انتفاضة
الأقصى وإنهاء الانقسام
إبراهيم
المدهون
اليوم
نعيش الذكرى الثالثة عشرة لانتفاضة الأقصى. فقد انطلقت بإجماع وطني وشعبي وتحت
رايةٍ وهدفٍ موحد، وللأسف انتهت بالانقسام الخطير الذي نعاني ويلاته منذ سنوات،
ومن راقب البداية الصحيحة يتعجب من نهايتها الكئيبة، وبقليل من التدبر نصل لمعادلة
فلسطينية خاصة مفادها أن شعبنا تُوحده البندقية وتقسمه المفاوضات وتفرقه
التنازلات، فطالما هناك ثورة وانتفاضة وتضحيات تجده متماسكاً ومتعاضداً يسير بثبات
ككتلة واحدة بمختلف أشكاله وألوانه، شهدنا ذلك في ثورة العام 1987، ومع انتفاضة
2000 أيضا حيث كانت المسيرات تخرج تحمل العلم الفلسطيني والرايات المختلفة مجتمعةً
وقادة الفصائل يتقدمون الجموع يضعون أيديهم بأيدي بعض، فإن دخلت السياسة والمبادرات
والمراجعات فإننا نغرق في التفاصيل السلبية فيخيم الصراع والتنافس والخلاف ويبرز
الانقسام.
طريق
المقاومة ليس سهلاً أو مفروشاً بالورود بل هو صعب وشائك ووعر ومليء بالتضحيات، إلا
أن ثماره عظيمة ونتائجة كبيرة، بعكس طريق المفاوضات السهل اللين المريح، إلا أن
نتائجه كارثية ونهاياته تضييع وتدمير لكل القيم الوطنية، ففي انتفاضة 87 التي
استمرت لأكثر من سبع سنوات متواصلة استطاع الشعب الفلسطيني لأول مرة أن يثبت قدماه
على أرضه ويحرك قضيته، ولولا أوسلو لحقق الشعب الفلسطيني نتائج كبرى ليس أقلها
دولة في حدود 67، ولولا انتفاضة الأقصى لما انسحب الاحتلال من غزة ولما امتلكنا
جيشاً من عشرات آلاف المقاتلين، ولما توصلت المقاومة لأن تضرب تل أبيب بالصواريخ
متى شاءت في معادلةٍ لتوازن الرعب والردع يشهدها شعبنا لأول مرة في حدود فلسطين
التاريخية، ولولا جريمة التنسيق الأمني لما استطاع الاحتلال إحكام قبضته على الضفة
ولما هودها وسيطر على القدس وهدد المسجد الأقصى، فماذا جلبت سلطة فتح بمفاوضاتها
وتنسيقها الأمني إلا تدميراً لواقع الضفة.
إن
أسوأ ما في الثورات الفلسطينية المتعاقبة أن فريقا ما يتخذ قراراً منفرداً بالتوجه
للعمل السياسي فيستعجل قطف الثمرة دون تنسيق أو ترتيب أو رؤية، مما يُضائل منجزات
شعبنا ويبدد تضحياته بنتائج شكلية تحافظ على وجوده هو في الصدارة على حساب الحقوق
والثوابت.
المفاوضات
ليست عيباً أو جرماً بحد ذاتها إلا أنها خيانة معنوية لجميع الفلسطينيين في هذا
الوقت بالذات، فكيف تفاوض وأنت منقسم مشتت؟! وكيف تجلس على الطاولة ولا تملك أي
ورقة قوة بما فيها المقاومة التي تُعطلها وتُحاربها؟! وماذا تنتظر أن تأخذ إن أديت
ما هو عليك وما هو مطلوب منك سلفا؟!!
علينا
الاعتراف بأن المفاوضات ووقف الانتفاضة مبكراً وعمليات التنسيق الأمني هي السبب
الرئيسي خلف الانقسام الفلسطيني، وسيستمر طالما حاولنا معالجة أعراضه وتجاهلنا
الأسباب الحقيقية والرئيسية لحدوثه، فنحن لا نعاني من انقسام سلطوي ولا تصارع على
سلطة هي منقسمة جغرافيا في الأساس، إننا شعب محتل وصاحب قضية وطنية عادلة، ولدينا
مشروع وطني كبير محتاج لإعادة مراجعة وبناء واتفاق، ومتى توافقنا على برنامج واحد
سنجد أن جميع الإشكاليات قد انتهت، ولن يتم ذلك إلا باستئناف الانتفاضة والمقاومة
في الضفة وغزة.