القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

الوحدة الوطنية الفلسطينية بين النظرية والممارسة

الوحدة الوطنية الفلسطينية بين النظرية والممارسة
 

بقلم: هيثم محمد أبو الغزلان

لماذا لم تتحقق الوحدة الوطنية الفلسطينية على أرض الواقع؟! ما هو شكل هذه الوحدة المنشودة؟! والبعض يتساءل: هل يمكن تحقيق هذه الوحدة في ظل هذه الظروف الصعبة واختلاف البرامج والرؤى؟! وهل الوحدة الوطنية المنشودة تجمعاً أو تجميعاً أم أن لها أسسها وقوانينها وأهدافها بحيث لا تفرط بشبر من فلسطين، ولا تقبل أن يمس الجدل.. برامج الحد الأدنى والقواسم المشتركة حقاً أو تفرط بثابت، أو تهدر ميثاقاً وطنياً أجمع الشعب الفلسطيني عليه؟!

وللإجابة على هذه التساؤلات، لا بد من القول إن الجميع في الساحة الفلسطينية كان ولا زال يطالب بالوحدة الوطنية؛ فالبعض يضعها شرطاً لاستمرار النضال بكافة أشكاله ضد الكيان الإسرائيلي. والبعض يعتبرها "ديكوراً" من اجل التفاوض مع الكيان الإسرائيلي . وانطلقت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" في العام 1965، وكان في جزء من خطابها التركيز على أن "فلسطين هي الطريق للوحدة" في مقابل مقولة الأنظمة العربية التي كانت سائدة وكان شعارها أن "الوحدة هي الطريق لفلسطين". للأسف، لا الوحدة تحققت، ولا تحررت فلسطين!! وظل الخطاب السائد من الجميع المُطالبة بتحقيق الوحدة، إلا إننا انتقلنا من المطالبة بتحقيق الوحدة العربية، إلى المطالبة بتحقيق الوحدة الوطنية الداخلية للفصائل الفلسطينية. وظل الجميع في الساحة الفلسطينية يردد أن الوحدة الوطنية هي صمام أمان وضمانة أكيدة للتقدم في مشروع التحرر الوطني، وأنها القادرة على إرغام الاحتلال على التسليم بمطالب شعبنا. ولكن اختلفت على أرض الواقع الشعارات ودفع الشعب الفلسطيني ثمن هذه الخطابات الملتوية شهداء وجرحى وعذابات.. وهناك أمثلة كثيرة ومريرة على حالات الانشقاقات داخل الحركات والفصائل الفلسطينية بعضها عن بعض وحصول اشتباكات داخلية بين الأفرقاء المتنازعين: انشقاق الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عن حركة القوميين العرب، انشقاق الجبهة الديمقراطية عن الشعبية، وانشقاق القيادة العامة عن الشعبية، وانشقاق فتح الانتفاضة عن حركة فتح بزعامة أبو عمار، الاقتتال بين فتح وحماس.. وهكذا حصلت الانشقاقات بدل الوحدة المنشودة.

وإذا أخذنا الأمور بمقياس واقعي، فإن تحقيق اندماج كامل بين كافة "قوى الشعب الفلسطيني" وصهرها ببوتقة واحدة صلبة، يُعتبر أمر غير واقعي وغير قابل للتحقيق على أرض الواقع حتى لا نقول إنه من شبه المستحيل تحقيقه. ولكن وفي المقابل أيضاً لا يمكن لثورة أن تحقق انتصاراً دون أن تكون موحدة وتقف على أرضية صلبة تنظيمياً وبرنامجياً وسياسياً. ويعتبر الكاتب محمد خالد الأزعر أن "التعلق بالوحدة الوطنية إلى هذه الدرجة من القداسة، ينطوي رغم نبله على شيء كثير من اللاواقعية وعدم الاكتراث بما يدور على الأرض. وأغلب الظن أن من يرهنون سيرورة الحركة الكفاحية الفلسطينية بالوصول إلى اصطفاف كل القوى المنغمسة في هذه الحركة داخل تنظيم جامع مانع واحد موحد، مثل كتلة إسمنتية "حجرية أو صخرية صلدة"، إنما ينشدون شبه المستحيل. ولو أن هذه القوى أخذت بهذه الرؤية أو المنهجية كضرورة مسبقة، لما قامت للحركة التحررية الفلسطينية قائمة من الأصل".

