بروتوكول الدار البيضاء بين النظرية والتطبيق
إعداد: الباحث ابراهيم العلي
تجمع (واجب)- قسم الدراسات والأبحاث
تعرض أبناء الشعب الفلسطيني لأكبر عملية تهجير واقتلاع شهدها العصر الحديث، أدت إلى وجود أكبر معاناة استمرت ومازالت منذ أكثر من ستين عاماً.
وتداعت دول العالم إلى التكفير عن صمتها حيال ما جرى لهذا الشعب من آلام، وبدأ الحراك الدولي والعربي لعلاج النتائج المأساوية لهذه النكبة.
شرعت الجامعة العربية المؤسسة الإقليمية الناشئة باتخاذ بعض الخطوات العملية والتوجيهية لتنظيم الوجود الفلسطيني في دولها من خلال إصدار العديد من القرارات والاتفاقيات الصادرة عن مجالسها المختلفة والتي كان من أشهرها بروتوكول الدار البيضاء الداعي إلى وضع مبادئ معاملة الفلسطينيين في الدول العربية وبيان إجراءات السفر والإقامة والعمل المتعلقة بهم.
وبمناسبة دخول الذكرى الخامسة والأربعون لتوقيع هذا البروتوكول الذي تم تحريره في الحادي عشر من أيلول عام 1965 في مدينة الدار البيضاء في المغرب، كان من المهم جداً تسليط الضوء على ما جاء فيه نظراً لأهميته وبيان مواقف الدول العربية منه ومدى التزامها بتطبيقه من خلال عرض موجز وسريع لتعريف البروتوكول بشكل عام من الناحية اللغوية والاصطلاح والقيمة القانونية له, وبروتوكول الدار البيضاء بشكل خاص والدول التي صادقت عليه والدول التي تحفظت على بعضه، ليستطيع القارئ الوصول إلى معرفة كافية بأوضاع اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية من ناحية حقه في الإقامة والعمل فيها.
مدخل تعريفي:
اندلعت حرب 1948 إثر إعلان قيام الكيان الصهيوني في 15 أيار وبدأت مع هذه الهزيمة قضية اللاجئين الفلسطينيين، وانتهت الحرب باحتلال 77% من أرض فلسطين، وتهجير ثمانمائة وأربعة آلاف لاجئ فلسطيني خارج فلسطين بعد ارتكاب أربع وثلاثين مجزرة وتدمير ما يقرب من أربعمائة وثمان وسبعين قرية من أصل خمسمائة وخمس وثمانين, وتهجير سكان خمسمائة وإحدى وثلاثين قرية، بالإضافة إلى حوالي ثلاثين ألفاً آخرين هجروا من قراهم إلى مناطق أخرى لا تبتعد سوى بضعة كيلومترات عنها, إلا أنهم لا يستطيعون الرجوع إليها؛ فالعصابات الصهيونية عمدت إلى تطبيق الفكر الصهيوني الذي ينفي علاقة الفلسطيني بأرضه ويعدّه عنصراً متحركا يمكن إجلاؤه عنها ( )، بأي وقت وإلى أي مكان.
وبعد مرور أكثر من اثنين وستين عاماً على النكبة تفيد الإحصاءات عن وجود حوالي سبعة ملايين ومائتي ألف لاجئ فلسطيني حول العالم من أصل عدد الفلسطينيين الذي بلغ عددهم في نهاية عام 2009 عشرة ملايين وثمانمائة وثلاثة وسبعين ألف فلسطيني نسبة اللاجئين في الشتات حوالي 51.8 % توجد الغالبية العظمى منهم (29.8 %) في الأردن و(16.3 %) في سورية ولبنان والدول العربية الأخرى، و5.7 % موزعين في العالم, معظمهم في الولايات المتحدة الأمريكية وأمريكا اللاتينية وكندا وبريطانيا وباقي دول الاتحاد الأوروبي.
كما ان حوالي 48.2% من السكان الفلسطينيين استقروا في فلسطين 11.46 % في الأراضي المحتلة عام 1948 أي ما يقارب مليون ومائتين وسبعة وأربعين ألف فلسطيني، ومليونين وأربعمائة وواحد وثمانين ألف نسمة في الضفة الغربية, ما يقارب 30.2 % منهم لاجئون وكذلك في قطاع غزة مليون وخمسمائة وأحد عشر ألفاً نسبة اللاجئين منهم 69.2 %.
المبحث الأول
بروتوكول الدار البيضاء
تبنت الجامعة العربية القضية الفلسطينية وجعلتها قضيتها الأولى وعدّتها قلب القضايا القومية. ودعت إلى ضرورة الوقوف أمام الصهاينة، ووقف الهجرة اليهودية وقفاً تاماً ومنع تسرب الأراضي العربية إلى أيدي الصهاينة والعمل على تحقيق استقلال فلسطين. والدفاع عن كيان فلسطين في حال الاعتداء عليه.
وبعد النكبة استمر الدعم العربي للقضية الفلسطينية من قبلها, واتخذ حيالها العديد من المواقف الايجابية وصدر الكثير من القرارات لتقنين وضع اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية, رغم أنه لم يذكر الميثاق صراحة أن اللاجئين موضوع اهتمام الجامعة، ففي عام 1952 وافق مجلس الجامعة على التوصيتين اللتين قدمتهما لجنة فلسطين الدائمة للسماح بلمِّ شمل أسر اللاجئين المشتتين وإصدار وثائق سفر موحدة وفي عام 1954 اتخذ المجلس قراراً مفصلاً بالإجماع يبين المعايير والإجراءات لإصدار هذه الوثائق التي استطاع الفلسطينيون فيما بعد استخدامها في السفر والتنقل بين الدول العربية وغيرها، وفي عام 1964 صدر القرار 2019 بغالبية الأصوات الذي يمنح المزيد من التسهيلات في إجراءات إصدار وثائق السفر ومعاييرها بحيث يمنح الحق لحاملها في العودة إلى البلد الذي أصدرها دون الحاجة إلى الحصول على تأشيرة عودة، الأمر الذي أدى إلى ظهور خلاف بين الدول الأعضاء حيث تحفظت على القرار كلٌ من السعودية وليبيا ولبنان، وبالتالي أصبح القرار غير ملزم لها حسب نظام الجامعة.
كما أنشأت الجامعة العربية "مؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة." الذي كان من أهم ما أنجزه بخصوص اللاجئين الفلسطينيين "بروتوكول معاملة الفلسطينيين في الدول العربية."
