القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
السبت 30 تشرين الثاني 2024

اليرموك ومبادرة الرئاسة

اليرموك ومبادرة الرئاسة

علي بدوان

في خطوة مُعلنة، توافقت عليها جميع الفصائل الفلسطينية العاملة فوق الساحة السورية وعددها (14) فصيل وحزب فلسطيني (مع غياب حركة حماس) تم وبالإجماع المصادقة على مبادرة الرئيس محمود عباس لإيجاد حلّ سلمي لمسألة مخيّم اليرموك وعموم المخيمات والتجمعات الفلسطينية فوق الأرض السورية، والتي نقلها إلى دمشق الأسبوع الماضي وفد رباعي باسم منظمة التحرير الفلسطينية ترأسه السيد زكريا الآغا عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والوزير في السلطة الوطنية الفلسطينية والأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني الدكتور أحمد مجدلاني، وبلال قاسم، والعميد إسماعيل من الاستخبارات العسكرية الفلسطينية، وهي الزيارة الثالثة للوفد المذكور لدمشق خلال الأشهر الأربعة الأخيرة.

الإجتماع المذكور شاركت به الفصائل الفلسطينية التالية : حركة فتح، الجبهة الشعبية، الجبهة الشعبية/القيادة العامة، منظمة الصاعقة، فتح/الإنتفاضة، جبهة النضال الشعبي الفلسطيني بشقيها، جبهة التحرير الفلسطينية بشقيها، الحزب الشيوعي الفلسطيني، حزب الشعب الفلسطيني، حزب الإتحاد الديمقراطي الفلسطيني/فدا، الجبهة الديمقراطية، حركة الجهاد الإسلامي، وتغيبت عن الإجتماع حركة حماس التي لاتشارك عملياً في إجتماعات الفصائل بدمشق منذ أكثر من عام ونصف مضى.

ووفق ماهو مُعلن ومعروف، فإن زيارات الوفد الرسمي الفلسطيني لدمشق، جائت للنظر بأوضاع الفلسطينيين في سوريا، الذين تعرضوا خلال الشهور الماضية لأزمات كبيرة نتيجة الحالة العامة في سويا في ظل الأزمة التي تعانيها البلاد، وقد تسببت في وقوع كوارث متلاحقة بعدد من المخيمات والتجمعات الفلسطينية فوق الأرض السورية كان أكبرها على الإطلاق ماوقع في مخيم درعا، ومخيم سبينة في ريف دمشق، ومخيم حندرات شمالي مدينة حلب، وفي مخيم اليرموك مع خروج الغالبية الساحقة من سكانه وسقوط نحو (1600) شهيد فلسطيني حتى الآن في سوريا. منهم أكثر من (900) شهيد من مخيم اليرموك لوحده.

زيارات الوفد الفلسطيني أثمرت على بإنجاز عدة خطوات، منها ماله علاقة بإقرار مساعدات عاجلة لفلسطينيي سوريا بواقع مليون دولار أمريكي توزع على عموم الناس من اللاجئين الفلسطينيين شهرياً (على بطاقة العائلة)، ومنها ماله علاقة بتحسين المناخات العامة الفتحاوية السورية الأمر الذي تبدى بأكثر من مجال، كان منه تسليم وإعادة بعض المقرات العائدة لحركة فتح لمنظمة التحرير الفلسطينية، إضافة للبحث في بعض الشؤون المتصلة بالعلاقات الثنائية بين دمشق ورام الله، حيث تم البحث في ذلك مع كل من مساعد وزير الخارجية السوري فيصل المقداد ورئيس المجلس الأمني الوطني اللواء علي المملوك.

وفي العودة للمبادرة التي تم الإجماع عليها، فكان من أهدافها المعلنة نصاً وكما ورد في النص الموزع عن إجتماع الفصائل المشار إليه أعلاه "خروج المسلحين والسلاح من المخيم وعودة الأمن والأمان إليه لكي يعود النازحون لمنازلهم"، و"إعادة الخدمات للمخيم اللاجئين بعد إنهاء المظاهر المسلحة".

وقد أعلنت مصادر فلسطينية بأن الوفد الرسمي الفلسطيني إلتقى قيادات سورية رفيعة المستوى، وقد أبدت تلك الجهات ترحيب الدولة السورية بالمبادرة، على أن يستتبع ذلك جواب واضح من الجيش الحر وجبهة النصرة المتواجدين في اليرموك، وقد عُلِمَ بأن لجنة من كل الفصائل تشكّلت لمتابعة ووضع آلية لهذه المبادرة.

في هذا السياق، تشير المعلومات المتوفرة وشبه المؤكدة بأن الجيش الحر والمجموعات التابعة له والمنضوية تحت أسماء مختلفة منها لواء التوحيد ولواء أبابيل حوران وصقور الجولان وكتائب جند الله، وجبهة النصرة ... ومعها مجموعات فلسطينية (وقد تراجع حضورها مؤخراً بشكل ملموس وخاصة منها مجموعة لواء العهدة العمرية وزهرة المدائن) .. إلخ .. وهي الجهات العسكرية المتواجدة في مخيم اليرموك، مختلفة فيما بين بعضها إزاء مايمكن القيام به بشأن المبادرة التي قدمتها الرئاسة الفلسطينية، فمن بين تلك الجهات :

من يرفض المبادرة جملة وتفصيلاً، بإعتبارها لاتعنية إنطلاقاً من مقولة أن مخيم اليرموك أرضاً سورية في نهاية المطاف، وأن مخيم اليرموك ليس أفضل من بابا عمرة أو الخالدية أو القصير ....

