النازحون والمخيمات: ذريعة للتدخل؟
بقلم: داود رمال
تضغط قضية النازحين السوريين على لبنان يوماً بعد
يوم، في ظل استمرار التباين في وجهات النظر على المستوى اللبناني حول كيفية التعامل
مع الأعداد الكبيرة التي فاقت المليون نازح، أي ما يوازي ربع عدد سكان لبنان.
الا ان لبنان، وحسب مصدر رسمي، «اخذ المبادرة بدعوة
جامعة الدول العربية للاجتماع، وفي ضوء هذه الدعوة حصل اجتماع الكويت الذي خصص لمساعدة
النازحين السوريين في الدول التي تؤويهم، وتم الإعلان في ختام الاجتماع عن مبلغ مالي
كبير ناهز المليار ونصف المليار دولار، ولم ينفك لبنان الرسمي يطالب الدول بالإيفاء
بما وعدت به، والى الآن لم تتحرك عملياً سوى دولة الكويت التي سيلت مئة مليون دولار
من اصل المبلغ الذي وعدت بدفعه، علماً ان الامر لا يتصل بتعقيدات إجرائية إنما ايضا
بالترتيبات اللوجستية التي يجب ان تتوفر لضمان الترجمة الصحيحة للمساعدات».
ويقول المصدر «ان لبنان طرح مع الامم المتحدة ودول
القرار المعنية فكرة المؤتمر الدولي لتوزيع الأعباء والأعداد، غير ان التجاوب لم يرق
الى مستوى القضية التي بدأت تشكل عبئا متعدد الاوجه على الدول التي تستضيف العدد الاكبر
من النازحين، وتحديداً المخاطر الاقتصادية والاجتماعية والامنية»، ويضيف:«دولياً، كان
هناك تجاوب من المانيا التي ابلغت لبنان ان بإمكانها استيعاب نحو عشرة آلاف نازح، وبرغم
ان الاجواء لا توحي بقرب الاستجابة لهذا الطلب الملح فان من المفيد استمرار الحديث
عن هذه الفكرة ولبنان سيبقى يحاول».
في السياق نفسه، يوضح مصدر ديبلوماسي عربي لـ«السفير»
ان هناك من «يطالب بإقامة مناطق آمنة لإيواء النازحين، ولكن لهذا الطرح محاذير لجهة
اين ستقام هذه المناطق، على الحدود ام في الداخل، ونحن تبلغنا رسمياً من لبنان انه
ليس صحيحاً القول ان السلطات الرسمية اللبنانية تريد ارسالهم الى مناطق سيطرة المعارضة
السورية، وتحديداً «الجيش السوري الحر».
ويلفت المصدر الديبلوماسي الانتباه الى ان «المشكلة
تكمن في حال اعتماد هذا الخيار، في كيفية حماية هذه المخيمات، فالامر يحتاج الى موافقة
الحكومة السورية وموافقة قوى الامر الواقع حتى لا يتحول النازحون الى ورقة تستخدم في
الصراع الدائر مما يعرضهم الى مخاطر جمّة، وهنا يطرح السؤال، هل تكون الحماية مباشرة
من قبل قوات متعددة الجنسيات ام عن طريق الامم المتحدة»؟
يجيب المصدر نفسه ان كلا الاحتمالين يلقيان رفضاً
متبادلا من قبل محوري الصراع، لذلك يبقى احتمال معنوي ضعيف يتمثل بإصدار مجلس الأمن
الدولي بياناً يعلن فيه منطقة محددة منطقة إنسانية محمية يمنع ادخال السلاح والمسلحين
اليها أو التعرض العسكري لها، وهذا الأمر يصلح في المناطق المحاذية لتركيا ولكن يحتاج
الى التزام تركي».
ويشير المصدر الديبلوماسي الى ان «المعلومات لدينا
تؤكد ان القيادة السورية لا تقبل بخيار كهذا، خاصة ان القرار الدولي 688 الذي صدر ابان
حرب الخليج، ادى الى قيام حكم ذاتي كردي اي دولة كردية، لأن اختيار المنطقة المحمية
كان اختيارا خاطئا».
ويبدي المصدر خشيته من سياسة الخطوة خطوة التي يقوم
بها الأردن للوصول الى تدخل دولي من بوابة النازحين نفسها والخطوة الاولى التي لا يستطيع
الروس الوقوف في وجهها هي زيارة وفد من مجلس الامن الى مخيمات اللاجئين في الاردن،
أي ليس تحت عباءة مفوضية شؤون اللاجئين، وانما من زاوية ان اللاجئين يعرّضون السلم
والامن الاقليمي للخطر ويصبح الهدف الوصول الى منطقة حظر جوي، غير ان الموقف الروسي
متصلّب جدا ورافض بالمطلق، ويعتبر الروس ان هذه النظرية لا تصلح ويفضلون اعتماد الحوار
وبيان جنيف، لأن أفضل طريقة لعودة النازحين تكمن في اعتماد الحل السياسي».
ويستند المصدر الديبلوماسي الى «ما قاله الموفد
الرئاسي الروسي ميخائيل بوغدانوف لعدد من المسؤولين اللبنانيين، اذ قال انا قادم من
ايران وتداولنا مع الايرانيين بمختلف جوانب الازمة السورية، ومقاربتهم ان ما يحصل في
سوريا ليس حربا داخلية ولا اهلية انما هي حرب اقليمية - دولية تشارك فيها دول، وبهذا
المعنى لم يعد من قيمة لحدود الدول ولا للحدود الدولية ولا للكيانات، وبالتالي لا يمكن
الطلب الى ايران عدم مساعدة الناس الذين نعتبرهم من جهتنا مظلومين».
اين تقع الازمة السورية بكل ابعادها في الحراك الاميركي
في المنطقة من خلال الزيارات المكوكية لوزير الخارجية الاميركية جون كيري؟
يرى المصدر الديبلوماسي «ان تحرك كيري لافت للأنظار،
وما انتهت اليه اجتماعات لجنة المتابعة العربية في واشنطن اكثر خطورة عبر الاقرار بتبادل
الاراضي، فهناك مساعي قائمة لإعطاء انطباع بمحاولة ايجاد حل لقضية الشرق الاوسط، بينما
الامر مغاير، لأن زيارة امير قطر حمد بن خليفة آل ثاني الى الولايات المتحدة الاميركية
ولقائه الرئيس باراك اوباما، كان الهدف منها التحريض على التدخل من زاوية استخدام النظام
السوري السلاح الكيماوي، لكن المؤشرات تدل على ان حمد خرج صفر اليدين لأن اوباما يعتمد
سياسة الانكفاء ولم يصادق على التقارير التي تتحدث عن استخدام الأسلحة الكيميائية،
مثلما لم يوافق على تقديم اسلحة قاتلة للمعارضة السورية».