الوضع
الفلسطيني في لبنان وقائع تنذر بكارثة
بقلم: سامر
الهابط
تسارعت الأحداث الأمنية في مخيم عين الحلوة جنوب
لبنان وتوجت بعملية خاطفة للجيش اللبناني استطاع خلالها إلقاء القبض على أمير
تنظيم داعش في المخيم عماد ياسين.
وإذا كان اعتقال عماد ياسين ضربة موجعة للتيارات
والقوى الأصولية داخل المخيمات الفلسطينية، لكن من غير المتوقع أن تكون هذه
العملية خطوة نحو تغيير واقع اللاجئين الفلسطينيين المأساوي في لبنان.
وفجأة تناست القوى والفصائل الفلسطينية الرسمية حقوق
وعذابات اللاجئين الفلسطينيين وما يتعرضون له من قهر وتنكيل وحرمان وانشغلت بكيفية
أن تكون في خدمة السلطات اللبنانية.
فأمير تنظيم داعش الارهابي عماد ياسين ومن معه لم
يكن لهم أن يأمنوا داخل مخيم عين الحلوة والمناطق المجاورة له إلا بعد أن تم إهمال
المخيمات وإهمال أوضاع اللاجئين الفلسطينيين وتحويل المخيمات إلى بؤر للفساد،
عندها وجدت القوى المتطرفة والفاسدين وتجار المخدرات مكانا آمنا لهم داخل أحياء
المخيم، ومن سمح لهذه الحالات بالتفشي يستعد اليوم لمحاربتها على حساب اللاجئين
وأمنهم وسلامتهم.
وعندما تتحول يجري على العمل على إبتزاز اللاجئ
وحرمانه من حقه ويرى بأم عينه أن قيادته السياسية تحولت إلى مخبرين ولصوص وتجار
المخدرات ويتمعتون بالمال العام على حساب لقمة عيش الفقراء يصبح من السهل أن تتحول
المخيمات إلى بؤر للأجهزة الأمنية والاستخباراتية، وتتحول إلى بؤر للمخدرات
والارهابيين.
فالسلطات اللبنانية تبدي ارتياحها من القيادة
المحلية للفصائل الفلسطينية لأنها أصبحت تعمل بخدمتها وتناست قضايا شعبها، وقدمت
الخدمات للأجهزة الأمنية اللبنانية دون أي مقابل يرفع الظلم والقهر والحرمان عن
اللاجئين ودون أن تناقش حتى موضوع الحقوق المدنية والانسانية، ليخرج وزير
الخارجية اللبنانية جبران باسيل بتصريح عنصري بأن لبنان يمكن أن يمنح أولاد المرأة
اللبنانية ممن تزوجت أجنبي تمنحهم الجنسية اللبنانية باستثناء من تزوجت فلسطيني أو
سوري.
أولا إن الشعب الفلسطيني قد مئات آلاف الشهداء ليس
من أجل تجنيسه وتوطينه في لبنان، بل من أجل قضيته وعودته وحريته وتحرير وطنه،
ثانيا من المؤسف أن أحدا من المسؤولين الفلسطينيين وخاصة السفير الفلسطيني لم
يتكرم ويصدر تصريحا يستنكر فيه تصريح وزير الخارجية اللبناني، هذا إذا قلنا بأنه
لم يقدم رسالة استنكار للحكومة اللبنانية.
ثانياً ووفق كافة المعايير والشرائع الدولية والقانونية
فإن موقف جبران باسيل هو موقف عنصري مرفوض.
فأين الرعاية الرسمية الفلسطينية للاجئين
الفلسطينيين في لبنان، ولماذا كل هذا العجز والتخلف، ولماذا أيضا تحولت القيادة
الفلسطينية في لبنان سواء في العلن أو في الخفاء تحولت إلى مخبرين للأجهزة الأمنية
اللبنانية.
فهل بهذا تخدم القضية الفلسطينية والدولة الفلسطينية،
وهل بهذا تخدم تعزيز العلاقات الرسمية الفلسطينية اللبنانية، طبعا لا لأن السياسة
الفلسطينية الحالية في لبنان تساهم في تدمير القضية وتدمير الشعب وتشجيع الشعب من
أن يتحول من شعب مناضل من أجل حقوقه وكرامته وقضيته إلى مجموعات من المخبرين
للأجهزة وهذا ما يعني بدوره أن هناك من سيسعى ليعمل مرتزقا عند القوى المتطرفة
والارهابية وهناك من سيتحول إلى مروج للمخدرات ومدمن ليستطيع التغرب عن واقع مؤلم
يعيشه مع ارتفاع نسبة البطالة وحالات القهر والاضطهاد التي يتعرض لها.
مؤشرات الواقع الفلسطيني في لبنان تنذر بخاطر كبيرة
ربما لا تكون من خلال تفجير الحروب العسكرية ولا أعتقد أن أحدا مستعد لها الآن،
ولكن حروب من نوع آخر وربما تكون أخطر، أبرزها الأمراض الاجتماعية وحالة الفوضى
وسيطرة الأجهزة الأمنية وتحويل المخيمات إلى بؤر متصارعة وميدان للاغتيالات والقتل.
فمن يتحمل مسؤولية ذلك؟
يعيش اللاجئون الفلسطينيون في ظل قيادة تدعي أنها
تمثله وتدافع عنه، لكن هذا ليس واضحا، فتشريح حالة القيادة الفلسطينية في لبنان
تظهر بوضوع أن ضعيفة ولا تمتلك الوعي ولا القدرة على القيادة ومعالجة القضايا،
لذلك هي تهرب من عجزها باتجاه الكسب الشخصي، وثانيا الارتماء في أحضان الأجهزة
لحماية نفسها ومكتسباتها والتالي فإن الشعب الفلسطيني في لبنان يحتاج لقيادة أكثر
وعيا وقدرة على معالجة القضايا، وإذا كانت القيادة المركزية ترى أن أسهل المعالجات
هي أن نسلم الواقع للسلطات اللبنانية لنكون في خدمة الأجهزة فإن لذلك مخاطر أكبر
لأنها ستشكل ألغاما للتفجير القادم في ظل سياسة لبنانية رسمية لا تعترف ولن تعترف
بالمدى المنظور الحقوق الانسانية والاجتماعية والمدنية للشعب الفلسطيني، وسيحول
القيادة الفلسطينية إلى مجموعة من المنتفعين في خدمة الأجهزة الأمنية اللبنانية
على حساب الشعب والقضية وهذا حال اليوم الذي ينذر بمستقبل قاتم..