المطلب الأول:
البروتوكول في اللغة والاصطلاح القانوني
البروتوكول لغة:
البروتوكول مصطلح معرب يستعمل في المصطلح الدارج للدلالة على، التقليد أو القاعدة، كما تعنى كلمة "إتيكيت" الذوق ومراعاة شعور الآخر. وقد نشأ المصطلح بشكل عام، في إطار عملية وضع قواعد السلوك الضروري عند المجتمعات المتحضرة، أو عند الطبقة الراقية في هذه المجتمعات.
عرف العرب هذا المصطلح إلا أنهم عرفوه على انه "الرّسوم"، المشتقة من كلمة "رسم"، أي الأمر المكتوب؛ ومثالها الآن "المرسوم الملكي" أو "الأميري"، ويعني القانون أو الأمر الملزم.
البروتوكول في المفهوم القانوني:
إجراء قانوني يستعمل وسيلةً تكميليةً لتسجيل توافق إرادات الدول على مسائل تبعية لما سبق الاتفاق عليه في الاتفاقية المنعقدة بينهم، وقد يتناول تسجيل ما حدث في المؤتمرات الدولية.
كما يُطلق البروتوكول على ملحقات المعاهدة، أو الاتفاق التنفيذي للمعاهدة، أو يكون البروتوكول هو المعاهدة نفسها. كذلك على المذكرات أو المحاضر المتفق عليها، التي يرجع إليها أطراف المعاهدة، عند الاختلاف في التفسير. ويُطلق على ملحقات المعاهدة "بروتوكولاً"، عندما تنظم أمورًا مكملة للمعاهدة، مثل البروتوكولات الملحقة بالعهدين الدوليين، للحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لعام 1966، وقد يتم تدارك بعض النقص في المعاهدة، في بروتوكول يُبرم بعد تاريخ إبرامها الأول بسنوات، ومثال ذلك بروتوكول 1967 المكمل لاتفاقية جنيف الخاصة باللاجئين، المبرمة عام 1951.
القيمة القانونية للبروتوكول:
يستمد البروتوكول قوته القانونية من الاتفاقية الملحق بها، ويخضع لجميع المراحل التي تمر بها الاتفاقية من: مفاوضة، تحرير، صياغة، توقيع، تصديق.
وإذا كانت قواعد البروتوكول قد أصبحت في معظمها قواعد عالمية، فإن جزءاً مهماً منها ما يزال، وسيظل كذلك، يحمل الطابع المحلي الخاص بكل دولة، مما يعنى أن قواعد البروتوكول العامة تسمح ببعض الخصوصيات، وفق تقاليد المجتمعات وتطورها، بما لا يُخل بهذه القواعد العامة.
القيمة القانونية لبروتوكول الدار البيضاء:
نصت المادة السابعة من ميثاق الجامعة العربية على أن ما يقرره المجلس بالإجماع يكون ملزما لجميع الدول المشتركة في الجامعة, وما يقرره المجلس بالأكثرية يكون ملزما لمن يقبله، وبروتوكول الدار البيضاء أُقر بأغلبية الأصوات لذلك فإن محتوياته غير ملزمة إلا للدول الأعضاء الراغبة في القبول به كاملا أو مع بعض التحفظات إزاءه.
المطلب الثاني
بروتوكول معاملة الفلسطينيين في الدول العربية :
استناداً إلى ميثاق جامعة الدول العربية وملحقه الخاص بفلسطين وإلى قرار مجلس جامعة الدول العربية بشأن القضية الفلسطينية وعلى الخصوص إلى القرار الخاص بالمحافظة على الكيان الفلسطيني.
فقد وافق مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في اجتماعه بالدار البيضاء يوم 10 سبتمبر (أيلول) لعام 1965 على الأحكام الآتية، ودعا الدول الأعضاء إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لوضعها موضع التنفيذ:
1. مع الاحتفاظ بجنسيتهم الفلسطينية يكون للفلسطينيين المقيمين حالياً في أراضي الحق في العمل والاستخدام أسوة بالمواطنين.
2. يكون للفلسطينيين المقيمين حالياً في أراضي... ومتى اقتضت مصلحتهم ذلك، الحق في الخروج منها والعودة إليها.
3. يكون للفلسطينيين المقيمين في أراضي الدول العربية الأخرى الحق في الدخول إلى أراضي.............. والخروج منها متى اقتضت مصلحتهم ذلك. ولا يترتب على حقهم في الدخول الحق في الإقامة إلا للمدة المرخص لهم بها وللغرض الذي دخلوا من أجله ما لم توافق السلطات المختصة على غير ذلك.
4. يمنح الفلسطينيون حالياً في أراضي................كذلك من كانوا يقيمون فيها وسافروا إلى المهاجر متى رغبوا في ذلك وثائق صالحة لسفرهم، وعلى السلطات المختصة أينما وجدت صرف هذه الوثائق أو تجديدها بغير تأخير.
5. يعامل حاصلون هذه الوثيقة في أراضي دول الجامعة العربية معاملة رعايا دول الجامعة بشأن التأشيرات والإقامة.
مواقف الدول العربية من بروتوكول الدار البيضاء
ينقسم الموقف العربي حيال مواد البروتوكول بين مؤيد لها بشكل كامل وبين متحفظ على بعض المواد، فقد أودعت الدول العربية الآتي ذكرها البروتوكول دون تحفظ وهي (سورية والأردن والجزائر والسودان والعراق والجمهورية المتحدة واليمن) أما الكويت وليبيا فقد تحفظتا على المادة الأولى، فالكويت احتفظت على أن لا تشمل المادة الأولى العمل الحر أسوة بالمواطنين نظرا لخصوصية العمل الحر فيها وخضوعه لبنود خاصة، أما ليبيا فقد رأت أن يخضع الفلسطينيون لشروط الإقامة التي تكون لبقية مواطني الدول العربية نفسها.
وفي لبنان تم التحفظ على المواد الأولى والثانية والثالثة فقد أضافت إلى المادة الأولى عبارة وبقدر ما تسمح به أحوال الجمهورية اللبنانية الاجتماعية والاقتصادية، كما أضافت إليها عبارة وذلك أسوة باللبنانيين وضمن نطاق القوانين والأنظمة المرعية الإجراء. أما المادة الثالثة فقد أضافت بعد عبارة متى اقتضت مصلحتهم ذلك – ويشترط لحق الدخول إلى الأراضي اللبنانية الحصول مسبقا على سمة دخول من السلطات اللبنانية المختصة.
أما الدول التي لم تودع البروتوكول بعد فهي السعودية والمغرب، أما بقية الدول العربية فلم تبدِ موقفها من البروتوكول, مثل تونس التي لم تحضر اجتماع الرؤساء والملوك العرب، وكذلك الدول التي أصبحت عضواً في الجامعة العربية بعد توقع البروتوكول في الفترة ما بين 1967 و1977 م.
