القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

اليرموك ولعنة الوثيقة

اليرموك ولعنة الوثيقة

بقلم: علي بدوان

لعنة وبعدها لعنات، مازالت تلاحق كل لاجىء فلسطيني على أرض ديار العرب أوطاني، وبالتحديد : حملة الوثائق من فلسطيني سوريا ولبنان، ومعهم عدد قليل من فلسطينيي العراق وماتبقى من حملة وثائق مصرية. فالطامة الكبرى في هذا المجال تَمُسُ فلسطينيي سوريا ولبنان بشكلٍ رئيسي.

لعنة الوثيقة، جعلت من يَحمَلَها من اللاجئين الفلسطينيين، عرضة للتحقيق والتوقيف، ومن ضحايا قاعات الترانزيت والإنتظار الطويل في مختلف المطارات العربية. فكاتب هذه السطور مر بواحدة من تلك الأزمات نهاية العام 2010 عندما كان عائداً من بكين في جمهورية الصين الشعبية بعد رحلة علاج إستكمالية في مشفى تيانجين التابع للجيش الصيني، وعلى متن خطوط (مصر للطيران)، فكان عليه الإنتظار تسع ساعات متواصلة في قاعات الترانزيت في مطار القاهرة بإنتظار موعد الطائرة المصرية التي ستلقع بإتجاه دمشق، بينما غادر الركاب بإتجاه الإستراحة في فندق المطار، فبقي وحيداً لتسع ساعات في قاعة الترانزيت لمجرد أنه فلسطيني يحمل وثيقة سورية، ولم يشفع له طيرانه على الخطوط المصرية أو حالته العلاجية.

لعنة الوثيقة، لم تشفع للاجئين الفلسطينيين من حملة الوثائق دورهم الطليعي في بلداننا العربية، ودور أشقائهم من الفلسطينيين الذين لايحملون الوثائق، في بناء تلك البلدان، وفي بناء صروح التعليم والمعرفة في السنوات الأولى من إستقلال تلك البلدان والإمارات والمحميات، في وقت كانت فيه تلك البلدان تعيش في كهوف الماضي بينما معظم لاجىء فلسطين بالرغم من ويلات النكبة كانوا يحملون درجات علمية مرموقة، وعلى رأسهم اولئك الذين ذهبوا لتلك البلدان فلم تجد بينهم لصاً أو متسولاً، بل كان منهم النخبة التي وضعت مداميك وصروح الحضارة في بلادٍ عربية أعطوها أكثر مما أعطاها أبنائها أنفسهم.

لعنة الوثيقة، أفصحت عن نفسها مؤخراً، حين أقدمت الجهات اللبنانية الرسمية على إتخاذ قرارٍ جائر بمنع دخول فلسطينيي سوريا الى لبنان، وهو سلوك عنصري لامبرر له، يُضاف لسلسلة الإجراءات المعروفة والتي تَمِسُ أيضاً فلسطينيي لبنان ذاتهم، حيث المعاناة والحرمان من العمل والتملك وتضييق سبل الحياة أمامهم، تحت حججٍ واهية وعلى رأسها الترويج للمقولة الإستخدامية المعنونة بـ "محاربة التوطين والدفاع عن حق العودة"، وقد تحولت تلك المقولة الى "أكذوبة فاقعة وبعبع" في التراشق الحزبي الداخلي اللبناني من حين لأخر عندما يجرؤ البعض من اللبنانيين في المطالبة بإعادة النظر بالإجراءات والقوانين المتعلقة بفلسطينيي لبنان.

هذا هي مأساة كل لاجىء فلسطيني في بلاد العرب أوطاني. إن العار والمُخجل لمن يعرف العار في زمن العار، أن تبقى لعنة الوثيقة جاثمة على صدر اللاجىء الفلسطيني بعد (66) عاماً من نكبة فلسطين. ومن العار والمُخجل أن يكون الصمت سيد الموقف لدى الجهات العربية المعنية بمتابعة أمور اللاجئين الفلسطينيين في الجامعة العربية.

في زمنٍ العار، ولمن يعرف العار، يبقى الفلسطيني، حامل الوثيقة، أسير وطن عربي يحاسبه على كل تحرك وكأنه وافد الى هذا الوطن بالأمس فقط.

لعنة الوثيقة يجب أن تنتهي، فكفى (66) عاماً من العذاب والحرمان لشعب النكبة. لقد تعبت فلسطين من الإنتظار، وتعب اللاجئون الفلسطينيون. وصدق من قال "إن كانت إسرائيل قد جردت الفلسطينيين من أرضهم، فقد جردت الدول العربية الفلسطينيون من إنسانيتهم".

المصدر: وكالات