الهدوء في غزة: "حماس" تنتظر..
عمير ربابورت
تصف تصريحات قائد فرقة غزة، التي نشرت في القناة العاشرة، أول من أمس، على
نحو جيد الوضع حول القطاع. ولكنها لا تتناول كل أسباب الهدوء شبه التام الذي نشأ،
وتتجاهل المعركة الهادئة الجارية بين الجيش الإسرائيلي و"حماس" حول جولة
العنف التالية.
حديث عادي لسكان غلاف غزة مع قائد فرقة غزة، اللواء ميكي ادلشتاين، وصف
التعاون الجاري بين إسرائيل و"حماس" بوساطة المصريين. ففي حديث مع
مواطنين التقط ووصل إلى أخبار القناة العاشرة قال ادلشتاين: "لدينا اليوم
مسافة 100 متر نعمل فيها داخل القطاع. في البداية طلبوا ألا ندخل ولا أي متر.
نقلنا لهم رسالة بأن هذا لصالحهم، ويلغي حاجتهم إلى العمل ضد الفلسطينيين الذين
يصلون إلى الجدار للقيام بأعمال إخلال بالنظام. فقبلوا ذلك. نحن نعمل داخل ال 100
متر هذه من ناحيتنا لمنع العبوات وكل الأمور قرب الجدار. نعمل هناك دون دبابات،
فقط مع جرافات تقوم بالفحص، تخرج العبوات بين الحين والآخر. نشاط هادئ. ونبلغ
"حماس" قبل الأوان بأننا سنكون في هذه المنطقة وتلك وهي تسحب رجالها في
الطرف الآخر حفاظا على الهدوء. هكذا يبدو النشاط".
كما أسلفنا فإن هذا هو أحد أسباب الهدوء. ومع ذلك محظور النسيان: قادة
"حماس" في قطاع غزة لم يغيروا أيديولوجيتهم ولم ينتقلوا إلى التمسك
بطريق السلام. ولا تزال "المقاومة" أساس تجربة المنظمة.
قادة "حماس" يتذكرون جيدا أحداث "عمود السحاب" قبل
سنة، والتي قتل فيها أيضا رئيس ذراعهم العسكرية. ولكن مع كل الاحترام للجيش
الإسرائيلي (ولإسرائيل)، فإن ما يؤثر عليهم اكثر من كل هذا هي بالذات الأحداث في
مصر. وللتذكير: في تموز وقعت في مصر ثورة في أثنائها تحول الرئيس، محمد مرسي، دفعة
واحدة من رئيس إلى سجين. فكيف يرتب هذا نار الصواريخ نحو إسرائيل والتي تكاد لا
تحدث؟ مرسي هو رجل "الإخوان المسلمين" – الحركة الأم ل"حماس"
في غزة. وحتى عندما كان مرسي في الحكم في مصر عمل على كبح جماح هجمات
"حماس" نحو إسرائيل (لاعتبارات مصرية داخلية). وبعد الثورة بدأ الحكم
العسكري يدير حرب إبادة ضد كل عناصر الإسلام المتطرف في سيناء.
قليلون واعون لذلك في إسرائيل، ولكن في أرجاء سيناء تدور حرب حقيقية.
وللجيش المصري غير قليل من الخسائر (في الأسبوع الماضي فقط ذبح عشرة جنود في عملية
إرهابية). والجيش يرى في غزة مصدر كل الشر – من هناك خرجت عناصر "الجهاد
العالمي" التي نفذت غير قليل من العمليات القاسية. وحتى "حماس"،
بشكل محدد، تصنف "إلى جانب الأشرار".
ولما كان الحديث يدور عن مصلحة مصرية عليا، فإن المصريين يديرون لأول مرة
منذ سنين عديدة حرب إبادة ضد تهريب السلاح إلى قطاع غزة، بما في ذلك صواريخ فجر.
ولهذا الغرض يستعينون أيضا بالتكنولوجيا الأميركية. والجهد يعطي ثماره –
"حماس" و"الجهاد الإسلامي" على حد سواء لا تنجحان في ملء
مخازن "فجر" خاصتهما، التي تضررت في "عمود السحاب". وهم
يجددون مخزون صواريخهم بعيدة المدى، تلك التي تصل إلى القدس وتل أبيب، بالإنتاج
الذاتي فقط.
الصورة الإقليمية تبعث حتى على مزيد من الاكتئاب من ناحية
"حماس": في الضفة تكافح ضدهم قوات أمن السلطة الفلسطينية (بالتنسيق مع
المخابرات الإسرائيلية). الحليفة السابقة إيران الآن معادية بسبب وقوف
"حماس" إلى جانب الثوار في الحرب الأهلية السورية. ودعم الإيرانيون
"حماس" قليلا فقط في السنة الأخيرة، وحتى استمرار الدعم القليل ثمة شك
حوله الآن، بسبب تقرب الإيرانيين من الغرب.
هل ل"حماس" تعاون مع إسرائيل أيضا مثلما يفهم من أقوال العميد
أدلشتاين؟ يبدو أنه نعم، ولكن بوساطة مصرية.
في كل الأحوال، من الواضح للجميع أن الهدوء الذي يخترق بين الحين والآخر
بصواريخ "المنظمات العاقة" بعيد عن أن يكون خالدا: ف"حماس"
تستغل الوقت كي تعد "عمليات رف". وكما يبدو فقد حفرت حتى الآن عشرات
الأنفاق من قطاع غزة نحو إسرائيل، والتي بوساطتها ستحاول تنفيذ عمليات في اليوم
الذي ينتهي فيه الهدوء لسبب ما.
أما إسرائيل من جهتها، فتبذل جهدا عابثا كي تكتشف الأنفاق وتدمرها، وذلك
لإحباط تهريب السلاح إلى القطاع.
فهل سينتهي هذا الهدوء في صباح مفاجئ ما في عملية اختطاف على نمط العملية
التي أُسر بها جلعاد شاليت؟ نأمل أن لا، ولكن هذا السيناريو بالتأكيد قد يحصل.
"معاريف"، 3/12/2013
الأيام، رام الله، 4/12/2013