المقاومة الفردية
بقلم: يوسف رزقة
(أعلنت أجهزة الأمن الإسرائيلية
أنها أحبطت 17 عملية استشهادية في الشهور السبعة الأخيرة في الضفة الغربية، معظم مخططيها
من حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وتنظيمات أخرى، لكن اللافت أن سبعة من
هذه العمليات خطط لها أفراد لا ينتمون لأي فصيل أو تنظيم فلسطيني. وأوضح موقع
"واللا" العبري أن عدد العمليات التي أحبطت لا يشمل العمليات التي أحبطتها
قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية من خلال اعتقال نشطاء في الضفة الغربية و"تفكيك"
خلايا كانت تخطط لعمليات "انتحارية" ضد أهداف إسرائيلية). انتهى الاقتباس.
ما يقلق أجهزة أمن الاحتلال
بشكل أكبر هو العمليات الفردية، التي لا ينتمي أصحابها إلى تنظيمات فلسطينية، وهم عادة
ما يسمون الأفراد هنا (بالذئاب الضالة؟!)، يقصدون بالتسمية (المفاجأة، والفشل)، حيث
لا تملك الاستخبارات معلومات عن هؤلاء الأفراد، ولا يمكن التجسس عليهم، أو إخضاعهم
للمراقبة المسبقة، حيث تأتي هذه العمليات على غير توقع، ومفاجئة، وغالبًا ما تكون قاتلة
ومؤلمة، لذا اختاروا (الذئب) عنوانًا لها لما يتمتع به الذئب من مكر ودهاء للوصول لفريسته.
في ضوء الإحصاء الإسرائيلي
للعمليات الاستشهادية التي أحبطتها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية دون احتساب ما أحبطته
أجهزة السلطة، نجد أن هناك عمليتين ونصف شهريًّا، وهذا مؤشر إحصائي على حيوية المقاومة
رغم المعوقات والموانع، ونجد أن الأعمال الفردية الخطرة والقاتلة تزيد على نسبة الثلث
منها، وهذه نسبة عالية تدلّ على أن الشعب ينخرط في المقاومة بإرادته دون أن يلتحق بالتنظيمات
المعروفة، وهذا يعني أن حالة الاحتقان عند الشعب، والرغبة في الانتقام عالية جدًا،
وأن إجراءات الاحتلال التعسفية بحق المواطنين أنشأت بيئة صالحة للمقاومة الفردية المفاجئة.
ومن زاوية أخرى يمكن أن تعطي هذه النسبة علامة على نجاح فصائل المقاومة في تشكيل بيئة
شعبية تحتضن أعمال المقاومة الفردية.
من المعلوم عند المتابعين
أن المحاكم العسكرية الصهيونية تضاعف الحكم على الأعمال الفردية، أو تزيد فيها عن مثيلاتها
من أعمال الخلايا التنظيمية، لأنها تشعر بخطر أكبر من هذه الأعمال، والزيادة في الأحكام
هي وسيلة قانونية لمنع هذه الأعمال الخطيرة. ولكن ما تجهله المحاكم هو أن هذه الأعمال
لا يمكن منعها، أو وقفها، أو التقليل منها، قبل أن يوقف العدو أعماله العدوانية والانتقامية
ضد الأفراد والأسر، وخاصة هدم المنازل، والاستيلاء على الأراضي، وقلع أشجار الزيتون،
والاعتداء على النساء في المسجد الأقصى.
الأعمال الفردية غالبًا
ما تكون أعمالًا استشهادية، وغالبًا ما تكون سرية، وبلا قيود سياسية أو مصلحية على
أصحابها، لذا تكون ناجحة، وما يتم إحباطه منها قليل، وخدمات السلطة الفلسطينية الأمنية
غير مجدية، بينما هي أكثر جدوى في متابعة الخلايا التنظيمية.
إنه وبناء على ما تقدم فيجدر
بالفصائل المقاومة أن تشجع الأعمال الفردية، وأن تنشر ثقافة (الفرد المقاوم)، وأن تتبنى
الأفراد وأسرهم، وأن تخلفهم في أهلهم وأولادهم بخير.
المصدر: فلسطين أون لاين