أدى التوقيع على هذا البروتوكول إلى وجود دور فاعل للفلسطينيين في معظم الدول العربية, فدخول الفلسطينيين سوق العمل العربية ساهم في نمو اقتصاد هذه الدول وازدهاره، كما أن حصولهم على وثائق سفر من دول اللجوء الأول والتزام هذه الدول بتجديدها سواء من داخلها أو من خلال سفاراتها في الخارج وكذلك مساواة حامليها برعايا دول الجامعة العربية سهّل حركتهم من الدول العربية وإليها إلا أن تقييد هذا الحق بشرط الإقامة حد من هذه الحرية وأفقد القرار كثيراً من مضمونه.
المبحث الثاني
واقع معاملة الفلسطينيين في الدول العربية
تبنت جامعة الدول العربية "بروتوكول الدار البيضاء" الذي وسع مجال حقوق الفلسطينيين لمنحهم حرية التنقل من قطر عربي إلى آخر مجاور، والعودة إلى قطر إقامتهم من دون عائق، إلا أن هذا البروتوكول لم يكن سوى بيان حسن نية أكثر مما هو التزام من قبل الدول الأعضاء، فالحكومات العربية سلكت سبلاً متمايزة في تنفيذه، فقد عمدت دولتان عربيتان فقط، فيهما وجود كبير للاجئين، هما سورية والأردن إلى تنفيذ جميع بنود البروتوكول، بينما لم تنفذها الكويت ولبنان تنفيذاً كاملاً، ونفذتها مصر وليبيا بصورة غير منتظمة، وبقي وضع اللاجئين حكراً على الأوضاع السياسية السائدة في المقام الأول، هذا وقد دلّت تحقيقات مؤتمر المشرفين على الشؤون الفلسطينية، على أن مستوى تطبيق معايير جامعة الدول العربية حول معاملة الفلسطينيين في بعض الدول الأعضاء ما زال دون المستوى المطلوب، ولا سيما بعد صدور القرار 5093 لعام 1991 الذي يخول الدول بمعاملة اللاجئين الفلسطينيين بموجب المعايير والتشريعات الوطنية التي ترتئيها الدولة المضيفة مناسبة، بدلا من الالتزام ببنود "البروتوكول"، مما حدا بمعظم الدول إلى تعليق تنفيذ البروتوكول واستبدال تدابير مؤقتة به تفتقر إلى الوضوح والتماسك.
من هنا كان لا بد من تقديم عرض توضيحي لأوضاع اللاجئين الفلسطينيين في بعض الدول العربية متناولين ذلك من حيث الحق في العمل والإقامة مَقيساً بما منحهم إياه بروتوكول الدار البيضاء.
المطلب الأول
اللاجئون الفلسطينيون في الدول التي أودعت بروتوكول الدار البيضاء دون تحفظ
سورية
تعدّ الجمهورية العربية السورية من الدول العربية التي وافقت على تنفيذ بروتوكول الدار البيضاء كاملاً، فسورية ومنذ بداية اللجوء قامت باتخاذ الخطوات القانونية التي كانت تنزع نحو معاملة الفلسطينيين على قدم المساواة مع المواطنين السوريين في المجالات الاقتصادية والاجتماعية فأصدرت القانون رقم 450 لعام 1949 القاضي بإنشاء المؤسسة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب, بهدف تنظيم شؤونهم وتقديم الرعاية والخدمات اللازمة, وتلا ذلك العديد من القوانين مثل القانون رقم 260 لعام 1956 الذي نص على أن الفلسطينيين المقيمين في سورية يعدّون من تاريخ نشر هذا القانون كالسوريين الأصليين في كل الأشياء التي يشملها القانون والأنظمة السارية قانونياً ذات العلاقة بحق العمل، التجارة، الخدمة الوطنية مع المحافظة على الجنسية الأصلية للفلسطينيين في الوقت ذاته.
حق الإقامة
منحت سورية الفلسطينيين وثائق لجوء خاصة مقدمة من جامعة الدول العربية. أما بالنسبة للقوانين المتعلقة بحق مغادرة البلد فإنها القوانين المفروضة على المواطنين السوريين نفسها.
حق العمل
وفقاً للقانون السوري عومل اللاجئون الفلسطينيون بمساواة في جميع المجالات تقريباً. أما المجالات التي لا يشملها القانون رقم 260 مثل التعليم وامتلاك الأراضي والتقاعد فقد شملتها قوانين محددة تقوم بشكل عام على أساس المساواة تماماً مثل القوانين المتعلقة بالمواطنين السوريين.
نجد استثناءات في معاملة المواطن في مجالات مثل حق الترشيح والتصويت، شراء أراض صالحة للزراعة والحق في امتلاك أكثر من بيت.
الأردن
تعدّ الأردن البلد العربي الوحيد الذي منح المواطنة الكاملة لجميع اللاجئين الفلسطينيين المقيمين فيه وذرياتهم.
تنص المادة الثالثة، الفقرة الثانية من قانون الجنسية الأردنية لعام 1954 على الشروط التي يستطيع فيها الفلسطينيون، أي الأشخاص ذوي الجنسية الفلسطينية سابقاً الحصول على الجنسية الأردنية :
يعدّ الأشخاص التالون مواطنين أردنيين:
2. أي شخص كان يحمل الجنسية الفلسطينية سابقاً باستثناء اليهود قبل 15 أيار 1948 والذين كانوا مقيمين في المملكة الأردنية خلال الفترة الواقعة بين 20 كانون أول (ديسمبر) 1949 و16 شباط 1954.
حق الإقامة والعمل
بناء على ما ورد فقد اعُدَّ الفلسطينيون وذريتهم المستوفون لمتطلبات الحصول على حق المواطنة مواطنين أردنيين بالكامل يتمتعون بالحقوق والالتزامات التي يتمتع بها الأردنيون نفسها.
أما بخصوص السكان الفلسطينيين الآخرين مثل الفلسطينيين الذين نزحوا من قطاع غزة ولجؤوا إلى الأردن بعد حزيران 1967 فلم يُعدّ هؤلاء مواطنين أردنيين فهم غير مخولين رسمياً للعمل ومكانتهم الاجتماعية أدنى وضعاً من الفلسطينيين الأردنيين.
وبالنسبة لأبناء الضفة الغربية فقد منحوا جوازات سفر أردنية "مؤقتة" سارية المفعول لمدة سنتين (أصبحت سارية لمدة خمس سنوات في الوقت الحاضر)، لا تخولهم الحصول على الجنسية الأردنية وذلك منذ الإعلان عن فك الارتباط القانوني والإداري بين الضفتين في تموز 1988.
