«المقاومة والممانعة» ليست «ماركة تجارية»!
بقلم | محمد
نزال
تعرّضت حركة
حماس، خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، لحملات إعلامية منظّمة وممنهجة، من قبل
"أبواق" تنسب نفسها لما يسمّى محور "المقاومة الممانعة"،
ركّزت خلالها، على أن حماس اختارت الخروج من هذا المحور، الذي كانت جزءا لا يتجزأ
منه، لتنضم إلى محور جديد تشكّل في أعقاب الثورات العربية، وهو المحور
(التركي-القطري) الموالي في سياساته للولايات المتحدة الأمريكية، وأن قيادة حماس
اختارت الإقامة في (قطر)، انسجاما مع انضمامها إلى هذا المحور، الذي سيترتب عليه،
سياسات ومواقف جديدة، تراعي فيها سياسات هذا المحور "الأمريكي"!
وعلى الرغم من
ضراوة "الحملات"، التي اتخذت أشكالاً عديدة، فإن حماس آثرت حينها، عدم
الدخول في "سجالات" و "مناكفات" إعلامية، والتزمت الصمت، إلا
في حالات محدودة، اضطرت فيها للرد والتوضيح.
وبعد أن شنّ
الكيان الصهيوني عدوانه الغاشم الجديد على قطاع غزة يوم العاشر من رمضان، ودخلت
فصائل المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس في عمليات الرد على العدوان بكل ما
أوتيت من قوة، عادت هذه "الأبواق" للظهور مرة أخرى، ولكن بـ
"لهجة" جديدة هذه المرة، تتضمّن إشادة بحماس ومقاومتها، مع إضافات
مختلفة منهم، فبعضهم طالب حماس بالعودة إلى محور "المقاومة والممانعة"،
باعتبارها قد خرجت منه، ومغادرة قيادتها قطر، والبحث عن مكان منسجما مع عودتها إلى
المحور المذكور، أما البعض الآخر، فقد أشار إلى أن حماس خرجت من المحور، ولكنها عادت
إليه!.
والحقيقة، أنه
كان يمكنني، عدم التوقف عندما أثاره هؤلاء، لو أنهم لم يضيفوا إلى حديثهم، ما
يتعلّق بمحور (المقاومة والممانعة)، وهو ما اقتضي مني، التوضيح التالي:
1- (المقاومة
والممانعة) ليست "ماركة تجارية"، يتم منحها، وسحبها من جهة ما. وإنما هي
صفة نضالية، يتم اكتسابها، من قبل أي قصيل، أو شخص يتبنّاها نظريا وعمليا.
2- ليس هناك
هيئة، أو منظمة، أو إطار، اسمه (المقاومة والممانعة)، ينضم إليه من يريد، عبر طلب
شفوي أو مكتوب. وبالتالي، فإن حماس لم تكن عضواً فيما يسمى بمحور "المقومة
والممانعة"، ليس لأنها لا ترى نفسها فصيلا مقاوماً، أو لأن لديها ملاحظات، أو
تحفّظات على هذا المحور، ولكن لأن الحديث عن هذا المحور، كان في جوهره، مجرد تصنيف
سياسي وإعلامي، لا أكثر ولا أقل!
3-انفردت حركة
حماس عن فصائل المقاومة الأخرى، باختيارها لصفة "المقاومة" ضمن اسمها،
وهو: حركة المقاومة الإسلامية، في الوقت الذي أختارت معظم الفصائل، صفة
"التحرير"، ضمن اسمائها، أي أن حماس أختارت صفة "المقاومة"،
للدلالة على أن هذه هي وظيفتها ومهمتها الأساسية. ولا يعني ذلك أن اسم حماس، ينفي
عنها صفة (التحرير)، أو أن أسماء الفصائل الأخرى، ينفي عنها صفة (المقاومة)!
4- إذا كان
هناك إصرار على تصنيف حماس، فإنه يمكن تصنيفها على أنها ضمن مربع "المقاومة
والممانعة"، والمقصود بـ "المربع"، الساحة السياسية، التي يقف
عليها، أو فيها، كل الفصائل المعتنقة لمنهج المقاومة والممانعة نظريا وعملياً.
5- في ضوء
النقاط، التي تقدّم ذكرها، فإن حماس لم تخرج ممّا يسمى بمحور (المقاومة
والممانعة)، حتى تعود إليه.
6- وتبقى
النقطة الأخيرة، المتعلّقة بمكان إقامة قيادة حماس، وعلاقة ذلك بتصنيفها، فأود
التذكير بأن قيادة حماس كانت موجودة في الأردن، في الوقت الذي كان الأردن من الدول
المنخرطة في عملية التسوية السياسية، ووقّع على اتفاق (وادي عربة) مع
الإسرائيليين. فهل وجود قيادة حماس في الأردن، كان يعني أنها تنتمي إلى المحور، أو
المعسكر، أو الخط، الذي تمثّله السياسة الأردنية؟!
واليوم، تقيم
قيادة حماس في الدوحة، فهل منعها ذلك من الدخول في مواجهة عسكرية مع الاحتلال
الصهيوني؟!.. وها هو قائدها خالد مشعل، يطلق "خطابا" يعلن فيه استمرار
المواجهة مع الاحتلال، دون أن يرف له جفن، فهل يعني هذا أن قطر، أصبحت عضواً في
محور (المقاومة والممانعة)؟!.. بل، أذكّر أولئك، أن أمير قطر السابق الشيخ حمد بن
خليفة آل ثاني، كانت له مواقف مشهودة في إعمار لبنان، بعد الدمار الهائل، الذي لحق
بالقرى والمدن اللبنانية، بعد العدوان الصهيوني في تموز 2006، ورفعت حينها صور
الأمير، وأعلام قطر، ويافطات الشكر له ولقطر، فهل كان الأمير عضوا في محور
(الممانعة والمقاومة)، ثم خرج منه لاحقا؟!.. أظن أنها أسئلة منطقية، لن يختلف أحد
على الإجابة عنها، مما يكشف "هشاشة" المنطق، الذي تستند إليه تلك
"الأبواق".
وأخيرا، وليس
آخرا، حماس، لا تنتظر "صكوك براءة" من أي جهة كانت، وهي دشنت مقاومتها
ضد الاحتلال الصهيوني، منذ انطلاقتها، واستمرت فيها، ولن توقف بإذن الله، حتى
يتحقق التحرير.