انتفاضة دين وحرية
بقلم: يوسف رزقة
انتفاضة الحجارة، وانتفاضة الأقصى، وانتفاضة ( الحرية
والغضب)، إعلان شعبي فلسطيني عن تمسك الشعب الفلسطيني كافة بالحرية وتقرير المصير
من ناحية، وتمسكه بالدفاع عن دينه ، ومقدساته ، وعرضه، وأمته من ناحية ثانية.
حين ذهبت قيادة المنظمة وفتح لاتفاقية أوسلو ، وتوابعها،
دون الرجوع إلى الشعب، حسبت أنها تستطيع أن تحقق بما فعلته الأهداف آنفة الذكر
بالمفاوضات. حسبت أن تقرير المصير، وإنهاء الاحتلال ، وإقامة الدولة، سيتحقق في
بضع سنوات؟!.
اليوم وبعد (٢٢) عاما من أوسلو بات الشعب الفلسطيني أبعد
من ذي قبل عن تحقيق أهدافه، وباتت سلطة أوسلو أداة من أدوات الاحتلال في ضرب الجزء
المنتفض من الشعب الفلسطيني، وكان هذا هو الانقسام الحقيقي الذي يعاني منه الوطن
والمجتمع الفلسطيني.
لقد كشفت الانتفاضات الثلاثة، وآخرها انتفاضة( الغضب).
الغضب للدين وللأقصى ولحرائر الأقصى وفلسطين، عن أن غزة ملتحمة مع الضفة والقدس،
وأن الوحدة الوطنية قائمة بينهما على أجود ما يكون، في مواجهة الاحتلال وحماية
المقدسات، بدون أدنى حاجة لعباس أو لعزام الأحمد، بينما كشفت أن الضفة منقسمة على
نفسها بين قلة متنفذة بقيادة السلطة تنسق المواقف مع المحتل لاحتواء واجهاض
الانتفاضة الثالثة التي يقوم بها الشعب الفلسيطني بأغلبيته.
الانقسام القائم ليس بين فتح وحماس ، أو بين غزة والضفة.
الانقسام القائم حقا هو بين قائد السلطة وأجهزته الأمنية، وبقية الشعب الفلسطيني
المنتفض على الاحتلال. وهذه القسمة حالة مرضية وضارة، تحاول أن تختفي خلف مشكلة
حماس ومحمود عباس شخصيا، فلا مشكلة بين حماس وفتح في نظري.
ما يجدر الانتباه له في انتفاضة ( الغضب) أنها تفجرت
بإرادة شعبية لا بتوجيه قادة الفصائل، مع كل الاحترام لدورهم في توعية الشعب.
وأنها تفجرت من أجل القدس والحرائر، وأثبتت أن دين الأمة، أغلى على الشعب
الفلسطيني مما يتصور العدو، وأعوانه. الانتفاضة تنتفض لدين الأمة المحمدية، كما
تنتفض من أجل الوطن الفلسطيني.
حين يكون الدين، والوطن، في خطر، تخرج المرأة قبل الرجل
للدفاع عن الدين بعد اغتصاب الوطن، لأنهما لن يسمحا للمحتل إن ينتهك الدين، ويفرض
اليهودية على الاقصى، كما فرض مستوطناته على القدس والضفة. الدين أغلى ما تبقى من
أملاك الفلسطينيين، وهم عادة كانوا للدين فداء. لقد لعب المحتل الغاصب بالنار التي
ستحرقه لا محالة عندما انتهك قادته ومستوطنوه حرمة الأقصى، ومشاعر المسلمين في
العالم.
لا يحتاج المسلمون في العالم إلى من يذكرهم بصفات يهود،
وقتلهم لأنبيائهم، وعدوانهم على غيرهم من الأمم، قديما وحديثا، وهم لا يحتاجون إلى
تذكيرهم بغدر اليهود، ونقضهم للعهودهم، فهو مسجل في القرآن الكريم خلقا سلبيا
ملازما لهم. المسلمون لا يحتاجون هذا كله ، ولكنهم يحتاجون إلى أن نذكرهم
بواجباتهم نحو دينهم، ومقدساتهم، ومسرى نبيهم، وحرمة نسائهم، فهل تنجح الانتفاضة
في هذا؟!