مصر
لجأ إلى مصر عدد كبير من الفلسطينيين بفعل نكبة 1948ثم تواصل تدفق اللاجئين إلى مصر، خلال العدوان الثلاثي 1956. على أن أعداداً أكبر وصلت مصر بعد احتلال القوات الإسرائيلية للضفة الغربية وقطاع غزة، في حرب يونيو/حزيران 1967.
يقدر عدد الفلسطينيين في مصر حوالي ستين ألف فلسطيني، ويتركز معظمهم في القاهرة والإسكندرية، ومحافظة الشرقية، ومنطقه القناة، وسيناء.
حق الإقامة
تم منح وثائق لاجئين (RDs) سارية المفعول لمدة خمس سنوات لثلاث فئات من الفلسطينيين:
-اللاجئون الذين نزحوا إلى قطاع غزة في العام 1948-1949.
- اللاجئون الذين نزحوا إلى مكان آخر في مصر عام 1948-1949.
- غير اللاجئين من قطاع غزة.
تنص وثائق اللاجئين هذه بوضوح على عدم إمكان حاملي هذه الوثائق من الدخول أو المرور عبر جمهورية مصر العربية إذا لم يحصلوا على تأشيرة دخول، مرور أو عودة. ونتيجة لهذا الإجراء لم يعدّ يملك العديد من حاملي وثائق اللاجئين المصرية المقيمين في الخارج إقامة قانونية في مصر.
أما بالنسبة لأهالي غزة فقد اقتصر السفر إلى مصر لحاملي وثائق اللاجئين منهم على الطلاب والمرضى منذ العام 1994.
حق العمل
منذ أواخر السبعينيات ألغيت تدريجياً الامتيازات التي كان يتمتع بها الفلسطينيون في الكثير من القطاعات منذ العام 1948، ومن الأمثلة على مثل هذه الامتيازات، تجديد تأشيرات إعادة الدخول دون أي رسوم، والحق في تسجيل الأولاد في المدارس الحكومية، رسوم التعليم المنخفضة نسبياً لخريجي الجامعة، بالإضافة للخدمات الصحية المجانية والفوائد الاجتماعية.
أما بالنسبة للتوظيف، فقد أعفي رسمياً اللاجئون الفلسطينيون حاملو وثائق اللاجئين فقط من الشرط بأن تعطى أولوية التوظيف لعمال البلد الأصليين، أما فيما عدا ذلك فإن معظم قوانين تنظيم العمل الأجنبي ومراسيمها في مصر ممكن تطبيقها على الفلسطينيين.
العراق
صدرت عدة قوانين عن الحكومات العراقية المتعاقبة بشأن تنظيم الوجود الفلسطيني فيه تراوحت بين التضييق عليه لدرجة الاختناق حيناً والتوسيع عليه لدرجة مساواته بالمواطن العراقي حيناً أخر.
حق الإقامة
استثني الفلسطينيون من قانون الإقامة رقم 64 لسنة 1938 شريطة حصولهم على هوية تصدر بمعرفة لجنة إدارة شؤون اللاجئين. وفي عام 1959 صدر القانون رقم 25 الخاص بإصدار وثيقة سفر للفلسطينيين في العراق، وفي عام 1972 صدر قرار خاص بإلغاء الفيزا والإقامة للمواطنين العرب ومنح اللاجئين الفلسطينيين إلى العراق وثائق السفر الخاصة بهم إذا لم تكن لديهم هذه الوثائق.
في عام 1980 صدر القانون رقم 215 القاضي بالسماح للفلسطينيين المقيمين في العراق إقامة فعلية بالتملك العقاري.
في عام 1987 صدر القرار رقم 936 الذي لا يسمح للفلسطيني المقيم في العراق إقامة دائمة تملك أكثر من عقار أو قطعة أرض واحدة.
في عام 2001 صدر القرار 202 القاضي بمساواة الفلسطيني المقيم في العراق إقامة دائمة بالعراقيين في جميع الحقوق والواجبات باستثناء الحق في الحصول على الجنسية العراقية.
إلا أن الفلسطينيين في العراق لم يقدّر لهم أن يتمتعوا بأول امتيازٍ قانوني واضح لهم منذ عام 1948، فبعد عامين فقط سقطت بغداد وسقط معها هذا القرار.
حق العمل
في عام 1964 صدر القرار رقم 15108 عن وزارة المالية والذي يؤكد على قرار مجلس الوزراء العراقي معاملة اللاجئين الفلسطينيين معاملة المواطن العراقي من حيث استلام الرواتب والعلاوات السنوية ومخصصات غلاء المعيشة والإجازات بتطبيق قوانين أنظمة الخدمة عليهم.
في عام 1969 صدر القرار رقم 336 القاضي بمساواة الفلسطينيين بالعراقيين عند التعيين والترقية والتقاعد, على أن يبقى مشروطاً بالانتهاء في حالة عودة الفلسطينيين إلى ديارهم وتطبيق أنظمة الخدمة عليهم.
في عام 1989 صدر القرار رقم 469 القاضي بوقف العمل بالقوانين والقرارات التي تجيز تملك غير العراقي العقار أو استثمار أمواله في الشركات داخل العراق وكل ما من شأنه التملك والاستثمار في أي وجه كان.
من خلال استقراء هذه القوانين نجد أن الخط البياني للفلسطينيين في العراق شكل تذبذباً واضحاً بين ارتفاع ٍ لم يفرح به وانخفاضٍ أذاقه مرارة الجوع والفقر.
السودان
لم تشر المراجع إلى وجود لاجئين فلسطينيين في السودان منذ عام 1948 أو عام 1967، وإنما ترجع غالبية الموجودين فيه إلى الذين قدموا مع منظمة التحرير الفلسطينية بعد خروجها من لبنان عام 1982.
حق الإقامة:
تَعدّ القوانين والتشريعات السودانية اللاجئين الفلسطينيين أجانب، لذا يتطلب دخولهم إلى السودان الحصول على تأشيرة مسبقة من جهة تتبناه سواء أكانت شركة أو جامعة أو أفراداً سودانيين يمتون إليه بقرابة من الدرجة الأولى.
ولا تتجاوز مدة الإقامة للزائرين ثلاثة أشهر ويترتب على من يتجاوز المدة المسموح بها للإقامة غرامة مالية تقدر بأربعة دولارات.
أما بالنسبة للاجئين الموجودين في السودان منذ عام 1982 فمعظمهم لا يملكون أوراقاً ثبوتية وتغض الحكومة النظر عنهم.
حق العمل
لا يحق للاجئ الفلسطيني العمل إلا باستكمال الشروط التي وضعتها الجهات الرسمية المخولة بعمل الأجانب، كالحصول على إجازة من اتحاد أصحاب العمل.
