القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 29 تشرين الثاني 2024

المقاومة الفلسطينية تُبدع وتنتصر

المقاومة الفلسطينية تُبدع وتنتصر

بقلم: هبة الجنداوي

منذ النكبة الفلسطينية عام 1948 ظهرت العديد من حركات المقاومة الفلسطينية، خاضت عدة معارك ضارية مع الاحتلال الصهيوني الذي قتل وجرح وهجّر الملايين من أبناء الشعب الفلسطيني. لكنّ تلك المقاومة كانت بحاجة لاستراتيجية دفاعية عسكرية وسياسية واضحة تسير عليها حتى تستطيع التغلّب على ذلك الجيش الذي يدّعي أنه لا يُقهر. فسعت المقاومة جاهدةً حتى تولّد استراتيجية دفاعية، فخاضت المعارك وفكرت وراقبت تكتيكات العدو وتحرّكاته، ودققت حتى استطاعت التغلّب على العضلات الإسرائيلية بالعقل المبدع.

فبعد أن ظنّ قادة العدو الصهيوني أنّ جيشه قد دمّر منظومة أسلحة المقاومة في معركتي الفرقان عام 2008 وحجارة السجيل عام 2012، ها هي المقاومة من جديد تثبت للاحتلال أنّ تلك الأيام والليالي التي مرّت منذ العدوان الأخير أي قبل سنتين، لم تكن إلا مرحلة إعداد وتجهيز استأنفت المقاومة فيها تطوير أدائها وأساليبها وأسلحتها المحلية الصنع.

لقد أظهرت معركة العصف المأكول مدى الإعداد التكنولوجي والعسكري للمقاومة وأساليبها الرائعة في الحرب النفسية والعسكرية. فمنظومة الصواريخ التي دكت الأراضي الفلسطينية المحتلة أدهشت قادة العدو والإدارة الأميركية على حد سواء، التي لم تكن تتوقع أن تتطور القدرة العسكرية للمقاومة على هذا النحو الاحترافي الذي بدا واضحاً من خلال الصواريخ المتوسطة و البعيدة المدى (M75, R160، J75، J80، الكورنيت، فجر5..) والتي استطاعت أن تصل الى بعد أكثر من 200 كلم2 عن قطاع غزة. أطلقت المقاومة ما يزيد عن 4564 صاروخ سعت من خلالها استهداف أكبر عدد ممكن من المستوطنين الصهاينة وتخطي نظام الدفاع الجوي "القبة الحديدية". كما ومن خلال بندقية القنص "غول"، التي تتمتع بمميزات بنادق القنص العالمية وهي ذات عيار14.5 ملم ويصل مداها القاتل الى 2كم. كما بدا ذلك جليّاً من خلال الطائرات بدون طيار "الأبابيل" ذات الأجيال الثلاثة الاستطلاعية، والهجومية، والاستشهادية. فدولة القبة الحديدية لم تعتقد يوماً أن تمتلك المقاومة مثل هذه الطائرات، لكن نظرتها تلك تغيرت بعد أن حلّقت طائرات المقاومة في سماء الأراضي المحتلة متحدّية دفاعات العدو، وقامت بتصوير بعض الأهداف العسكرية الصهيونية الحساسة.

واستطاعت الحرب البرية التي أعلنها الجيش الصهيوني على غزة أن تكشف عن البنى التحتية المعقّدة للمقاومة الفلسطينية. منظومة أنفاق كبيرة طورتها المقاومة، ليتسنى لها أن تهاجم العدو بحرية من حيث لا يعلم. ومن خلال تلك الأنفاق تمكنت المقاومة من تنفيذ عدد كبير من العمليّات التي قامت بتصويرها، من تفجير آليات وجيبات، ومدرّعات للعدو، واشتبكت مع جنوده وأوقعت عدد كبير من القتلى والجرحى، وأسرت منهم جندياً يُدعى شاؤول آرون، فيما بقي مصير جنود آخرين مجهول حتى الآن. كما استطاعت وحدات المقاومة اقتحام بعض المعسكرات والقواعد الصهيونية في المستوطنات الواقعة على حدود قطاع غزة، كعملية اقتحام معسكر ناحال عوز حيث تمكنت وحدة من كتائب القسام من توجيه ضربة للعدو من نقطة الصفر، فقتلت حوالي 7 جنود في أداء وصفه محللون عسكريون صهاينة بأنه احترافي، لعب فيه المقاومون لعبة "الكاونترسترايك" ضد جنود العدو.

وفي خطوة أولى من نوعها، تمكنت وحدة كوماندوس من كتائب القسام من اقتحام قاعدة سلاح البحرية الإسرائيلية على شاطئ عسقلان وذلك عن طريق البحر، فقتلت وجرحت العديد من الجنود الصهاينة، وسط جو من الصدمة والارتباك أحدثه هذا الاقتحام في نفوس الجنود والضباط المتمركزين في هذه القاعدة، وكان بمثابة صفعة للعدو.

هذا الإنجاز الكبير الذي حققته المقاومة الفلسطينية في التصدّي للعدو وإرباك قيادته لم يكن ليتحقق لولا وقوف الشعب خلف المقاومة قلباً وقالباً وتفويضها بالرد... وما كان ليتحقق بدون وحدة صف فصائل المقاومة على اختلاف انتماءاتها السياسية، حيث كانت تتسابق بينها في ضرب العدو وتهديد أمنه، وكان المقاومون يساندون بعضهم أثناء خوض المعارك البرية مع جنود العدو ليجسدوا معاً بنياناً مرصوصاً لا يهتزّ ولا يميل.

براً جئتم بحراً جئتم جواً جئتم ستُهزمون... هي معادلة سطرتها المقاومة الفلسطينية الباسلة بكافة فصائلها، لقّنت فيها الجيش الذي لا يُقهر درساً قاسياً من مسافة الصفر... يبدو أنّ ميزان القوة لم يعد يرجح لكفة العدو كما كان سابقاً، بل بات راجحاً لكفة المقاومة باعتراف محللين و نواب من الكنيست الصهيوني. هي إذاً مرحلةٌ فاصلة ستغيّر مستقبل فلسطين، والأيام ستثبت ذلك.

المصدر: شبكة العودة الإخبارية