ويضيف الأزعر: "هناك فرق كبير بين العمل الوطني عبر الكتلة التنظيمية بالمواصفات القياسية المذكورة، المغلفة والمحشورة بصبغة - طوباوية مثالية مفرطة، وبين العمل بما يتوفر من عناصر حقيقية ملموسة تتحرك في إطار محددات صارمة وقيود منظورة لا يمكن الفكاك منها بسهولة، وعبقرية الحركة الوطنية والمتحرقين إلى وحدتها المعيارية تتأتى من التعامل مع أطر الواقع ومحدداته بدون التخلي عن المثال رغم الصعوبات المنتصبة في طريقه".

هنا نحن نضع الأصبع على الجرح للمعالجة، وليس لتثبيط الهمم. فمسألة الوحدة الوطنية لا ينبغي بحال من الأحوال النظر إليها على أنها مسألة "طهورية"، بل يجب التعاطي معها وفق صيغٍ ائتلافية وجبهوية ونظرية "القواسم المشتركة"، مع تركيز العمل باتجاه الهدف للوصول للصيغة المثالية.

ومثلت منظمة التحرير الفلسطينية الصيغة الجبهوية الائتلافية الجامعة لمكونات الشعب الفلسطيني، تحت هدف تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة. وكانت المنظمة ملتزمة بالميثاق القومي أولاً، والميثاق الوطني الفلسطيني بعد ذلك. وجرى فيهما (الميثاق القومي والميثاق الوطني)، التأكيد على تحرير كامل فلسطين، واعتبار الكفاح المسلح الطريق الوحيد لانجاز عملية التحرير. وعلى هذا حصلت على صفة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني عام 1974. وتمكنت المنظمة من تحقيق انجازات عديدة لشعبنا مستندة إلى الميثاق الوطني المُقر في (10-17/7/1968)، والذي ورد في مادته الأولى أن: "فلسطين وطن الشعب العربي الفلسطيني وهي جزء لا يتجزأ من الوطن العربي الكبير والشعب الفلسطيني جزء من الأمة العربية".

وفي مادته الثامنة ورد أن :"المرحلة التي يعيشها الشعب الفلسطيني هي مرحلة الكفاح الوطني لتحرير فلسطين ولذلك فإن التناقضات بين القوى الوطنية الفلسطينية هي من نوع التناقضات الثانوية التي يجب أن تتوقف لصالح التناقض الأساسي فيما بين الصهيونية والاستعمار من جهة وبين الشعب العربي الفلسطيني من جهة ثانية، وعلى هذا الأساس فإن الجماهير الفلسطينية سواء من كان منها في أرض الوطن أو في المهاجر تشكل منظمات وأفراد جبهة وطنية واحدة تعمل لاسترداد فلسطين وتحريرها بالكفاح المسلح".

وفي مادته الحادية عشرة ورد: "يكون للفلسطينيين ثلاثة شعارات: الوحدة الوطنية، والتعبئة القومية، والتحرير".

وفي الدورة الحادية والعشرين للمجلس الوطني التي عُقدت في غزة بتاريخ (24/4/1996)، "صادق" أعضاء المجلس على إلغاء مواد الميثاق التي تدعو إلى القضاء على دولة إسرائيل وتعديل بعضها الآخر التزاما باتفاق "واي بلانتيشن".

والمواد الملغاة هي 6و 7 و 8 و 9 و 10 و15 و 19 و 20 و 21 و 22 و23 و30 أما المواد التي حذفت منها مقاطع فهي 1 و2 و3 و 4 و5 و 11 و12 و 13 و 14 و 16 و 17 و 18 و25 و26 و27 و29.

