القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية.. سيناريوهات في الأفق

المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية.. سيناريوهات في الأفق

د. أسعد عبد الرحمن

معروف أن هناك سيناريوهات محتملة بشأن المفاوضات الفلسطينية/ الإسرائيلية، خاصة مع استحالة التوفيق بين مواقف الطرفين. فالجانب الإسرائيلي يراوغ ولا يطرح مواقف محددة بزعم أولوية الاتفاق على الترتيبات الأمنية ومن ثم خارطة الحدود السياسية والاعتراف بإسرائيل «دولة (للشعب اليهودي)». وفي هذا السياق، يرى عديد المعلقين والسياسيين أن أقصى ما يمكن أن تقبل به إسرائيل هو حل انتقالي يتحول تلقائيا إلى نهائي، فيما الفلسطينيون يرغبون بحل نهائي، في حين تحاول الإدارة الأميركية التجسير بين الموقفين على أساس صيغة «حل نهائي يطبق على مراحل»، بمعنى الاتفاق على إقامة دولة «ذات حدود مؤقتة»، مترافقاً مع إطار لعناصر التسوية الدائمة يتفق على تطبيقها مرحليا. عملياً، ثمة من يعتبر هذا الترتيب حلاً مؤقتاً يسهل تمريره إسرائيلياً وفلسطينياً دون ملامات مزلزلة ضد أي منهما، خاصة في ظل بقاء القضايا الأخرى الكبرى عالقة لا تحل إلا بالأسلوب ذاته: مفاوضات جديدة لشراء الوقت إسرائيليا وخلق وقائع جديدة.

في المقابل، يرى البعض أن الرئيس (محمود عباس) مستعد للموافقة على جدول زمني «قصير المدى» لتنفيذ مبادئ التسوية النهائية على مراحل إذ أنه، في ظل الظروف الحالية الصعبة التي تعيشها السلطة الفلسطينية على كافة الصعد، نجده لا يرغب في الوقوف بوجه الإدارة الأميركية، أو احتمال اندلاع انتفاضة تكون ضد السلطة الفلسطينية أساساً، فيما تبقى المعضلة الكبرى مع (بنيامين نتنياهو) حيث كيف ستتعامل الإدارة الأميركية مع تعنته؟ هنا، لا نختلف على إمكانية موافقة الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني منح الأميركيين فرصة تقديم «حل وسط». لكن الواضح أن (نتنياهو) لن يقبل/ يستطيع الموافقة على أكثر من استمرار الحكم الذاتي الفلسطيني مع تأجيل قضايا الوضع النهائي، بمعنى بقاء الاحتلال. في ظل هذا التوقع، هل تستطيع الإدارة الأميركية عندئذ فرض الاتفاق «الحل الوسط» الأميركي على إسرائيل؟!

قطعا، لا تريد الإدارة الأميركية ترك المفاوضات تنهار لا سيما في ظل حاجتها الماسة إلى إنجاز يعوض خساراتها في المنطقة، وهو أمر سيشجع إدارة الرئيس (باراك أوباما) على مواصلة العمل للتوصل إلى اتفاق «حل وسط»، هذا إن كانت تلك «الإدارة» مستعدة للصدام مع الحكومة الإسرائيلية والسعي إلى تغييرها مستعينة بالأحزاب والقوى العسكرية والأمنية والاقتصادية الإسرائيلية التي تدرك أهمية فرض حل أميركي على الفلسطينيين يكون مناسبا لإسرائيل. عندها، ستعرض واشنطن على (نتنياهو) قبول «الحل الوسط» لإنقاذ إسرائيل من نفسها.. خدمة لها ولمكانة (نتنياهو) في التاريخ عبر أسلوب ناعم يتفقان عليه، مع توفر أحاديث متزايدة في داخل إسرائيل جوهرها حض (نتنياهو) على التجاوب أو التنحي. فمثلا، دعا رئيس حزب «العمل» الإسرائيلي المعارض (يتسحاق هرتسوج) (نتنياهو) إلى التنحى أو استغلال الفرصة المتاحة للتوصل إلى سلام مع الفلسطينيين، قائلا، «لقد وصلنا إلى لحظة الحقيقة، وإذا لم يكن نتنياهو قادرا على اتخاذ القرار التاريخي المطلوب، فعليه إخلاء كرسيه لمن يعرف ما هو القرار». من جانبها، قالت رئيسة حزب «ميرتس» اليساري (زهافا جلؤون): «الكرة في ملعبنا، ويوجد شريك لصنع السلام، لكنني غير متأكدة من أن نتنياهو شريك للسلام»، متسائلة، «هل هناك من يصدّق فعلاً أن لدى نتنياهو، الواقع فى أسر ثلة من المستوطنين، ووزير الخارجية أفيجادور ليبرمان الذي دمر علاقاتنا مع العالم، ورئيس حزب «البيت اليهودي» نفتالي بينيت، نية للتوصل إلى سلام؟». سبق كل هذا، تصريحات أهم لوزير العلوم والتكنولوجيا (يعقوب بيري) المنتمي لحزب (هناك مستقبل) والرئيس السابق لجهاز «الشاباك»، الذي صرح بإنه «لا مفر من إحداث تغييرات في تركيب الائتلاف الحكومي». وقد تواكب هذا مع اجتماعات تنسيقية علنية جرت بين الحزب الثاني الأهم هذا («هناك مستقبل») وبين حزب «الحركة» الذي تقوده (تسيبي ليفني). كما اتفق معلقون وكتاب إسرائيليون بارزون على إمكانية تعرض الحكومة الإسرائيلية لتغييرات جوهرية بإخراج معسكر أقصى اليمين وربما يحصل شرخ داخل حزب «الليكود»، مقابل ضم أحزاب «العمل» و»شاس» و»الحركة» مع بناء شبكة أمان من معسكر اليسار الصهيوني والكتل العربية. أما عن أرجحية فوز أي من هذه السيناريوهات أعلاه، فسؤال لن يجيب عليه بدقة سوى المستقبل!

الرأي، عمّان، 29/12/2013