهم بطريقة مهينة، وبدأوا اتصالاتهم مع الموظفين الفتحاويين المستنكفين عن
العمل منذ 7 سنوات لترتيب أوضاع الوزارات".
تجاوز حماس
وقال مسئول
رفيع المستوى في وزارة الخارجية بغزة "للمونيتور": "المصالحة
المترنحة مع فتح تقول لحماس وأنصارها: أنتم ضعفاء ومحاصرون ومضطرون للمصالحة،
وعليكم دفع الثمن، فالسياسة قائمة على موازين القوى واستغلال الفرص والمصالح، وليس
حسن النوايا، وهذه الرسالة وصلت قادة حماس يوماً بعد يوم".
هذه المخاوف من
مستقبل المصالحة أثارت الأوساط الشعبية، حيث أعربت حملة "انتباه" عن
"قلقها البالغ من الخطوات الفردية التي تحدث بالضفة وغزة خلافًا لما تقتضيه
جهود إنهاء الانقسام، وطي الصفحة السوداء من قاموس الشعب الفلسطيني، كالاعتداءات
الأمنية على الحريات والمواطنين في الضفة، وإغلاق البنوك في غزة، مما ينذر بعودة
الفلتان وموجة الاقتتال من جديد".
في المقابل،
يرى مسئول فلسطيني في الضفة الغربية في حديث هاتفي "للمونيتور" أن حماس
"تريد أن تحصد ثمار المصالحة على الفور، وهذا أمر بحاجة لمزيد من الوقت،
لدينا ملفات غير منجزة معها مثل عمل معبر رفح، وعودة المجلس التشريعي للعمل لمنح
الثقة للحكومة، خاصة بعد اعتقال معظم نواب حماس في الحملة الأخيرة لإسرائيل عقب
مقتل المستوطنين، بجانب إعادة بناء منظمة التحرير".
وأضاف: "حماس
مطالبة بالتحلي بالصبر، وتهدئة عناصرها، لأن 7 سنوات من الانقسام لا يمكن حلها
بجرة قلم من الرئيس، وأي تصرف من جانبها يخالف المصالحة، ستكون المسئولة عنه أمام
الشعب".
وقد أعلنت
أوساط مقربة من عباس أنه "ألغى زيارة مقررة له لغزة بعد زيادة التوتر مع حماس
عقب أزمة الرواتب." فيما أعلن رئيس الحكومة رامي الحمد لله "عدم سيطرته
الفعلية على غزة".
الجديد في
الأمر، ما علمه "المونيتور" من أوساط قيادية في حماس تطالبها "بعدم
التمسك بمصالحة غير قائمة على رغبة حقيقية من فتح بطي صفحة الانقسام، في ضوء
ممارسات السلطة بعدم صرف الرواتب لموظفي غزة، وملاحقة أنصار حماس في الضفة بعد
عملية الخليل".
وأعلنت وكالة
"قدس برس" للأنباء "بدء مشاورات بين الفصائل في غزة وخارجها حول
مستقبل القطاع إن فشلت حكومة التوافق، والبحث عن بدائل مناسبة لإدارة القطاع، مع
التعثر المتزايد للحكومة، وعدم إنجاز ملفات المصالحة”.
وعلم
"المونيتور" من مشارك في المشاورات أنها "طرحت جملة من الخيارات
المستقبلية كتشكيل لجنة إدارية تسير شئون الفلسطينيين في غزة بدل حكومة التوافق
"المشلولة"، أو الدعوة لتشكيل حكومة تكنوقراط بمشاركة رجال أعمال
وأكاديميين وخبراء، بجانب مقترح لم يلق رواجاً تمثل بتنصل حماس تدريجياً من إدارة
شئون غزة في الأمن والدوائر الحكومية، تمهيداً لدخول القطاع بحالة فوضى تشكل ضغطاً
على السلطة وإسرائيل، لتطبيق المصالحة الحقيقية، وليس الشكلية".
المونيتور،
2/7/2014