القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

المقاومة ليست فوضى أمنية

المقاومة ليست فوضى أمنية

د. حسن أبو حشيش

تناقلت وسائل الإعلام تصريحات لمصادر أمنية تابعة للسلطة الفلسطينية، تصف فيها الحراك الشبابي، وفعاليات الشعب في مدن الضفة والقدس بالفوضى، وبعمليات المقاومة ضد جنود الاحتلال وخاصة الأخيرة في قلقيلية والخليل بالفلتان الأمني، وشددت هذه المصادر على رفضها لما يحدث، وإنها لن تسمح بها، وستمنعها، واتهمت حركة حماس باستغلالها، وطالبتها بمقاومة الاحتلال في محيط قطاع غزة كون أن حماس تحكم غزة وتمنع المقاومة في غزة حسب زعم المصادر.

اسطوانة مشروخة، ومعزوفة نشاز، لم تتوقف قيادات السلطة عن تكرارها، والتشدق بها كلما تتطلب الظروف السياسية والأمنية ذلك. وهي ليست وليدة اليوم بل هي ملازمة لقيام السلطة عام 93م، لأن الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال تتطلب ذلك، وهي نابعة عن قناعة وعقيدة ومدرسة وليست عفوية أو ارتجالية أو مرحلية. إنها تصريحات يتبعها تصرفات وقرارات وسلوكيات، مكوناتها: القمع والاعتقال والاستفراد والتشويه لكل من يخالف هذه العقيدة الأمنية الفاسدة. لتعلم السلطة وقادتها أن الفضل يعود للانتفاضات الشعبية، وللمقاومة الشاملة في قيام السلطة وتربعها على سلم المستوى السياسي الفلسطيني، فلماذا هذا النكران، وهذا الجحود، وهذه الردة..؟! إنها تصرفات تتطلب الاعتذار للشهداء والأسرى والجرحى، والاعتذار للقدس والأقصى وكنيسة القيامة وللصامدين والمرابطين دفاعا عن القدس، وبعد الاعتذار مطلوب التوقف عن الممارسات المسيئة للقضية الفلسطينية. وأقولها بوضوح لو أن هذه المصادر تُدرك أن موقفها صواب ومنسجم مع نبض الشارع وتطلعاته، لما تسترت وراء مصادر مجهولة، وأعلنت عنها صراحة وبوضوح، ولكن هم يُدركون خطورة تصريحاتهم لذا يعجزون عن المُواجهة.

قطاع غزة الذي يكثر اللمز والغمز به، وتطالبه السلطة بالمقاومة، ولعلمي بعظم الافتراء وكذب القول، لكن فقط أذكر السلطة وأصواتها أن غزة تعيش في سنوات هي أزهى وأعز فترات المقاومة الشاملة لكل مناحي الحياة: إعلاميا وسياسيًا وعسكريًا وأمنيًا واقتصاديًا واجتماعيًا. غزة يا سادة خاضت أكبر ثلاث عمليات عسكرية في تاريخ القضية المعاصر، في حرب الفرقان، والوهم المُتبدد ونتيجتها وفاء الأحرار، وحجارة السجيل، غزة يا سادة هي من قصف تل الربيع والقدس لأول مرة في تاريخ الصراع مع هذا العدو، غزة التي تصمد ضد أبشع حصار شامل وكامل ومن الجميع بما فيها أنت يا سلطة، غزة جزء أصيل من فلسطين وشعبها جزء من الشعب الفلسطيني وفصائلها جزء من الفصائل الوطنية العاملة لفلسطين في كل العالم ،والضفة كذلك والقدس كذلك، فلماذا هذه المقايضات الخطيرة، فالشعب الفلسطيني بكل مكوناته السياسية في الضفة من حقه الانتفاض ضد الاحتلال، والدفاع عن القدس، ومجابهة الاستيطان والتهويد.

نعلن براءتنا من هذه التصريحات التي تعبر فقط عن من يقف وراءها، والمقاومة بكل أنواعها من الكلمة للحجر للرصاصة للصاروخ للطائرة.. شرف الأمة ، وتاج رأسها ، وهي من سيدافع عن القدس وفلسطين ومن سيحقق التحرير، وكل ما دون ذلك هو السراب والخراب والدمار.. والمقاومة لا ولن تكون يومًا فوضى.