الجزائر
لا تعدّ الجزائر من الدول التي استضافت اللاجئين نظراً لوقوعها تحت الاحتلال الفرنسي في فترة النكبة، ويعود الوجود الفلسطيني فيها إلى العمالة الفلسطينية في جميع مجالات العمل سواء التعليمي أو المهني. ففي فترة ما بعد التحرير طلبت قيادة الثورة في الجزائر إلى الدول العربية مساعدتها في تعريب الشعب الجزائري فوفد إليها الكثير من أبناء الشعب الفلسطيني سواء من دول اللجوء أو من الضفة وقطاع غزة، وعلى أثر نكسة حزيران عام 1967 لم يتمكن العديد من الفلسطينيين الرجوع إلى الضفة والقطاع بسبب وقوعها تحت الاحتلال الصهيوني ومنعهم من العودة إليها.
تبنت الجزائر المشروع الوطني الفلسطيني, وقامت بتقديم الدعم لمنظمة التحرير الفلسطينية, وافتتحت لها العديد من المكاتب مما أدى إلى وجود العائلات الفلسطينية المرتبط وجودها بوجود هذه المكاتب.
وفي عام 1982 قدم إلى الجزائر عائلات تعد بالمئات قادمة من بيروت على أثر إجلاء منظمة التحرير عنها، وفي الفترة الممتدة حتى عام 1985 دخل إلى الجزائر عشرات الأسرى الذين أبعدهم الكيان الصهيوني.
وفي مرحلة الانتفاضتين الأولى والثانية شهد الجزائر مجيء العشرات من المطلوبين للكيان الصهيوني.
وفي مرحلة توقيع اتفاق أوسلو عاد الكثير من العائلات مع السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة والضفة الغربية.
حق الإقامة
استطاع الفلسطينيون الدخول والخروج من الجزائر وإليها دخولاً سلساً في الفترة التي سبقت وجود منظمة التحرير الفلسطينية، التي شكلت فيما بعد العنوان السياسي الذي تعاملت معه الجزائر فأصبح الدخول أو الخروج مرتبطاً بموافقة منظمة التحرير.
وبالنسبة للفلسطينيين الذين اختاروا الاستقرار في الجزائر فإنهم يحصلون على إقامة مؤقتة لمدة سنتين تجدد بشكل اعتيادي.
حق العمل
يعود معظم الوجود الفلسطيني بالجزائر إلى التعاقد مع الحكومة الجزائرية للعمل في المجالات المختلفة، بالمقابل فإن غير المتعاقدين مع الدولة فله الحق في العمل الذي يريده دون أي إزعاج من السلطات.
ومن المهم ذكره في هذا المجال أن الحكومة الجزائرية جعلت لكل من أمضى في خدمة الدولة فترة تتجاوز خمسة عشر عاماً الحق في الحصول على راتبٍ تقاعديٍ من الجهات التي كانوا يعملون لديها بغض النظر عن وجوده في الجزائر أم في بلد اللجوء الأول.
اليمن ( الجمهورية اليمنية )
شهدت اليمن منذ بداية السبعينيات وصول الفلسطينيين على شكل دفعات مبتعثة للعمل في مجال التعليم، حين كانت اليمن لا تزال تضع أولى خطوات الاستقرار عقب حروب دامت حوالي عشر سنوات بعد قيام الثورة اليمنية.
واستمر القادمون على شكل دفعات متتالية كان أكبرها الدفعة التي قدمت عقب حصار بيروت عام 1982، وكانت في أغلبها مشكّلة من أفراد منضمين إلى القوات الفلسطينية جاؤوا مع عائلاتهم، واستمر وصول الدفعات حتى كان وصول آخر دفعة عام 2003 عقب الاحتلال الأمريكي للعراق.
شكلت اليمن محطة مرور للفلسطينيين استمرت حتى منتصف التسعينيات، ليصلوا إليها ومن ثم يبحثون عن أماكن أفضل للعيش ويغادرونها أسراباً كلما لاحت لهم فرصة الحصول على فرصة أفضل للعيش في بلد آخر.
حق الإقامة
ينحدر اللاجئون الفلسطينيون في اليمن من عدة دول، فمنهم من لا يحمل وثائق فلسطينية ولا رقماً وطنياً ولا وثائق سفر تمكنهم من العودة إلى فلسطين، حتى إن بعض من لديهم هويات صادرة من بلدان عربية يمنعون من الدخول إليها.
ويبلغ عدد الفلسطينيين المقيمين حالياً في اليمن يقدر بحوالي سبعة آلاف نسمة يشملون جميع المقيمين في اليمن بما فيهم الطلبة الدارسون في اليمن والعاملون في عدة مهن كمهندسين أو معلمين أو أطباء، أو العاملين في مجال التجارة والاستثمار.
حق العمل
لم يكن القادمون إلى اليمن لاجئين, لكنهم جاؤوا للإسهام في وضع اللبنات الأساسية للتعليم كغيرهم من الكوادر التي جاءت من أنحاء الوطن العربي، إلا أن كثيراً منهم واصلوا البقاء حتى أصبح من الصعب عليهم العودة إلى الأراضي الفلسطينية, واستمروا في العمل في حقل التعليم حتى حل عليهم (قرار الإحلال) الصادر عن وزارة التربية والقاضي بالاستغناء عن كل الكوادر العربية العاملة في حقل التربية والتعليم، فتمّ الاستغناء عن ما يزيد عن مئة معلم فلسطيني وأصبحوا ضمن العاطلين عن العمل في صفوف الجالية الفلسطينية.
كما أغلقت في وقت لاحق مزرعة كبيرة كانت تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية في منطقة (عبس) بمحافظة حجة (400 كم) غرب العاصمة اليمنية صنعاء، والتي كان يعمل فيها ويديرها عشرات الفلسطينيين وتباع منتجاتها لصالح الفلسطينيين المقيمين في اليمن، لكنها سلمت للسلطات اليمنية.
كما سلم المستشفى التابع للجالية وأصبح أثراً بعد عين، ولم يبق منه سوى مبنى متهالك تسكنه الهوام، بعد أن كان يقدم خدمات صحية على مستوى عالٍ للفلسطينيين وغيرهم يديره طاقم من الأطباء الفلسطينيين المتمكنين.
رغم الصعوبات والمشاكل نلاحظ أن هناك علاقة وثيقة بين الفلسطينيين واليمنيين، وأن الشعب اليمني يؤيد القضية الفلسطينية، لكن المشاكل المتعلقة بالعمل والسكن والإقامة للفلسطينيين بحاجة إلى روح من التعاون لتذليلها.
المطلب الثاني
اللاجئون الفلسطينيون في الدول التي تحفظت على بروتوكول الدار البيضاء.
