أحمد موسى / اسطنبول
يُحيي الفلسطينيون في 15 مايو/أيار من كل
عام ذكرى "النكبة" عبر فعاليات واسعة في كل بقعة يتواجد فيها الطيف الفلسطيني،
تعبيراً عن تمسكهم بحق العودة إلى ديارهم التي هُجّروا منها قسراً، عام 1948.
نعم تهجير قسري وتعسفي حصل على أرض فلسطين
أرض كنعان بعد أن قامت عشرات المجازر بحق أبناء الشعب الفلسطيني على أيدي "عصابات
صهيونية مسلحة" للتمهيد لقيام الدولة المزعومة التي أُريد منها أن تكون دولة لليهود
فقط، بعد اقتلاع الشعب الأصلي من أرضه.
وفي عام 1948 تم إعلان ما يسمى" دولة
إسرائيل" على غالبية أراضي فلسطين التاريخية، بعد أن تم تهجير قرابة 800 ألف من
أصل 1.4 مليون فلسطيني، من قراهم ومدنهم إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية
المجاورة.
النكبة ومرارة اللجوء
على مدار سبعة عقود ونصف مضت لا يزال تأثير
النكبة متواصل على الفلسطينيين الذين يعيشون في مخيمات اللجوء، ويبقي آلم الذاكرة المرة
وتأثيرها مزروعة فيهم وصعب أن يخرجوا منها إلا بسحق هذا الألم والتخلص منه بحتمية العودة.
وهذا دليل قول الأدبية غادة السمان عن الذاكرة
والألم: ((أن الذاكرة والألم تؤامان وأنك لا تستطيع قتل الألم دون سحق الذاكرة التي
آلمت أجيال متعاقبة)).
فالنكبة حاضرة في فكر ووجدان كل فلسطيني
وجد نفسه خارج أرض الآباء والأجداد، وهذا كرس الوعي والفهم النضالي لمنطق الانتماء
لأرض فلسطين من خلال إحياء هذه الذكرى الأليمة عام بعد عام.
ومما لا شك فيه أن القضية الفلسطينية برمتها
كانت ولا تزال من أهم القضايا الجوهرية الحاضرة على مدار عقود متتالية، وصدرت عشرات
القرارات الدولية المؤيدة للحق الفلسطيني إلا أنها بقيت في السياق النظري فحسب.
أما على الصعيد الرسمي العربي والإسلامي
فلقد عقدت الكثير من القمم وتكلم الكثير من العرب عن حب فلسطين، ولكن لم تكن الأقوال
تقترن بالأفعال ولم يفعلوا شيئا لإثبات هذا الحب سوى شعارات رنانة ومزيفة، أطلقت عبر
منابر عربية ودولية من أجل لفت الانتباه ووضع القرار الفلسطيني في غيابات الجب بإملاءات
خارجيه مشبوهة، من خلال أتباع أبو رغال ممن وضع نفسه خادماً ذليلاً من أجل مكاسب سياسية.
فمرت القضية بين مد وجزر وراهن الصهاينة
وبعض الاعراب على عامل الزمن طيلة الوقت لتغييب قضية اللاجئين عن المنابر، وايضا راهن
البعض على تزييف التاريخ وكانت النتيجة أن هذا الرهان مع شعبنا كان رهاناً فاشلاً،
وهناك من توهم من المرجفين والمثبطين بأن الاستجداء والتفاوض مع ولي نعمتهم سيقدم لهم
شيئاً من انصاف الحلول وقيام شبه دويلة على أنقاض ما تبقى من أرض الفلسطينيين.
الفلسطيني يصحح التاريخ بمفاهيمه ويكتب
صفحات مشرفة بدماء أبنائه الزكية ويسقط المشروع الصهيوني ويعيد بريق القضية الفلسطينية
للواجهة من خلال قلب المعادلة.
ما يحدث اليوم في فلسطين هو مفصل تاريخي
بامتياز ويوم بعد يوم تبرهن المقاومة الفلسطينية على انها الرقم الصعب والاكثر حذراً
بمواقفها الصلبة، والاكثر شراسة في مواجهة سياسات الحكومات الصهيونية المتهالكة، واثبتت
المقاومة من جديد انها رائده وجديرة بقيادة دفة الصراع وقلب كل الموازين وطرح المعادلة
الصحيحة واحتضان شعبي منقطع النظير وطرح شعار واحد هو إخراج شذاذ الآفاق وتطهير الأرض
من دنس أحفاد بني قريظة، وهذا النصر بات قاب قوسين أو أدنى وأقرب من أي وقت مضى.
وبعد مرور ٧٤ عاماً على آلم وجرح النكبة،
سيبقى الشعب الفلسطيني وفياً لقضيته وثابتاً في كافة أماكن تواجده حتى يتم الرجوع للأرض
المحتلة عام 1948م ويقيم دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف طال الزمن أو قصر، يرونه
بعيداً ونراه قريباً بإذن الله تعالى.
المصدر: شبكة العودة الإخبارية