وجاء التعديل انطلاقاً من وثيقة إعلان الاستقلال والبيان السياسي المعتمدين في الدورة التاسعة عشرة التي عُقدت في الجزائر في 15 تشرين الثاني (نوفمبر) 1988، والتي نصت على اعتماد حل الدولتين وأكدت مبدأ حل النزاعات بالطرق السلمية، والاستناد إلى مقدمة اتفاق إعلان المبادئ الموقع في واشنطن في 13 أيلول (سبتمبر) 1993، والتي تضمنت اتفاق الطرفين على أن الوقت قد حان لإنهاء عقود من المواجهة والنزاع والاعتراف "بحقوقهما السياسية المشروعة المتبادلة والسعي إلى العيش في ظل تعايش سلمي وبكرامة وأمن متبادلين ولتحقيق تسويه سلمية عادلة ودائمة وشاملة ومصالحة تاريخية من خلال العملية السياسية المتفق عليها"... كما يستند إلى التزامات منظمة التحرير الفلسطينية الواردة في اتفاق إعلان المبادئ في أوسلو والاتفاق الموقع في القاهرة ورسائل الاعتراف الموقعة في 9 و10 أيلول (سبتمبر) 1993 والاتفاق الإسرائيلي - الفلسطيني المرحلي حول الضفة الغربية وقطاع غزة (أوسلو 2) الموقع في واشنطن في 28 أيلول (سبتمبر) 1995 وقرار المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في تشرين الأول (أكتوبر) 1993 الذي وافق على اتفاق أوسلو وجميع ملحقاته... وأظن أن ما كتبه المرحوم شفيق الحوت، ممثل منظمة التحرير في لبنان سابقاً، يُعبّر عن واقع سيء وصلت إليه الأمور حين اعتبر أن "اتفاقية أوسلو جاءت لتضاعف من انهيار القلعة، والتي تحولت من منظمة تحرير الوطن إلى منظمة لتبرير مسلسل التنازلات السياسية والوطنية والقومية. هذا المسلسل لم يتوقف إلا عندما وصلت الأمور إلى حدود المساس بثوابت الحدود الدنيا لمطالب الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره".

وأدى الابتعاد عن الثوابت الوطنية والتنازلات المستمرة إلى انقسام حاد بتمظهراته السياسية والشعبية بعد اتفاقية أوسلو. وكان أن تشكلت الفصائل العشرة، والتي أصبحت تدعى بعد انسحاب الجبهتين الشعبية والديمقراطية منها، بتحالف القوى الفلسطينية.

وما نستعرضه هنا هو اصطدام السلطة الفلسطينية بواقع رفض الكيان الإسرائيلي دفع استحقاقات عملية "التسوية"، والطلب من رئيس السلطة المزيد من التنازلات وصولاً إلى فشل قمة كامب ديفيد (2000)، واعتبار الولايات المتحدة الرئيس ياسر عرفات بأنه غير ذي صلة بعملية "السلام"، ما اعتُبر في حينه إشارة خضراء لمحاصرته وتصفيته لاحقا. هذه الأمور وغيرها، مثل استشراء الاستيطان وتوسعه قد أدت لاندلاع انتفاضة الأقصى في أواخر أيلول/ سبتمبر 2000.

وثيقة غزة والوحدة

وسعت الحركات والفصائل الفلسطينية إلى تفويت الفرص على الكيان الإسرائيلي؛ فحافظت على طروحاتها وعملت على تكريس نوع من أجواء التآلف بما يضمن تحقيق أهداف الانتفاضة والمقاومة.

وعملت فصائل وحركات المقاومة الفلسطينية على توحيد جهودها، وقد أبدت هذه الفصائل مرونة عالية في تجاوز الكثير من العوائق التي وضعت أمامها. ويدل على ذلك توافق جميع الفصائل على أهداف مرحلية تخوض على أساسها نضالها وجهادها دون أن يؤثر ذلك على أهداف كل فصيل وإستراتيجيته. ولعل المثال الأبرز على ذلك ما أُطلق عليه "وثيقة غزة"، (3/7/2002) والتي تحفظت عليها الجهاد الإسلامي. وهذا أبرز ما ورد فيها:

- إنهاء الاحتلال الإسرائيلي العسكري والاستيطاني للأراضي المحتلة في (5-6-1967)، بما في ذلك القدس.

- إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية...

- صون وحماية حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي شردوا منها وفقاً للقرار 194 الصادر عام 1948 بشأن حق العودة.

وحددت الوثيقة وسائل النضال بـ:

- أن يمارس الشعب الفلسطيني الأشكال النضالية والكفاحية المختلفة ومنها الانتفاضة والمقاومة والنضال السياسي، أو أي أشكال كفاحية أخرى.

- التأكيد على البعد العربي والإسلامي للقضية الفلسطينية كعمق استراتيجي هام، وإبراز البعد والطابع التحرري والإنساني للقضية الوطنية...

كما تضمنت الوثيقة على الصعيد الداخلي:

- تشكيل قيادة وطنية موحدة.

- إجراء عملية إصلاح شاملة للوضع الداخلي الفلسطيني وبناء مؤسسات الشعب والمجتمع على أسس ديمقراطية...

- التأكيد على مبدأ الشفافية والمساءلة وصيانة الأموال والممتلكات العامة، ومحاسبة كل من أساء استخدام المنصب أو المال العام...

- العمل على تعزيز مقومات الصمود والاستقلال الاقتصادي وتشجيع الإنتاج الوطني، واعتماد موازنة تقشف تنهي الهدر والتبذير للمال العام...

وأكدت الوثيقة على ملاحظتين مهمتين:

- أن تحديد الأهداف كما ورد في الوثيقة، لا يلغي حق أحد في اعتبارها أهدافاً مرحلية.

- أن القيادة الموحدة بعد تشكيلها تحدد أشكال المقاومة، وطابعها، ومكانها، وزمانها...

ولم يتم التوافق على برنامج سياسي واحد بسبب عدم قبول السلطة وفصائل منظمة التحرير التخلي عن برنامج التسوية والعودة إلى دائرة المقاومة. وكذلك رفض حركات المقاومة الراديكالية التخلي عن برنامجها أو جزءاً منه لأسباب عديدة منها: البعد العقدي في تفكيرها. والبعد الواقعي الذي أثبت فشل تجربة أوسلو وملحقاتها مما أثبت صدق طروحاتها القائلة بعدم جدوى المفاوضات مع حكومة الكيان الإسرائيلي، إضافة إلى أن تخليها عن جزء من مشروعها يعني أنها تخلت عن دماء الشهداء ومن ثم فإنها ستخسر قاعدتها الجماهيرية.

ولهذا فإن إدراك هذه القوى لعدم جدوى المفاوضات مع الكيان الإسرائيلي جعلها حريصة على عدم الدخول في "مربع الشبهات" الذي قد يقضي على مستقبلها ووجودها. (صحيفة الشرق الأوسط، د. عبد العزيز الرنتيسي عضو قيادة حماس، (8/11/2002)).

وما يحصل من توافق في هذه الفترة يأتي بعد سلسلة من الاتفاقات بين حركتي فتح وحماس "القاهرة، الدوحة، مكة.."، ويأتي في سياق ما تم الاتفاق على جزء منه في حوار القاهرة عام 2005، ومنه إعادة ترتيب أوضاع منظمة التحرير الفلسطينية وإجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني حيث أمكن في أماكن اللجوء والانتخابات الرئاسية والتشريعية في الضفة وغزة.

ويعتبر الكاتب نبيل شبيب في مقالة له في موقع (الجزيرة نت)، أنه مع تثبيت أننا نتحدث عن وحدة وطنية لأهل وطن تحت الاحتلال لا يتحرر ولا يتحررون دون المقاومة، ينبغي أن يكون واضحاً في الحديث أن منظمة فتح كانت (ومن كان معها) تاريخياً هي المنظمة التي تتحرك بالعمل الفدائي أكثر من سواها، فكانت هي آنذاك الأقرب إلى خدمة المصلحة الوطنية والوحدة الوطنية، وكان المطلوب من سواها أن يقترب منها.

ويضيف شبيب اليوم أصبحت حماس (ومن هو معها) على أرض الواقع هي المنظمة التي تتحرك بالمقاومة أكثر من سواها، فأصبحت هي الآن الأقرب إلى خدمة المصلحة الوطنية والوحدة الوطنية، وأصبح المطلوب من سواها أن يقترب منها..