لبنان
صادق لبنان على بروتوكول الدار البيضاء بعد تحفظه على المواد الثلاثة الأولى منه كما مر آنفاً والذي شكل تقويضاً عملياً للمضامين الأساسية للبروتوكول بمنح الحقوق المدنية الاقتصادية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين، وبقي اللاجئون الفلسطينيون في لبنان يعاملون كأجانب ولكن من نوع خاص حيث وصل الأمر إلى حرمانهم في بعض الأحيان من مكاسب قانونية كما هو الحال في حق التملك والعمل وفرضت عليهم قيود حددت من حريتهم في الإقامة والتنقل.
ومن الجدير بالذكر أن الوجود الفلسطيني في لبنان أربك السلطات اللبنانية التي حرصت على منع استيعاب اللاجئين الفلسطينيين الذين كانوا يشكلون 10% من عدد السكان في عام 1948, ولا سيما أن معظمهم من المسلمين مما شكل خطراً على التركيب السكاني-الطائفي في لبنان، وفقاً لصيغة 1942، التي توافقت عليها الطوائف اللبنانية. فتم تصنيفهم رسمياً على أنهم أجانب، باستثناء مجموعة تتألف بشكل خاص من اللاجئين الأثرياء أو ذوي المهارات الذين تم منحهم الجنسية اللبنانية في الخمسينيات والذي قدر عددهم حوالي ثلاثين ألف شخص.
رغم ذلك صادق لبنان على بروتوكول الدار البيضاء بعد تحفظه على المواد الثلاثة الأولى منه كما مر آنفاً مما شكل تقوضاً عملياً للمضامين الأساسية للبروتوكول بمنح الحقوق المدنية الاقتصادية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين، وجاءت القوانين والقرارات المتعلقة باللاجئين الفلسطينيين تحمل الكثير من الحرمان والمنع.
حق الإقامة
عدّت التشريعات اللبنانية الفلسطيني أجنبياً وتعاملت معه على هذا الأساس, فقد صدر عن وزير الداخلية القرار رقم 319 الصادر في 2 آب 1962 ونصه: "على الرعايا غير اللبنانيين الموجودين حالياً في لبنان أن يصححوا أوضاعهم من حيث الإقامة ويدخلوا في إحدى الفئات الخمس التالية: "……… وقد أدخل الفلسطينيون في الفئة الثالثة حيث هم - أجانب لا يحملون وثائق من بلدانهم الأصلية، ويقيمون في لبنان بموجب بطاقات إقامة صادرة عن مديرية الأمن العام، أو بطاقات هوية صادرة عن المديرية العامة لإدارة شؤون اللاجئين في لبنان). وبما أن الفلسطينيين أنواع (فئة شملها إحصاء الأونروا وفئة لم يشملها وفئة أتت بعد هزيمة 1967) فقد تفاوت التعامل مع أماكن وجودهم وإقامتهم بين مسجل في قيود وزارة الداخلية وبين إقامات تجدد من حين إلى آخر.
وفي أيلول 1995 وفي أعقاب قرار ليبيا طرد السكان الفلسطينيين بدأت السلطات اللبنانية بطلب تأشيرات دخول وخروج من الفلسطينيين حاملي وثائق اللجوء اللبنانية، وقد رُفع هذا القيد المفروض على السفر أوائل عام 1999.
حق العمل
تشترط قوانين العمل اللبنانية على العامل الأجنبي الحصول على إجازة عمل، مع مراعاة مبدأ المعاملة بالمثل..وقد صنف القانون اللبناني الفلسطيني المقيم في لبنان كأجنبي وبالتالي ينطبق عليه قانون عمل الأجانب لجهة إجازة العمل، ثم إنه ورغم انطباق الاستثناءات التي نصت عليها الفقرة الثامنة من المرسوم رقم 17561 من 18 / 9 / 1964 والمعدل بموجب المرسوم 1582 تاريخ 25/4 1984 الهادف إلى حصر بعض المهن والأعمال باللبنانيين دون غيرهم انطباقها على الفلسطينيين اللاجئين في لبنان كونهم أول من تنطبق عليه هذه الاستثناءات وهي التالية: (أن يكون مقيماً في لبنان منذ الولادة، أو من أصل لبناني، أو مولوداً من أم لبنانية، أو متأهلا من لبنانية منذ أكثر من سنة) فإن الفلسطيني محروم من كل ذلك.
ومن ناحية ثانية، فانه لا يحق للاّجئ الفلسطيني بموجب التشريعات اللبنانية الانتساب إلى أيّ من النقابات اللبنانية العمالية أو المهنية أو المهن الحرة.
كما صدرت في كانون أول (ديسمبر) 1992 قوانين جديدة أخرى حدَّت بشكل أكبر من خيارات العمل المتوافرة للفلسطينيين, مما أدى إلى وجود عدد كبير من الفلسطينيين الموظفين بشكل غير قانوني أو في القطاعات غير الرسمية.
و في آب 2010 صادق مجلس النواب اللبناني على اقتراح قانونين يدخلا بعض التحسينات على واقع العامل الفلسطيني، دون أن تكون هذه التحسينات جذرية تسمح بقفزات كبيرة في واقع هذا العامل.
ليبيا
تعدّ الجماهيرية الليبية من الدول التي أودعت بروتوكول الدار البيضاء بتحفظ على المادة الأولى منه, بحيث تكون معاملة المواطنين الفلسطينيين المقيمين فيها في جانب العمل أسوة بمعاملة بقية الدول العربية، في حين نصت المادة الأولى من البروتوكول على معاملتهم أسوة بالمواطنين.
وقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في ليبيا عام 1992 بحوالي ثلاثين ألف لاجئ، وتعزى أسباب هذا الوجود إلى أن ليبيا كانت حتى فترة قريبة من أكثر الدول العربية التي منحت تسهيلات للفلسطينيين من حيث شروط الإقامة والعمل.
حق الإقامة
لم يعان اللاجئون من مشكلة الحصول على تأشيرة الدخول أو الخروج إلى ليبيا أو الإقامة فيها شأنهم في ذلك شأن مواطني الدول العربية، إلا أنه في عام 1995 أُكره الآلاف من الفلسطينيين على مغادرة ليبيا بظروف سيئة بناءً على قرار يقضي بترحيلهم براً وبحراً إلى بلدان اللجوء الأولى التي رفض بعضها بدوره استقبالهم نظراً لفقدانهم شروط الإقامة فيها ولا سيما أبناء غزة الذين فقدوا حقوق الإقامة نتيجة الاحتلال الصهيوني، فأقيم لهم مخيم على الحدود الليبية المصرية سكنه المئات منهم حتى نيسان 1997وقت سماح السلطات الليبية لهم الدخول من جديد.
