النازحون
الفلسطينيّون من سوريا: تهميش مضاعف واستقرار مفقود
بقلم:
أسماء موسى*
قد
يختلف الناشطون المجتمعيّون والحقوقيّون على كثير من المسائل والقضايا والآراء
واقتراحات التطوير والتحسين، الا ان هناك اجماع ملفت بمعزل عن انتماءاتهم العقائدية
ونشاطهم السياسي واسماء الجمعيات والمؤسسات التي ينشّطون من خلالها على ان
النازحين الفلسطينيّين من سوريا ومنذ الأيام الأولى للجوئهم إلى لبنان هم أكثر فئة
منتهكة حقوقها القانونية ومسلوبة حريّاتها الجماعية والفردية وبائسة أوضاعها
الإقتصادية والإجتماعية ومربكة أوضاعها التربويّة والصحية.
فبداية
اللجوء مع أحداث مخيم اليرموك (كانون أوّل 2012) أكّدت بما لا يقبل الشكّ ان أساس
نزوح الفلسطينيّين هو أمني (تأخر النزوح لما يقارب السنتين عن بداية الأحداث في
سوريا) ومع ذلك تم استقبالهم الأوّلي بشكل عشوائي وبضبابية المرجعية ما بين الدولة
اللبنانية والأنروا واللتان تبادلتا نزع المسؤوليّة ورميها باتجاه الطرف الآخر،
بقي النازحون الفلسطينيون من سوريا لأكثر من أربعة أشهر عرضة لغياب المرجعية
والانتهاك القانوني وندرة المساعدات وعشوائيّتها.
منذ
نيسان (2013) أصبحت المرجعيّة الإجتماعيّة والإقتصاديّة الأنروا والمرجعيّة
القانونيّة المفترضة هي الدولة اللبنانية
والمرجعية السياسيّة المتخيلة هي السفارة الفلسطينية والقوى السياسية والفصائليّة،
وإن قامت الأنروا بحدود دنيا في الإيفاء بالتزاماتها، إن الطرفين الآخرين لم يقوما
بأي دور يذكر يحمي نوعا ما النازحين، فبقيوا عرضة للإقامة غير المشروعة والمتابعة
الأمنية واكتفت الفصائل بمرجعية معنويّة واعلاميّة لا تغني ولا تسمن من جوع، ولا
تتدخل جدّيّاً لحلّ أي معضلة يواجهها النازحون.
الأنروا
أقدمت في صيف (2015) على اقتطاع جدّي من المساعدات ومرّ الأمر مرور الكرام رغم حلّ
الأزمة المالية (المفتعلة على الأغلب) وتوفّر فائض في الميزانية بحسب أرقام
الأنروا نفسها وعلى لسان المرجعية الأعلى أي المفوّض العام.
من
ناحيتها تراجعت إلى الحدّ الأقصى المساعدات التي كانت توفّرها الجمعيّات الأهليّة ومؤسسات
المجتمع المدني (لأسباب سياسيّة من قبل المموّلين) وتدنّى الإهتمام السياسي
اللبناني والفلسطيني بأزمة النازحين واللاجئين من سوريا (بشكل عام)، وارتفعت إلى
الحدّ الأقصى الحملة السياسيّة والإعلاميّة تجاه اللاجئين (بحجج مكافحة الإرهاب)
وتأثيراتها العنصريّة على المستوى الشعبي مما رفع حالة الجفاء ما بين اللبنانيّين
والسوريّين إلى أعلى المعدّلات وهو ما أثر أيضاً على ارتفاع منسوب الجفاء بين
الفلسطينيّين المقيمين في لبنان وأشقّائهم النازحين من سوريا.
أمام
هذه اللوحة السوداويّة، فتحت ولأسباب
سياسيّة واضحة للعيان أبواب الهجرة أمام اللاجئين من سوريا وضمناً الفلسطينيّين
وبصمت مطبق من قبل المعنيّين في الفصائل والقوى السياسيّة الفلسطينيّة وبغياب أي
حلول جديّة أو مساعدات واقعيّة أو حتى وعود.
في
عين الحلوة تراجع عدد العائلات من السقف الأعلى الذي لامس (3600) عائلة صيف (2013)
الى ما دون (1000) عائلة (خريف2015) وأكثر من (300) عائلة أصبحت مقطّعة الأوصال ما
بين قسم مهاجر وجزء يستعدّ نفسيّاً وعمليّاً للهجرة مع ما يلازم ذلك من عدم
استقرار وعدم اهتمام بالتعليم (حالات متعدّدة غادرت مقاعد المدارس انتظاراً)
وارتفاع منسوب الإنتظار والقلق والخشية.
الهجرة
نزيف يمتصّ خيرة الطاقات الشابّة الواعدة والقدرات الانتاجية الماهرة من
الفلسطينين اللاجئين من سوريا ولبنان، والصمت سيّد الموقف لدى الفصائل الفلسطينيّة
... تراه عجزاً أم تواطأ.
*
منسّقة مشروع بسمة الأمل