هذا الفارق الجوهري وليس اسم فتح أو اسم حماس، ولا حتى اتجاه هذه واتجاه تلك، هو ما يحدد معيار الحديث عما ينبغي تقديمه لتحقيق المصالحة.. وسيلة للوصول إلى الوحدة الوطنية.

ويضيف شبيب... فحماس فصيل وفتح فصيل وهما وسواهما يمكن أن يظهروا ويغيبوا. أما ما لا يمكن استبعاده فهو نهج المقاومة، إذ إنه هو ما لا غنى عنه للوحدة الوطنية، والمصلحة الوطنية، والأهداف الجليلة، في هذه المرحلة وفي أي مرحلة من مراحل تاريخ قضية فلسطين.

طريقان للوحدة

لا ينكر أحد حجم الجهد الذي بُذل لإنهاء حالة الانقسام السائدة بين حركتي (فتح) و (حماس)، وعقب سلسلة من الاجتماعات العلنية والسرية بين قيادة الحركتين تم الاتفاق والتوقيع على اتفاق تشكيل حكومة انتقالية مستقلة، وإجراء انتخابات وإنهاء الانقسام الداخلي الفلسطيني منذ عام 2007.

وعلى الرغم من أن موقف السلطة الفلسطينية تجاه المصالحة مع حماس كان ولا زال يعتبر المسألة شأن فلسطيني داخلي، إلا أنها لا تملك الشجاعة لوقف عملية التسوية المتوقفة أصلاً مع الكيان الإسرائيلي. فالجانب الإسرائيلي يعتبر أن تحقيق المصالحة بين فتح وحماس يعني أن السلطة اختارت طريقاً غير طريق "السلام". وأنه لا يمكن الحصول على السلام مع الطرفين لأن حماس تسعى للقضاء على إسرائيل وتقول ذلك علنا. هذا الموقف الإسرائيلي يًعتبر مؤشراً خطيراً على واقع ومستقبل عملية المصالحة الفلسطينية الداخلية، والتالي هذا الأمر سينسحب على مجمل قضية الوحدة الوطنية.

يُضاف إلى ذلك، نظرة المجتمع الدولي ولا سيما البلدان الغربية إلى المصالحة بين حركتي فتح وحماس. وتجربة تشكيل الحكومة الائتلافية عام 2006، التي علّقت بعدها الولايات المتحدة مساعداتها المالية للسلطة، لأنها تعتبر حركة حماس منظمة "إرهابية"، وهذا من الصعب ضمان عدم حدوثه مرة أخرى. وبحسب ورقة أعدتها مجموعة الأزمات الدولية فيبدو تحليل الكلفة للمنفعة في غاية الوضوح: "قد تعني المصالحة نهاية احتكار فتح للشؤون الإداريّة والأمنيّة في الضفة الغربيّة، أي حكماً تنازلاً عن الهيمنة على منظمة التحرير الفلسطينيّة، في حين قد تُهدد الشراكة مع حماس المفاوضات مع إسرائيل والدعم الدولي والمالي للسلطة الفلسطينيّة. وفي مقابل هذا الثمن الباهظ بالكاد تكسب الحركة أكثر من مجرّد سيطرة مشتركة على غزّة حيث تقلّص نفوذ رام الله حتى قبل أن تضع حماس يدها عليها".

في العموم يمكن ملاحظة أن الوحدة الوطنية الفلسطينية يمكن أن تتحقق على أساس برنامج سياسي قادر على استيعاب الجميع، ويضع المصلحة الفلسطينية فوق كل اعتبار، ويكون مُوحِّداً للفصائل وللشعب على أهداف التحرير والعودة وإعادة بناء منظمة التحرير على أسس سياسية وتنظيمية جديدة... وبغير هذا ستبقى الأمور تسير وفق سياسة عدم الحسم حيناً، وإبقاء العين مفتوحة باتجاه إسرائيل والمجتمع الدولي وتطورات الأوضاع المختلفة.