وتسود في أوساط الفلسطينيين المقيمين في ليبيا مخاوف الترحيل بعد أن ألغت السلطات الليبية إقاماتهم في ذلك البلد، ومنحتهم تصاريح فردية لمرة واحدة للخروج والدخول من ليبيا وإليها.
حق العمل
هاجر الكثيرون من الفلسطينيين الذين عانوا من البطالة أو قيود السفر في الأقطار العربية الأخرى للعمل في ليبيا، ويعمل معظم الفلسطينيين في الجهازين التعليمي والصحي بالإضافة إلى قطاع البناء.
وبالمقابل فإن إعلان الحكومة الليبية عن نيتها تقليص العمالة الأجنبية في البلد شكل هاجساً لدى ا لكثير من العمال الفلسطينيين جعلهم يبحثون عن البديل.
الكويت
قدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في الكويت إبان الغزو العراقي بحوالي أربعمائة ألف نسمة، وتعود جذور اللاجئين الفلسطينيين في الكويت إلى مرحلة مبكرة من النكبة.
وتعدّ الكويت من الدول العربية التي أودعت بروتوكول الدار البيضاء موقعاً مع تحفظها على المادة الأولى منه، بحيث لا تشمل العمل الحر أسوة بالمواطنين, ذلك لان العمل الحرفي خاضع لبنود خاصة مطبقة في دولة الكويت.
حق الإقامة
أبرمت الكويت العديد من الاتفاقيات مع الدول العربية ألغت بموجبها متطلبات الحصول على التأشيرة، نظراً لحاجتها إلى العمالة الأجنبية، فكان العدد الأكبر ممن تدفق من اللاجئين الفلسطينيين الذين حصلوا على جوازات سفر أردنية، أما حملة الوثائق فكانوا ممن واجهوا صعوبات كبيرة في الدخول إلى الكويت نظراً لعدم وجود حكومة فلسطينية تنظم شؤون رعاياها.
بالمقابل مارست الحكومة الكويتية رقابة شديدة على الدخول والإقامة والعمل من خلال نظام التصاريح المبني على وجوب الطلب الشخصي أو الكفيل المقدم عن طريق وزارة الداخلية ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، كما فرضت التشريعات الكويتية على من انتهت عقود عملهم مغادرة البلاد فورا ورتبت على ذلك جزاءات امتدت من الغرامة المالية حتى السجن والترحيل.
حق العمل
شغل اللاجئون الفلسطينيون في الكويت في مرحلة ما قبل حرب الخليج مجالات عمل عديدة منها العمل الحكومي وقطاع التعليم وشركات النفط والبنوك ووسائل الإعلام والمقاولات وغيرها، كما سمحت القوانين لمن أمضى خمس سنوات من العمل المستمر حق الانتساب إلى النقابات الكويتية دون منحه حق الترشح أو الانتخاب.
إلا أن غزو العراق للكويت وتأييد منظمة التحرير الفلسطينية للعراق أدى إلى إنهاء خدمات ثلاثمائة وخمسين ألف فلسطيني, مما حتم عليهم مغادرة البلاد وفقاً للقانون الكويتي بغض النظر عن المدة التي مكثوا فيها.
إن القوانين التي حكمت العمل في الكويت لم تنصف الفلسطيني لخصوصية وضعه لاجئا، لأن رحيله عن الكويت جعله يدور في فلك المعاناة ولا سيما من لا يحظى منهم بجواز سفر.
النتائج والتوصيات
شكل بروتوكول الدار البيضاء بادرة حسنة من الدول العربية تجاه الفلسطينيين المنتشرين في الدول العربية ووضع مجموعة من الخطوط التوجيهية فيما يتعلّق بالتشغيل، والإقامة ووثائق السفر، لكن تحفظّات عدد من الدول أحدثت نوعاً من المحدودية والقصور على هذه المسائل، وبالتالي فهو لم يخرج عن كونه بيان حسن نية لا أكثر.
ومنه نستطيع التوصل إلى النتائج والتوصيات الآتية:
• تبنت الحكومات العربية مواقف متمايزة في تنفيذ بروتوكول الدار البيضاء، فقد عمدت دولتان عربيتان فقط، فيهما وجود كبير للاجئين، هما سورية والأردن إلى تنفيذ جميع بنود البروتوكول، بينما لم تنفذها الكويت ولبنان قط، ونفذتها مصر وليبيا بصورة غير منسقة، وبقي وضع اللاجئين حكراً على الأوضاع السياسية السائدة في المقام الأول.
• رغم التزام مصر بميثاق جامعة الدول العربية بشأن القضية الفلسطينية وحماية وجود الفلسطينيين وبروتوكول الدار البيضاء الذي يعطي الحق للفلسطينيين بمغادرة أراضي الدولة التي يقيمون فيها والعودة إليها دون شرط أو قيد، إلا أن الواقع غير ذلك حيث يمكن للفلسطيني مغادرة الإقليم المصري وقتما شاء لكنه لا يمكنه العودة إلا بإحدى طريقتين؛ أن تكون عودته قبل ستة أشهر من تاريخ المغادرة, أو تقديم إثبات على العمل في الخارج, أو الالتحاق بالدراسة وذلك ليمنح فيزا عودة لمدة سنة واحدة علمًا بأن أي تأخير في العودة يؤدي إلى حرمانه من دخول الأراضي المصرية.
• صنف القانون اللبناني الفلسطيني المقيم في لبنان كأجنبي, وبالتالي ينطبق عليه قانون عمل الأجانب لجهة إجازة العمل ومبدأ المعاملة بالمثل، وذلك بالرغم من عدم وجود دولة فلسطينية مستقلة تعامل اللبناني في فلسطين كالعامل الفلسطيني في لبنان، وما يشكله من مخالفة لبروتوكول الدار البيضاء الذي ينص على أن: "يعامل الفلسطينيون في الدول العربية التي يقيمون فيها معاملة رعايا الدول العربية في سفرهم وإقامتهم وتيسير فرص العمل لهم".
• إن تبني الجامعة العربية القرار 5093 في العام 1991 الذي اشترط معاملة الفلسطينيين حسب الأحكام والقوانين المعمول بها في كل دولة أضعف في الواقع الالتزامات القانونية التي أقرها بروتوكول الدار البيضاء.
• صدر بعد هذا البروتوكول العديد من القرارات الجماعية والفردية التي تكررت فيها المواقف الحاثة على تطبيق البروتوكول، ولم تقم أية دولة عربية بتطبيق هذه القرارات بشكل كامل أو ثابت.