ومن بينها من يرى بإمكانية الحديث بشأنها، مع أطراف فلسطينية معينة دون غيرها، على أن يتم إستبعاد أي وجود عسكري لأي طرف في اليرموك حال تطبيق الإتفاق، بما في ذلك الجهات الرسمية السورية كالجيش أو الأمن أو الشرطة المدنية.

ومن بينها من بات يرى بأن دخول مخيم اليرموك كان خطأ جسيماً، وأن مجموعات الجيش الحر المختلفة دخلت في كمين مُحكم عبر جرها لمربع مخيم اليرموك من قبل قوات النظام لتطويقها وإحكام إغلاق المربعات الجنوبية من دمشق بوجهها، وإغلاق سلة الغذاء والتموين التي كانت متوفرة لها في مخيم اليرموك.

وبناءاً، عليه، فإن التقديرات الفلسطينية المستقاة من قبل قيادات جميع الفصائل الفلسطينية العاملة على الأرض السورية, والتي تحاورنا معها من خلال الزيارات الميدانية واللقاءت المباشرة، تؤكد بأن المبادرة لاحظوظ للنجاح لها على أرض الواقع. وأن وظيفتها سياسية وإعلامية لقطع كل المبررات، ويبدو لها بأن الحل سيكون حلاً عسكرياً متدرجاً، قوامه العمل بالذخيرة الناعمة (على حد تعبير قياديين فلسطينيين أحدهما ينتمي لفصيل من قوى التحالف والثاني ينتمي لفصيل من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية ..) للدخول للمخيم وإخراج القوى التي دخلت إليه.

والمعلومات بهذا الجانب تشير للبدء بتنفيذ العملية المشار إليها من قبل مجموعات تابعة لبعض القوى والفصائل وهي : الجبهة الشعبية/القيادة العامة، منظمة الصاعقة، حركة فتح/ الإنتفاضة، جبهة النضال الشعبي الفلسطيني. إضافة لمجموعات فلسطينية ثانية تتبع القيادة العسكرية السورية ومابات يعرف بقوات الدفاع الوطني وهي الجيش الشعبي الفلسطيني والحرس الثوري الفلسطيني، وهي مجموعات تعتبرها المعارضة السورية تابعة للمخابرات العسكرية السورية.

في هذا السياق، ومن منطلق التوضيح، ونقل حقيقة مايجري، فإن غالبية القوى الفلسطينية إن لم اقل جميعها التي شاركت بإجتماع دمشق الأخير، وكما قال لنا من إلتقيناه من قيادتها، فإنها لاترى من حلول سوى الحل القسري، لكن بعضها لايريد توريط نفسه في العمل العسكري المباشر، ويفضّل ترك المهمة لغيره، ولجيش البلد بإعتباره الجهة المسؤولة عن أمن البلد.

وفيما يلي مرفق نص المبادرة المقدمة من الرئاسة الفلسطينية

"انطلاقاً من الموقف السياسي المبدئي الذي أعلنته قيادة منظمة التحرير الفلسطينية من مجمل التطورات الداخلية في بعض البلدان العربية ومن الأزمة التي تمرّ بها سوريا الشقيقة بشكل خاص، والذي يستند إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية لهذه البلدان، وعدم الزج بالفلسطينيين والمخيمات الفلسطينية في هذه التطورات من خلال تحييدها والحفاظ على المخيمات بيئة آمنة تحتضن سكانها من فلسطينيين وسوريين خالية من السلاح والمسلحين والمحافظة على الجهد الكفاحي الفلسطيني متجهاً نحو فلسطين والقدس وفي مواجهة عدونا الرئيس المتمثل في الاحتلال الإسرائيلي.

واستناداً إلى ما تقدّم، وبعد التطورات والأحداث التي أدت إلى تشريد مئات الآلاف من أبناء شعبنا من المخيمات وتحوّل العديد منها إلى مناطق غير آمنة (...) فإننا في فصائل منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ومن موقع مسؤوليتنا الوطنية والسياسية، نتقدّم بهذه المبادرة آملين من المعنيين والمخلصين أن نعمل معاً بهدف تحقيق مضمونها:

أولاً: انطلاقاً من موقفنا المبدئي بالحياد الإيجابي والنأي بالفلسطينيين والمخيمات الفلسطينية عن الانجرار والانخراط في أتون الصراع الجاري على أرض سوريا الشقيقة، فإننا ندعو إلى أن تكون جميع المخيمات الفلسطينية وفي مقدمتها مخيم اليرموك مناطق وبيئة آمنة وخالية من السلاح والمسلحين وفقاً للآتي: ــ إنهاء كافة المظاهر المسلحة داخل المخيّمات وتسوية أوضاع الراغبين في ذلك.

عدم تكريس المخيمات مناطق اشتباك ووقف كافة أشكال الاشتباكات ووقف القصف والقنص. ــ تسهيل حرية الدخول والخروج من وإلى المخيم بما يشمل عبور الأفراد والمواد الغذائية والطبية والمركبات، ما يشجع عودة النازحين إلى منازلهم.

إعادة خدمات الكهرباء والماء والاتصالات والبنية التحتية والشؤون البلدية والخدمات التعليمية والصحية.

تسوية أوضاع المعتقلين من أبناء المخيمات الذين لم يثبت تورطهم في الأحداث. والمتابعة والتنسيق المشترك في إطار تنفيذ عناصر المبادرة بما يكفل إزالة كافة العقبات أمام تنفيذها، وتوفير كل متطلبات.

المستقبل العربي، 24/8/2013