الواقع .. والوهم
بقلم: يوسف رزقة
(أسمع كلامك
أصدق. أشوف أفعالك أتعجب ؟!). بهذه العبارة الدارجة يمكن التعقيب على مجمل كلام صائب
عريقات في اللقاء الصحفي الخاص مع دنيا الوطن. كلام عريقات مع دنيا الوطن طويل، كالعادة،
ومتشعب كالعادة، ومتفلت من الصراحة كالعادة، وبمكنة القارئ أن يرجع إليه، ويكفيني هنا
فقرة منه أنقلها بنصها: )
"م. ت.ف مجلسها الوطني هو برلمان الدولة، ورئيسها
هو رئيس الدولة ، واللجنة التنفيذية هي حكومة الدولة ، والدولة موجودة[?!!] ومعلنة
ومعترف بها باعتراف 136 دولة في العالم[?!!] والدولة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية[?!!]
أصبحت عضوا مراقبا بالأمم المتحدة ...وكما قلت البرنامج السياسي هو الأهم لهذه الجلسة
للمجلس الوطني، وعندها يجب للعالم أن يدرك أن دولة فلسطين تحت الاحتلال تماما كما كانت
عليه دول الحرب العالمية الثانية ، لا تستطيع (إسرائيل) أن تقول الأرض المتنازع عليها؟!
هذه دولة محتلة ويجب أن يتواءم كل عملنا السياسي القادم مع ذلك." انتهى الاقتباس.
إذا كانت يا أخ صائب الدولة موجودة، وعلى حدود
١٩٦٧م؟!! بحسب قولك آنف الذكر فلم لا تكتسبون في معاملاتكم الرسمية الداخلية والخارجية
اسم دولة فلسطين، وما زلتم تستخدمون أوراق السلطة الفلسطينية؟!
إن عدم استخدامكم لمصطلح الدولة في الأوراق الرسمية
هو دليل من داخل مكتبكم أن الدولة ليست موجودة، لا أقول على الأرض فحسب، بل على أوراقكم
الرسمية أيضا؟! وإذا صح ما أقوله فإنه من الخداع القولي أن تقول إنها موجودة على حدود
١٩٦٧م؟! نعم أنت تطلب أن تكون كذلك. ولكن ( إسرائيل) ضمت القدس، واستوطنت معظم مناطق
الضفة وأجملها، وأنت كنت تفاوضهم على تبادل أراض، وفشلت، لأن ( إسرائيل) تتعامل مع
الضفة كأرض متنازع عليها، وتسيطر على أجملها بفرض الأمر الواقع، وتعتبر القدس أرضا
إسرائيلية مؤبدة. فكيف لنا أن نصدق تخريفاتك السياسية، وأنت لا تتعامل مع الواقع، وتكرر
ما في الأسطوانة المشروخة.
(دولة تحت
الاحتلال)، مصطلح جيد عندما يكون واقعا تفرضه المنظمة والقوى الفلسطينية الأخرى، ولكنه
بلا قيمة جيدة في الواقع اليومي، لأن المنظمة لم تستطع فرضه في تعاملاتها الداخلية
والخارجية، وحين كانت أوروبا دولا تحت الاحتلال فرضت الدولة بالحرب وبالاختصار فيها،
فهل تستطيع أن تشجع على حرب لنحصل على دولة كما حصلوا هم؟! القياس يا عريقات في غير
مكانه، ويقوم على الوهم، وبيع الوهم للمواطنين ؟!
أما قولك المجلس الوطني هو برلمان الدولة؟! ورئيسها
هو رئيس الدولة؟! واللجنة التنفيذية هي حكومة الدولة؟! فهذا قول يقوم على خيال رومانسي.
فالمجلس الوطني منتهي الصلاحية لم يجتمع من قبل ولم يعلن قيام الدولة، لأنه لا يستطيع
المغامرة. وعباس ليس رئيس الدولة، فهو لم يقل ذلك؟! والناخب الفلسطيني لم ينتخب يوما
أحدا لهذا المنصب، لأنه منصب غير موجود؟! وإذا كانت اللجنة التنفيذية هي حكومة الدولة،
فهذا يقتضي حلّ حكومة رامي الحمد الله، لأنه لا يجوز أن يكون لدولة فلسطين العتيدة
حكومتان؟!
أخي صائب، صحيح أنا أسمع كلامك أصدق، أشوف الواقع
وأفعالك أتعجب؟! لذا أنصحك، وأنت على أبواب خلافة عباس، كما في أرجح الأقوال، أن تتعامل
مع الواقع، لا مع الخيال، وأن تنقل للمواطن الواقع بما فيه من آلام، وأن تترك لغة التجميل،
وتضخيم المخرجات السياسية الهزيلة، فالناس في فلسطين لا يصدقونكم، ويصدقون الواقع.
الشعب يريد خليفة واقعيا، لا بائع خيال.
المصدر: فلسطين أون لاين