• لم تتعرّض الجامعة العربية لعدد من التفاصيل المحددة لوضع اللاجئين الفلسطينيين الذين هُجّروا لأول مرّة في العام 1967، ووضعية اللاجئين الذين لا يندرجون تحت مصنفات لاجئي العام 1948 ولاجئي العام 1967، والمهجرين الفلسطينيين في الداخل وبالتالي فإن أمور فئة كبيرة من الفلسطينيين لا تزال تراوح مكانها بانتظار تسوية شؤونها في بعض الدول العربية.
• دلّت تحقيقات مؤتمر المشرفين على الشؤون الفلسطينية، على أن مستوى تطبيق معايير جامعة الدول العربية حول معاملة الفلسطينيين في بعض الدول الأعضاء متدنٍّ. ولا سيما في أعقاب حرب الخليج الثانية، عندما تبّنت الدول الأعضاء في الجامعة العربية قرار 5093، في العام 1991، الذي يخول الدول بمعاملة اللاجئين الفلسطينيين بموجب المعايير والتشريعات الوطنية التي ترتئيها الدولة المضيفة مناسبة، بدلا من الالتزام ببنود "البروتوكول".
• بالنسبة للدول العربية التي دخلت إلى الجامعة العربية بعد توقيع البروتوكول لا تزال غاضة الطرف عنه غير مبدية موقفها حياله مما جعل البروتوكول عرضة للتهميش من قبل مجموعة كبيرة من دول الجامعة العربية، لذلك يتوجب على الجامعة العربية الطلب إلى تلك الدول رسمياً العمل على المصادقة على البروتوكول وتفعيله.
إن نطاق الحماية الممنوحة للاجئين الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة بموجب بروتوكول الدار البيضاء لعام 1965 هو أضيق بكثير من نطاق الحماية الذي يتمتع به اللاجئون عامة، وفق المعاهدات والاتفاقات المعمول بها في هذا الخصوص دوليا. ولذا فإن المطلوب هو التزام أكبر من جانب العديد من الدول العربية بتطبيق معايير البروتوكول وإزالة العقبات التي تحول دون تطبيقها على المستوي الوطني، ومن ثم موائمة الحماية المطبقة على اللاجئين الفلسطينيين في هذه الدول مع معايير الحماية الدولية.
المراجع
1. إسرائيل في خمسين عاما – المشروع الصهيوني من المجرد إلى الملموس – د. إلياس شوفاني، دار جفرا للدراسات والنشر الطبعة الأولى، 2002 م الجزء 3.
2. إشكالية الوجود الفلسطيني في لبنان - إعداد: د. سميح شبيب ورقة مقدمة إلى ورشة عمل التي أقامتها دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير بعنوان اللاجئون الفلسطينيون في لبنان - رام الله - 28 أيار 2004، الشبكة العنكبوتية.
3. انظر في الشبكة العنكبوتية صفحة البروتوكول hrm-group.com
4. انظر في قانون الجنسية الأردنية رقم 6 لسنة 1954 الفصل الأول – أحكام عامة.
5. أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان – تحرير د. محسن صالح – مقالة محمود الحنفي – الواقع القانوني للاجئين الفلسطينيين في لبنان – مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت – 2008 ط أولى.
6. التقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2009 – المؤشرات السكانية - تحرير د. محسن صالح – مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت ط 1.
7. الجزيرة نت، قسم البحوث والدراسات- الجامعة العربية أهداف ومبادئ.
8. دراسة بعنوان توطين اللاجئين الفلسطينيين في العراق – إبراهيم العلي – تجمع العودة الفلسطيني واجب – دمشق 2010.
9. موقع تجمع العودة الفلسطيني واجب على الشبكة العنكبوتية.
10. عباس شبلاق، قرارات جامعة الدول العربية الخاصة بإقامة الفلسطينيين في الدول العربية. مركز اللاجئين والشتات الفلسطيني (شمل)، رام الله – فلسطين، 1997.
11. عيسى أبو زهيرة - حقوق اللاجئين في ظل التسوية الراهنة - group194.net
12. الفلسطينيون في لبنان الدكتور سعود المولى. الشبكة العنكبوتية..
13. اللاجئون الفلسطينيين في سورية - دراسة قانونية مقدمة إلى أعمال ندوة اتفاقية 1951 للأمم المتحدة الخاصة باللاجئين التي نظمتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين - شيراتون دمشق: 27 شباط – 3 آذار 2005 د. إبراهيم درّاجي مدرس القانون الدولي – كلية الحقوق – جامعة دمشق.
14. مجلة العودة – العدد 30 - آذار 2010 - اللاجئون الفلسطينيون في دول الطوق والعراق فرقتهم النكبة وتجمعهم المعاناة- إبراهيم العلي – دمشق.
15. مجلة فلسطين المسلمة – العدد التاسع السنة الثامنة والعشرون. متابعات – احمد الحاج.
16. مجموعة عائدون – الورقة التي قدمتها المجموعة إلى ندوة نظمتها بالتعاون من الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب في سورية تحت عنوان – الحقوق الأساسية للاجئين الفلسطينيين في البلدان المضيفة (الواقع والمسؤولية) بين 12 و14 كانون أول 2005.
17. مصطلحات ومفاهيم القانون الدولي لحقوق الإنسان شبكة طلاب فلسطين الأولى.
18. معاناة اللاجئ الفلسطيني – إعداد مريم عيتاني ومعين مناع – تحرير د. محسن صالح – مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت ط 1 2010 م.
19. مقابلة مع السيد إبراهيم شحادة مدير مركز اللغات والترجمة – دمشق.
20. مقابلة مع المحامي أحمد أبو عيد الذي تعاقد للعمل مدرساً في الفترة ما بين 1964- 1968 في الجزائر - دمشق.
21. مقررات قمة أنشاص 1946- موقع الجزيرة.aljazeera.net/KnowledgeGate.
22. موقع أجراس العودة - الفلسطينيون في مصر بين السياسات التمييزية والإقصاء من الجنسية ajras.orgبيسان عدوان.
23. موقع الجالية الفلسطينية على الشبكة العنكبوتية (aljalia.org).
24. وضع اللاجئين الفلسطينيين في القانون الدولي – لكس تاكنبرغ – مؤسسة الدراسات الفلسطينية بيروت 2003 ط 1.
25. الفلسطينيون في العالم العربي – لوري أ. براند بناء المؤسسات والبحث عن الدولة. مؤسسة الدراسات الفلسطينية بيروت.
26. مستقبل اللاجئين الفلسطينيين وفلسطينيي الشتات – ندوات – 37 – مركز دراسات الشرق الأوسط – عمان.
27. الفلسطينيون في العراق.. الواقع والمآل - طارق حمّود. تجمع العودة الفلسطيني واجب.